ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان    سلمان بن سلطان: نشهد حراكاً يعكس رؤية السعودية لتعزيز القطاعات الواعدة    شركة المياه في ردها على «عكاظ»: تنفيذ المشاريع بناء على خطط إستراتيجية وزمنية    تحت رعاية خادم الحرمين.. «سلمان للإغاثة» ينظم منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع    "موسم الرياض" يعلن عن النزالات الكبرى ضمن "UFC"    رينارد يواجه الإعلام.. والدوسري يقود الأخضر أمام اليمن    وزير داخلية الكويت يطلع على أحدث تقنيات مركز عمليات 911 بالرياض    عمان تواجه قطر.. والإمارات تصطدم بالكويت    الجيلي يحتفي بقدوم محمد    جسر النعمان في خميس مشيط بلا وسائل سلامة    تيسير النجار تروي حكاية نجع في «بثينة»    الصقارة.. من الهواية إلى التجارة    زينة.. أول ممثلة مصرية تشارك في إنتاج تركي !    "الصحي السعودي" يعتمد حوكمة البيانات الصحية    مستشفى إيراني يصيب 9 أشخاص بالعمى في يوم واحد    5 طرق لحماية أجسامنا من غزو البلاستيك    استراتيجية الردع الوقائي    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يلتقي بابا الفاتيكان    26 مستوطنة إسرائيلية جديدة في عام 2024    استدامة الحياة الفطرية    قدرات عالية وخدمات إنسانية ناصعة.. "الداخلية".. أمن وارف وأعلى مؤشر ثقة    إعداد خريجي الثانوية للمرحلة الجامعية    "فُلك البحرية " تبني 5600 حاوية بحرية مزود بتقنية GPS    محمد بن سلمان... القائد الملهم    البرازيلي «فونسيكا» يتوج بلقب بطولة الجيل القادم للتنس 2024    برنامج الابتعاث يطور (صقور المستقبل).. 7 مواهب سعودية تبدأ رحلة الاحتراف الخارجي    العقيدي: فقدنا التركيز أمام البحرين    قطار الرياض.. قصة نجاح لا تزال تُروى    تعاون بين الصناعة وجامعة طيبة لتأسيس مصانع    وتقاعدت قائدة التعليم في أملج.. نوال سنيور    «بعثرة النفايات» تهدد طفلة بريطانية بالسجن    رشا مسعود.. طموح وصل القمة    5.5% تناقص عدد المسجلين بنظام الخدمة المدنية    فريق علمي لدراسة مشكلة البسر بالتمور    "الداخلية" تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    تنمية مهارات الكتابه الابداعية لدى الطلاب    منصة لاستكشاف الرؤى الإبداعية.. «فنون العلا».. إبداعات محلية وعالمية    محافظ جدة يطلع على برامج "قمم الشبابية"    تشريعات وغرامات حمايةً وانتصاراً للغة العربية    سيكلوجية السماح    عبد المطلب    زاروا معرض ومتحف السيرة النبوية.. ضيوف «برنامج خادم الحرمين» يشكرون القيادة    غارات الاحتلال تقتل وتصيب العشرات بقطاع غزة    آبل تطور جرس باب بتقنية تعرف الوجه    هجوم ألمانيا.. مشهد بشع وسقوط أبشع!    التشريعات المناسبة توفر للجميع خيارات أفضل في الحياة    سعود بن بندر يلتقي مجلس «خيرية عنك»    تجويد خدمات "المنافذ الحدودية" في الشرقية    خادم الحرمين يرعى منتدى الرياض الدولي الإنساني    ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة يصلون مكة ويؤدون مناسك العمرة    القبض على شخص بمنطقة الحدود الشمالية لترويجه «الأمفيتامين»    أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    كافي مخمل الشريك الأدبي يستضيف الإعلامي المهاب في الأمسية الأدبية بعنوان 'دور الإعلام بين المهنية والهواية    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    تجمع القصيم الصحي يعلن تمديد عمل عيادات الأسنان في الفترة المسائية    "مستشفى دلّه النخيل" يفوز بجائزة أفضل مركز للرعاية الصحية لأمراض القلب في السعودية 2024    نائب أمير مكة يفتتح غدًا الملتقى العلمي الأول "مآثر الشيخ عبدالله بن حميد -رحمه الله- وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام"    ولادة المها العربي ال15 في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«لماذا نزودها شوي؟»
نشر في الحياة يوم 08 - 01 - 2013

عاشت زميلتي وتربّت في الخارج، وعندما قدمت إلى بلادها العربية أرادت وبقوة أن تجدد عهدها مع لغتها الأم، فإذا بها تقع في لبس المعاني وأسئلة حائرة بلا أجوبة، وباعتبارها شديدة الاهتمام بمنطقة الأمور كما علمها «الفرنجيون»، فقد حاولت أن تسأل من تتوسم فيهم المعرفة، فتوهمت أن كاتبة السطور واحدة من هؤلاء، أمّا لماذا توهمت؟ فلأنني لم أجب على أكثر استفساراتها التي تحيلك في معظمها إلى الابتسام التلقائي بالرغم عنك! فأصحاب اللغة عادة ما يتشربون قواعد لغتهم، ولا يناقشونها، لأنهم لا يعيرونها انتباههم، بل يأخذونها كما أتتهم في الصغر، فإذا جاءهم سائل وسأل عن نطقها بشكلها الذي عليه! عندها قد يصمتون.. فيبحثون لهم عن جواب مقنع، فإذا أعياهم البحث، فقد يتفوهون بأسخف عبارة يتورطون بها، كقولهم: «لأنها كذلك»! ولأن لا شيء «كذلك» إلاّ بسبب، ولأنك إذا لم تعرف السبب فلا يعني أنه غير موجود، فلذلك كله قد توهمت صاحبتنا أن القول ما قالت ثريا، لتكتشف أن القول ما لم تقله ثريا.
ومن أطرف ما سمعت من زميلتي! سؤالها البديهي عن مدى أهمية تكرار الجمل، واحدة تلو الأخرى، مع أنها تحكي عن المعنى نفسه. فلِمَ لمْ يكتفِ الكاتب مثلاً بإيضاح فكرته بلا حشو زائد، لينتقل منها إلى فكرة أخرى محتاجة إلى البيان والتحليل، عوضاً عن الاستفاضة بشرح المشروح؟ هو سؤال منطقي، ولا شك، وتفسيره لا يعود إليّ، ولكن إلى جيناتنا العربية، والجاحظ وتفخيمه لفن الإطناب. فنحن من أكثر الشعوب ولعاً ب«اللّت والعجن»، ولا علم لي ما هو اللّت، ولكن أغلب الظن أن له علاقة بالعجين!
ولأن الأمانة العربية حتمت عليّ التنقيب ولو قليلاً عن حكاية تطويلنا اللغوي، فقد خرجت بما ذكره الشيخ تقي الدين الحموي في كتابه «خزانة الأدب وغاية الأرَب»، من أن الإيغال في اللغة يعني أن الكاتب أو الشاعر إذا انتهى من كلامه فله أن يستخرج سجعة أو قافية، يريد بهم معنى زائداً لزوم الوقف والكمال أو إمعاناً في الإيضاح، كقول الشاعر:
أظن التي يجدي عليك سؤالها ** دموعاً كتبديد الجمان المفصل. فالمعنى قد تم بقوله: كتبديد الجمان، ولكن الشاعر احتاج إلى القافية، فكانت معنى زائداً يفيد الكمال، وهو ما يطلق عليه في اللغة مسمى الإيغال، ويفرق عن التتميم في أن الأخير يأتي إلى المحتاج فيتممه، كقول الشاعر:
أناس إذا لم يقبل الحق منهم**ويعطوه غاروا بالسيوف القواضب فكما ترى أن المعنى لو قيل بلا قوله: «ويعطوه» لكان ناقصاً، فالإيغال إذاً يرد على المعنى التام، فيزيده كمالاً، وقد يفيد معنى زائداً للوقف، أمّا التتميم فلا بد من وجوده، وإلاّ كان المعنى ناقصاً.
وقد حكي عن الأصمعي أنه سئل، من أشعر الناس؟ فقال: «الذي يأتي إلى المعنى الخسيس، فيجعله بلفظه غزيراً، وينقضي كلامه قبل القافية، فإن احتاج إليها أفاد معنى زائداً، فقيل له: نحو مَنْ؟ فقال: امرؤ القيس وزهير بن أبي سلمى»، وهو ما يعني أن من طبيعة لغتنا أن نأتي بمعان زائدة للأسباب الآنفة. بعبارة أخرى الحشو من صميم لغتنا، وليس شيئاً طارئاً عنها أو نكون مَنْ ابتدعناه، وحين قالت الخنساء في أخيها:
وإن صخراً لتأتم الهداة به ** كأنه علم في رأسه نار
فإن معنى جملة البيت هو كامل من غير قافيته، فأتت القافية «نار» زيادة، وهذا صحيح، ولكن لتقول لنا المرأة المفجوعة في أخيها إنها لم ترض له أن يأتم به جهّال الناس، كمثل العلم أي الجبل المرتفع المعروف بالهداية، حتى جعلته يأتم به أئمة الناس كقولها: في رأسه نار. وفي هذا ترى الكاتبة الأميركية «جين واجنر» أننا لم نطور اللغة - أية لغة - إلاّ لحاجتنا الداخلية إلى الشكوى.
كثير من قواعد اللغة العربية نحواً وصرفاً قد تبدو في نظر وعقل الغريب عنها لا لزوم لها أو متناقضة وغير منطقية، ولكنها تبقى لغتنا العظيمة، نزل بها قرآننا، آخر الكتب السماوية وأتمها، وواجب علينا التمكن من قوانينها وإحياؤها، وللتطبيق المباشر: أيكون «إحياؤها» إيغالاً أم تتميماً؟!
كاتبة سعودية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.