استبشر محامون بتعيين الشيخ عبدالعزيز النصار رئيسا لديوان المظالم، موضحين أن ذلك يسهم في حلحلة كثير من الملاحظات التي كان يعاني منها الديوان في وقت سابق، ودعوا إلى استكمال ما بناه الرئيس السابق الشيخ إبراهيم الحقيل. وبينوا ل«عكاظ» أن المرحلة المقبلة تستدعي تلافي عدم احترام التخصص في تشكيلات الدوائر القضائية، وتلافي الهدر المالي الذي كان ملاحظا في السابق من خلال إشراك منسوبي الديوان في دورات لم تلحظ آثارها، وكذلك استئجار مبان عديدة لمقار المحاكم الإدارية، واقترحوا أيضا إنشاء رصد آلي في مجالس الحكم لتكون حصانة للقاضي عند تظلم الخصوم، وتفعيل التدريب ودفع عجلته، والحكم غيابيا لدى تخلف الجهات الحكومية عن الحضور. ودعوا إلى تفعيل علانية الجلسات في مجالس القضاء، وإفساح المجال لحضور عدد أكبر، ما يسهم في نشر الثقافة القانونية لدى كثيرين ممن يجهلون حقوقهم وأحقيتهم في المطالبة بها. وطالب آخرون بالإسراع في عمليات تدقيق الأحكام بعد صدورها وتوسيع اختصاصات الديوان لتشمل بقية القضايا مثل التأديب والفساد المالي والإداري وإساءة استعمال السلطة وإنشاء معهد صغير يتبع الديوان لتدريب القضاة الجدد، إضافة إلى الاستفادة من خبرات بعض الدول العربية التي لها نوع تميز في مجال القضاء الإداري، فإلى التفاصيل: المحامي مطلق الفغم دعا إلى حل الإشكاليات التي لاتزال موجودة ومن أهمها طول فترة التقاضي وخصوصا خلال فترة الاستئناف، متمنيا للنصار التوفيق في تحمل هذه المسؤولية. وشكرا الشيخ إبراهيم الحقيل على ما قام به من جهود خلال فترة ترؤسه للديوان. القاضي سابقا في ديوان المظالم والمحامي حاليا الشيخ محمد بن سعود الجذلاني قال استبشرت خيرا كثيرا بسماعي لنبأ تعيين الشيخ عبدالعزيز النصار رئيسا لديوان المظالم وسبب ذلك التفاؤل هو لأنه ممن عمل طويلا في القضاء الإداري وتدرج في السلك القضائي بجدارة حتى وصل لرئاسة المحكمة الإدارية في جدة. وأضاف «هذا مما يجعله أحرى وأقرب لإدراك ومعرفة احتياجات هذا الجهاز القضائي الحساس والهام ويتفهم أكثر من غيره ممن لم يكن لهم خبرة في القضاء الإداري الإشكالات التي تعترض سير هذا القضاء والوسائل التي تحقق قيامه بواجبه الذي يهدف إليه ولاة الأمور في حفظ حقوق الناس وحراسة مبدأ المشروعية وسيادة حكم النظام على الجميع». وزاد «كما أن تدرج الشيخ النصار من العمل قاضيا ثم رئيس محكمة ثم رئيسا للديوان لا شك أنه يمنحه فرصة وخبرة كبيرة في القدرة على تفهم احتياجات الناس والتعامل معهم والقدرة على اتخاذ القرار المناسب وكل هذه العناصر ضرورية لنجاح أي مسؤول بخلاف من يعين في المنصب دون خبرة في هذا النوع من القضاء ودون سابق تجربة في القيادة». وقال الجذلاني بصفتي أحد قضاة ديوان المظالم سابقا وأحد رجال القانون والمحامين حاليا، أتطلع إلى أن أرى في عهده تلافيا للسلبيات الكثيرة التي كانت تحدث في ديوان المظالم خاصة في عدم احترام الأقدمية القضائية وعدم احترام التخصص في تشكيلات الدوائر القضائية وهدر الكثير من الجهود والطاقات في أمور ليس منها كبير فائدة مثل التركيز على تقديم دورات تدريبية للقضاة بعيدة عن احتياجهم الفعلي وعن تخصصهم. كما تطلع إلى حفظ حقوق المتقاضين والتواصل المثمر والمفيد مع المحامين والتعامل معهم باعتبارهم أعوان العدالة لا أطرافا في الخصومة، وفتح قناة للحوار معهم وسماع ملاحظاتهم والاستعانة بها في تطوير الأداء. احترام المحامين وبين أن من أهم الأمور أيضا حث القضاة على احترام المحامين وتمكينهم من القيام بدورهم ومحاسبة من يخالف ذلك دون مبرر سيما وأنه كانت لي تجربة سيئة مع أحد القضاة الذين تجاوزوا حدود النظام وخرق قواعد العدالة وضمانات الدفاع بافتعال مشكلة لا أساس لها والتعسف في اتخاذ إجراء باطل نظاما، مشيرا إلى أنه لم يجد من رئاسة الديوان السابقة أي تعاون أو تجاوب لمعالجة هذا التجاوز غير المقبول. وتمنى من رئيس الديوان الجديد التفهم الكامل لدور الإعلام والانفتاح المسؤول معه خاصة للمتخصصين من الإعلاميين وتقبل النقد الموضوعي البناء بصدر رحب سيما وأن خادم الحرمين الشريفين طالب الكتاب بهذا النوع من النقد وحثهم عليه. حازم وحريص أما رئيس لجنة المحامين في أبها يحيى الشهراني، فقال: لعل من الصفات التي تميزه وتزيد من استبشار الناس خيرا بتعيينه، ما عرف به النصار من حزم في الالتزام بمواعيد الجلسات وعدم إتاحة الفرصة للمماطلين في تمديد أجل التقاضي والحرص على رفع القضية للمداولة وإصدار الحكم متى ما تهيأت القضية واتضحت ملامحها، كما أنه قوي التسبيب في اختصار الوقائع والرد عليها ومناقشتها وحريص على انعقاد الدائرة بكامل تشكيلها أثناء نظر القضايا وحازم في إدارة الجلسات دقيق في توجيه الأسئلة والاستفهامات حتى غلب على أحكامه التأييد فلا تكاد تسمع أن حكما أصدره وتم نقضه. ولاحظ الشهراني خلال الحقبة الماضية هدرا ماليا في استئجار الكثير من المباني التي لم تهيأ بالكوادر البشرية اللازمة لإدارة العمل بها مما حمل الخزينة ملايين الريالات كقيمة إيجارية عدا مصروفات الصيانة والتشغيل والتي تم ترسيتها على بعض الشركات والمؤسسات، كما لاحظنا هدرا ماليا في اعتماد بعض الدورات الخارجية والداخلية في بعض الدول والمناطق دون أن نرى على أرض الواقع أي أثر عملي لمثل هذه الدورات، ناهيك عن انشغال القضاة بالسفر إلى دول الخارج ومناطق الداخل مما أربك سير العمل وعطل نظر القضايا وألحق الضرر والأذى بالمتقاضين، فضلا عن تفريغ عدد كبير من القضاة لممارسة بعض الأمور الإدارية التي ليست من اختصاصهم وصرفهم بمثل تلك الأعمال عن النظر في القضايا المقيدة لديهم مما كان سببا في توقف النظر في سير الكثير من الدعاوى وبالتالي إلحاق الضرر بالكثير من أفراد المجتمع وتعطيل مصالحهم». وبين الشهراني أنه لوحظ خلال الفترة الماضية تركيز الكثير من الدورات ذات الطابع الشخصي والسلوكي وتنمية المهارات للكثير من قدامى قضاة الديوان والذين أصبح البعض منهم أقرب إلى الإحالة إلى التقاعد في الوقت الذي لاحظنا فيها اختيار مجموعات كبيرة من الملازمين القضائيين الجدد لتعيينهم قي المناطق والمحافظات والعهدة إليهم بنظر القضايا والمشاركة في تشكيل الدوائر القضائية دون خبرات سابقة ودورات تأهيلية عميقة مما انعكس على جودة صياغة الأحكام وعدم التزامها بما استقر عليه العمل من مبادئ مقررة كان العمل قد استقر عليها. وخلص إلى القول إلى أن هناك مجموعة اقتراحات على الرئيس الجديد تتلخص في إيلاء الأفرع الجديدة المفتتحة حديثا الكثير من الاهتمام والمتابعة من خلال تكثيف الزيارات التفتيشية على أعمال القضاة بها والذين يغلب عليهم الجدة في العمل وعدم توافر الخبرة، التوجيه بإعادة جميع القضاة المفرغين للعمل في بعض المهام الإدارية إلى أماكنهم القضائية وتكليفهم وبشكل عاجل بالفصل في الخصومات المعلقة لديهم، تفعيل دور الرقابة والتفتيش على أعمال القضاة واعتماد تقويم الأداء كعامل رئيس في متطلبات الترقية وإعادة تشكيل دوائر التفتيش القضائي واختيار الأكفأ والأجدر والأفضل للعمل في تلك الدوائر، وتكثيف الدورات العلمية والعملية للملازمين القضائيين والقضاة الجدد مع تكثيف جوانب المراقبة والمتابعة والتقويم على أعمالهم. والتأكيد على انعقاد جميع الدوائر بتشكيلها الكامل أثناء نظر القضايا وتفعيل مبدأ علانية الجلسات ومتابعة سير الأداء والإنجاز من خلال رفع تقارير شهرية تتضمن ما نظر وما هو قيد النظر وما تم الفصل فيه وما تم تأييده مما تم نقضه. وعول الشهراني على رئيس الديوان الجديد أن يخرج في عهده مدونة قضائية جديدة منقحة شاملة لما استقر عليه العمل من مبادئ وأن تكون متاحة للجميع من أفراد المجتمع. رصد وتسجيل من جهته، بين رئيس لجنة المحامين بالمدينة المنورة سلطان بن زاحم أن من المسلمات أن يتنافس ديوان المظالم ممثلا في المحاكم الإدارية مع القضاء الطبيعي المتفرع من المحاكم التابعة لوزارة العدل، سواء من حيث الإجراءات من ناحية تنظيرية أو تطبيقية. وقال أعتقد أن فترة الشيخ إبراهيم اكتفت خطتها من النواحي التنظيرية وبدأت بأوليات المراحل التنفيذية، كان في مقدمتها إحداث فروع للمحاكم بأطراف المملكة، وأهمها إنشاء رصد آلي وتسجيل بمجالس الحكم ليكون حصانة للقاضي عند تظلم الخصوم من استيفاء حقوقهم كحقوق دفاع، الذي ننتظر من وزارة العدل الموافقة عليه للبدء في إنشائه. وأضاف «ننتظر من الرئيس الحالي إكمال الخطط وتسهيل إجراءت الدعوى للخصوم ابتداء من رفع الدعوى حتى انتهائها بحكم نهائي». قامة إدارية من جهته أوضح المحامي أحمد المالكي بأن الشيخ عبدالعزيز النصار قامة إدارية وقضائية فعالة ويملك من الخبرة الشيء الكثير بحكم إدارته لفرع المحكمة الإدارية بجدة متمنيا أن يوفق في إدارة الديوان. وأوضح المالكي أن من أبرز مطالب المحامين في الوقت الحالي سرعة تفعيل نظام ديوان المظالم الجديد والمساهمة الفعالة في تسريع آلية تنفيذ نظام القضاء وديوان المظالم الجديدين وما ينتج عنه من تخصيص ديوان المظالم كقضاء إداري بحت وإلغاء جميع الاختصاصات التي أوكلت إليه في المرحلة السابقة كالاختصاص التجاري والجزائي، وكذلك العمل على تفعيل نظام المحاماة وقصر الترافع أمام القضاء الإداري على المحامين المرخص لهم وفق نظام المحاماة، وكذلك سرعة البت في الدعاوى المنظورة أمام دوائر الاستئناف حيث تبقى بعض الدعاوى أكثر من ثلاث سنوات وهذا أمر مؤثر جدا على العملية القضائية. سرعة البت المحامي عبيد أحمد العيافي قال إن من أهم الملاحظات التي ينبغي الأخذ بها في المرحلة المقبلة، سرعة بت القضايا، إذ إن ذلك له دور حاسم في عدم إهدار الحقوق وضياعها وخصوصا ما هو منظور في محاكم الاستئناف الإدارية، التدريب المكثف للقضاة وتدريب الموظفين على استخدام الحاسب الآلي بشكل فعال، الفصل والحكم في القضايا غيابيا في حال تخلف الجهات الحكومية عن حضور الجلسات. إكمال البناء ويقترح المحامي أحمد السديري من الشيخ عبدالعزيز أن يكمل الطريق الذي بدأه سلفه في تطوير أداء قضاء الديوان، الذي بوصفه يعاني قصورا لا يجادل فيه اثنان: أولهما أن الكثير من القضاة لم يدرسوا القوانين الإدارية سواء في كلية الشريعة أو في معهد القضاء العالي، مبينا أن دراستهم لها في هذا الأخذ لا تتعدى القشور، مضيفا «لهذا نلاحظ ضعفا في أداء القضاء وخصوصا حديثي التعيين». وقال «قدمت اقتراحا إلى الرئيس السابق الشيخ إبراهيم الحقيل وأكررها هنا وأعتقد أنها هي الحل الوحيد للرقي بأداء الديوان وهي تأسيس معهد صغير تابع لديوان المظالم يلتحق به القضاة الجدد الذين يعينون فور تخرجهم من كلية الشريعة والمعهد العالي للقضاء، على أن يكون التحاقهم بهذا المعهد قبل أن يسند إليهم أي منصب قضائي». واقترح أيضا إعطاء دروس مكثفة لمدة 18 شهرا للقضاة الجدد ليدرسوا فيها، النظرية العامة للقانون الإداري، النظرية العامة للقرارات الإدارية، النظرية العامة للعقود الإدارية، نظام الإجراءات القضائية أمام ديوان المظالم، ويدرسوا معها قضاء الإلغاء وقضاء التعويض. وتمنى السديري أن يستفاد من أساتذة القانون الإداري بمصر، مشيرا إلى أن لهم باعا طويلا في قضاء المظالم؛ لأن مجلس الدولة لديه أسس منذ 70 عاما وقضاؤه في المنازعات الإدارية أورث ثروة فقهية لها شأنها فضلا عن المؤلفات الفقهية لأساتذة القانون الإداري، مستحسنا أن يكونوا من المتقاعدين الذين لهم خبرة طويلة وواسعة في هذا المجال، لتترسخ لدى القضاة الجدد علومهم في هذا القانون ويستطيعوا استيعاب ما سيتولون الحكم فيه من قضايا. علانية الجلسات المحامي صالح الصقعبي اقترح أن يكون هناك علانية للجلسات ويفسح للجميع الحضور خصوصا أن القضايا الإدارية تتعلق كثيرا منها بالرأي العام وفتح المجالس سيكون له أثر في تثقيف الناس بحقوقها القانونية ويسهم في توعية المجتمع بحقوقه. التوسع في التعيين أما الدكتور زياد القرشي فتمنى أن يتم الاستفادة من مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء بشكل أكبر والتوسع في التعيين، وزيادة عدد مستشاري الديوان، وزيادة عدد الدوائر ليسهم ذلك في تخفيض الضغط وقوائم الانتظار التي يعاني منها الديوان في الوقت الراهن. نظام المرافعات أستاذ القانون والمستشار القانوني الدكتور عمر الخولي اقترح أن تستكمل المراحل التي قام بها الشيخ إبراهيم الحقيل الرئيس السابق للديوان، وتدارك عدد من الملاحظات التي قرأها في مشروع نظام المرافعات أمام الديوان قبل إصداره. توسيع الاختصاصات المحامي أحمد الراشد اقترح توسيع اختصاصات الديوان ليشمل جميع القضايا بدون استثناء، مشيرا إلى أن الديوان يحكم بعدم الاختصاص الولائي في كثير من القضايا، واقترح أيضا نظر محاكم الديوان في قضايا التأديب والفساد الإداري والمالي وإساءة استعمال السلطة. عمليات التدقيق أما المنسق وممثل المركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي في المملكة المحامي بدر بن فرحان الروقي تمنى أن يكون على رأس أولويات الرئيس الجديد الإسراع في عمليات التدقيق بعد صدور الحكم لأنه يأخذ فترة طويلة تصل إلى عام ونصف، وكذلك تفعيل الأحكام الغيابية على الدوائر الحكومية لمنع مماطلة المتخلفين عن الحضور. واقترح الإسراع بتشكيل جديد وهيكلة للمحاكم الإدارية وتسريع البت في القضايا وتقليل فترة المقاضاة وفتح عدد من محاكم التدقيق في أكثر من منطقة داخل المملكة لتسريع الإجراءات.