بدا واضحاً أن التيار الإسلامي في مصر آثر الابتعاد عن تفاعلات الأزمة السياسية، خلال الفترة الأخيرة، مفضلاً الانشغال بترتيبات الانتخابات التشريعية المقرر أن تنطلق في آذار (مارس) المقبل، فكثفت جماعة الإخوان المسلمين وحزبها «الحرية والعدالة» من استعداداتها لهذا الاستحقاق المهم، عبر انتخابات داخلية لاختيار مرشحيها ومحادثات مع عدد من المستقلين والأحزاب المقربة منها لخوض الانتخابات. وفي غضون ذلك، اختار «حزب النور»السلفي ب «التزكية» يونس مخيون رئيساً له، ليخلف عماد عبد الغفور الذي انشق مع آخرين عن «النور» ليدشنوا قبل أيام حزب «الوطن». وكان «حزب النور» عقد أمس جمعية عمومية طارئة لانتخاب هيئته العليا الجديدة قبل أن يعلن مصطفى خليفة انسحابه لمصلحة منافسه الوحيد يونس مخيون الذي أعلن فوزه برئاسة الحزب ب «التزكية». وقال مخيون في كلمة له بعيد انتخابه «نسعى الى تطبيق الشريعة الإسلامية من اجل مصر وسنعمل على تنقية كل القوانين مما يخالف الشريعة الإسلامية» وأضاف: «البلد بلدنا جميعاً ولا نريد التفرد بالسلطة على الإطلاق». وخلال كلمته، حاول مخيون توجيه رسائل طمأنة للأقباط بقوله: «انتم في أمن وأمان وسلامة كاملة ولن تروا منا إلا القسط والبر»، كما خاطب المرأة قائلاً: «لا يوجد شريعة على وجه الأرض أعطت المرأة حقها، كما أعطت الشريعة الإسلامية». وقال مخيون في تصريحات ل «الحياة»، إن «حزب النور سيبدأ على الفور في ترتيب البيت من الداخل والاستعداد بقوة للاستحقاق التشريعي»، وأكد أن حزبه «منفتح على عقد تحالف انتخابي مع التيارات الإسلامية الأخرى». وأكد الرئيس الجديد ل «حزب النور»، أن محادثات تجري بين القوى الإسلامية للتحالف في الانتخابات المقبلة، مشيراً إلى أن حزبه «منفتح على الجميع (الإسلاميين والقوى المدنية) لكننا نفضل التحالف مع الإسلاميين»، وشدد على ضرورة أن يحافظ أي تحالف على «حجمنا الحقيقي»، وقال: «سنعمل على ترسيخ وجودنا في الشارع». في غضون ذلك اعتمدت جماعة الإخوان المسلمين وحزبها «الحرية والعدالة» أسلوباً جديداً لاختيار مرشحيها في الاستحقاق التشريعي المقرر في آذار (مارس) المقبل، يعتمد على اختيارهم عبر انتخابات داخلية يحق فيها لأعضاء الشعب والمناطق الترشح والتصويت تمهيداً لعملية تصفية أولى تجرى عبر المكاتب الإدارية التي تقدم إلى القيادات المركزية قائمتين أو ثلاث للاختيار منها. وأوضح مصدر قيادي في الإخوان ل «الحياة»، أنه «تجرى الآن انتخابات على مستوى الشُعب والمناطق في المحافظات المختلفة يحق فيها الترشح والتصويت لجميع أعضاء الجماعة، قبل أن تبدأ يتم تقديم الترشيحات إلى المكاتب الإدارية التي تقوم بتصفية أولية لتقدم إلى القيادة العليا (مكتب الإرشاد والهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة) قائمتين أو ثلاث للاختيار، ليكون لهم الكلمة الفصل في تحديد القوائم». وأشار المصدر إلى أن عمليات الاختيار ستنتهي خلال أسبوعين على الأكثر، لكنه لفت إلى أن القوائم النهائية سيتم إرجاؤها انتظاراً إلى حسم مواقف الحلفاء، وأكد أن قوائم الإخوان ستشهد الدفع بوجوه جديدة بدلاً من الأسماء التي شغلت مناصب، سواء وزراء أو محافظين. وكان المصدر نفسه أكد ل «الحياة» أن قادة الإخوان المسلمين الذين تم تعيينهم في الأيام الأخيرة في مجلس الشورى وعلى رأسهم نائب رئيس «الحرية والعدالة» عصام العريان والقياديان في الحزب صبحي صالح وجمال حشمت، لن يخوضوا الاستحقاق التشريعي المقبل، إذ سيستمرون في أداء مهمتهم في الشورى على أن يخوضوا انتخابات الشورى المقررة بعد عام. وسألت «الحياة» المصدر بخصوص موقف ترشح رئيس «الحرية والعدالة» سعد الكتاتني في الانتخابات المقبلة، فأجاب أن مجلس شورى الإخوان سيجتمع لحسم هذا الأمر، سواء بخوضه الاستحقاق على رأس إحدى قوائم محافظ قنا (صعيد مصر) تمهيداً للدفع به لرئاسة البرلمان المقبل، أم يبتعد عن الانتخابات ويستمر في قيادة الحزب. أما على صعيد استعدادات حزب «الوطن» (تحت التأسيس) الذي يضم منشقين عن حزب النور السلفي، فقال القيادي في الحزب يسري حماد، إن حزبه سيعتمد «معايير الكفاءة والقدرة الإدارية والاستقامة والسيرة الحسنة» في اختيارات مرشحيه، مشيرا إلى أنه بدأ بالفعل إعداد قوائمه، وأنه أبرم تحالفاً مع المحامي السلفي المثير للجدل حازم صلاح أبو إسماعيل وحزبي «البناء والتنمية» الذراع السياسية للجماعة الإسلامية و «الأصالة» الذراع السياسية للجبهة السلفية، وأوضح أن تلك الأحزاب ستبدأ في اختيار مرشحيها وإعداد قوائمهم منفردين، من خلال مجمعات انتخابية شكلوها في المحافظات المختلفة، تمهيداً لدمج تلك القوائم في قوائم موحدة. من جانبه، أكد الرئيس الجديد ل»حزب الأصالة» السلفي إيهاب شيحة، أن الحزب يسعى ليكون ممثلاً داخل التشكيل الوزاري المقبل. وقال إن الليبرالية بالطابع المصري ليست بعيدة من الدين. وأشار شيحة، خلال المؤتمر الجماهيري الأول له، الذي أقيم في محافظة السويس، إلى أن فكرة حزب الأصالة «جاءت من أجل تنفيذ المشروع الإسلامي ونصرته ولم تكن لشق التيار السلفي»، مشيراً إلى أن «الأصالة لا يخضع لجماعة منظمة وإنما ولاؤهم لله ولنصرة دين الله، وهو منهج السلفيين». في غضون ذلك، كشفت مصادر قيادية في جماعة الإخوان اتجاهاً «لنزول الإسلاميين في تظاهرات موازية لحشد المعارضة في الذكرى الثانية للثورة المصرية (25 الشهر)»، فيما بدا «عرضاً للقوة» قبل الاستحقاق النيابي. وقال المصدر ل «الحياة» إنه «لم يتم حسم الأمر حتى الآن. هناك محادثات تجري بين قادة التيار الإسلامي في هذا الشأن. لكن الاتجاه الأقوى هو الاحتشاد في أحد الميادين الكبري في القاهرة وعدد من المحافظات المصرية»، وشدد على أن «التظاهر ليس حكراً على أحد الفصائل».