لفت عضو الدائرة الإدارية في محكمة الاستئناف الإدارية في منطقة مكةالمكرمة فهد القحطاني إلى أن تعدد محاكم الاستئناف الإدارية في مرحلتنا الانتقالية - حيث يتم تدقيق الأحكام القضائية - غير مؤثر في استقرار الأحكام والمبادئ، وذلك لأسباب عدة، منها أن هذه المحاكم يقوم عليها قضاة نحسب أنهم على دراية تامة بالمبادئ القضائية، ثم إنها تنظر القضية كمحكمة نظام لا محكمة وقائع في غالب مسارات القضايا، إلا ما تم نقضه للمرة الثانية. وقال: «من المؤكد أن استقرار الأحكام سبب رئيس لتحقيق العدالة ونزاهة الدعاوى، واستقرارها ضمانة لحقوق المتداعين، ومن الأسباب الموصلة لذلك نشر الأحكام القضائية، وديوان المظالم كان سباقاً في هذا المضمار كما تعلمون من إصدار مجموعة من الأحكام والمبادئ النظامية، ففيها نشر للمعرفة وخدمة للباحثين». وأوضح أن الفائدة من توحيد المبادئ تكمن أنها تنير السبيل أمام القضاء، ليصبح توحيد المبادئ ضرورة ملحة أمام المتعاملين مع القضاء للوصول إلى النتيجة السليمة المؤسسة على أسباب قوية موصلة لها ما يلزم القاضي في المحكمة الابتدائية إلى الأخذ بتلك المبادئ ومراعاتها في أحكامه، ويكون للاستئناف حق الرقابة على تلك الأحكام، إذ إن مهمة القاضي الإداري ليست مجرد تطبيق قواعد مقننة، بل هي في الأغلب ابتداع الحلول القانونية، التي تتلاءم مع الطبيعة الخاصة للروابط التي تنشأ بين الإدارة والأفراد في مجالات القانون العام وفق أسس العدالة. وأشار إلى أن الالتزام بتلك المبادئ يضفي عليها صفة الاستقرار، وتؤكد ذلك النصوص النظامية الواردة في ذلك، إذ تضمن نظام القضاء في المادة ال13 الفقرة الثانية (أ) أن تتولى الهيئة العامة للمحكمة العليا مسائل، منها تقرير مبادئ عامة في المسائل المتعلقة بالقضاء، كما أشار النظام في المادة ال71 إلى أن مركز البحوث بوزارة العدل يتولى نشر الأحكام القضائية، وفي نظام ديوان المظالم نص نظامه على أن يتولى مكتب الشؤون الفنية تصنيف الأحكام وطبعها ونشرها. وأفاد بأن المبادئ القضائية هي في حقيقتها لا تعدو أن تكون ثمرة من ثمرات السوابق القضائية، والسابقة القضائية هي ما تلتزم به المحكمة الابتدائية من تطبيق لأساسيات استقر عليها قضاء الاستئناف على قضايا متشابهة في وقائعها ومسائلها، بل إن معظم قواعد القانون الإداري ومبادئه مستمدة في تاريخها من أحكام القضاء، وبذلك تكون أحكام القضاء الإداري المصدر الرئيسي لقواعد القانون الإداري، ويرجع ذلك إلى حداثة نشأته، إذ صاحب ذلك تطور الظروف الإدارية التي لم تستطع معها بعض التنظيمات القانونية ملاحقتها، وبالتالي لم يجد القاضي الإداري من سبيل أمامه سوى استنباط الحلول من وقائع الدعوى المعروضة عليه إلى أن يتوصل في النهاية إلى حسم للنزاع بمبادئ يستقر عليها القضاء الإداري، وتصبح بمرور الوقت مبادئ قضائية ملزمة.