يعود مهرجان البستان اللبناني، بين 19 شباط (فبراير) و27 آذار (مارس) المقبلين، إلى حصاده السنوي في حقول الموسيقى الكلاسيكية، وفي جعبته تشكيلة غنية من ثمار سابقة وأخرى جديدة. وتقدّم غالبية الحفلات، الثامنة والنصف مساء في مسرح إميل البستاني في «فندق البستان» - بيت مري، عدا أمسيات مختارة تعلن أماكنها في البرنامج المفصل على موقع المهرجان على الإنترنت. وكانت لجنة مهرجان البستان الدولي للموسيقى، عقدت مؤتمراً صحافياً أعلنت خلاله الافتتاح المرتقب للدورة العشرين. وعرضت رئيسة اللجنة ميرنا البستاني، البرنامج الذي «يستقطب كبار العازفين والفنانين الأجانب، إضافة الى أمسيات لجوقات جامعة سيدة اللويزة والانطونية والكونسرفتوار الوطني، ويوم خاص للإعلامي والكاتب اللبناني الراحل غسان تويني بعنوان: غسان تويني الحارس الليلي وقارع الأجراس، إضافة إلى برنامج خاص للشباب والأولاد بأسعار مدروسة». ووعد المنظمون بلفتة خاصة إلى ريتشارد فاغنر وجوزيبيه فيردي اللذين يُحتفل هذه السنة بالذكرى المئوية الثانية لولادتيهما، أما الجاز، الذي لم يحتل أصلاً موقعاً مهماً في الدورات السابقة، فيغيب كلياً عن الدورة الجديدة. الفرقة الفيلهارمونية الأوروبية التي تشكلت عام 2008 من موسيقيين شباب ومخضرمين، بقيادة المايسترو جيان لوكا مارسيانو، ستواكب غالبية الحفلات الكلاسيكية هذه السنة. وكان مارسيانو تسلم الإدارة الفنية للمهرجان منذ ثلاث سنوات. وفي أمسية الإفتتاح، تقدم الفرقة كونشيرتو الكمان (دي ميجور) والكونشيرتو المزدوج (أوب 102) لبراهمس، إضافة الى كونشيرتو التشيللو للبريطاني إدوارد إلغار. والمعروف إن موسيقى إلغار لم تعرف قفزتها الحاسمة إلا بعد الحرب العالمية الأولى، وكان قد تجاوز الأربعين من عمره. قبل ذلك، كانت موسيقاه ترفاً لاهياً في نطاق متطلبات المجتمع المخملي، لكن إلغار، العازف المتعدد والمؤلف وقائد الاوركسترا، أصيب بصدمة لدى سماعه دوي المدافع عبر المانش، واستفاقت فيه مذاك مجالات موسيقية تجلّت معالمها في مؤلفاته اللاحقة. أما براهمس، الذي رحل قبيل بداية القرن العشرين، فكان بارعاً في إمتاع الأذن المتخصصة وإدهاش المستمع العادي على حد سواء. تراه يلهو بالشكل الكلاسيكي من دون أن يبخسه حقه، وفي الكونشيرتو المزدوج لمسات مجرية مردها إهداء العمل الى صديقه جواشيم المولود في هنغاريا. ويذكر هنا أن أندرو ويبر استلهم مقطعاً من الكونشيرتو المذكور لتلحين أغنية «لا تبكي من أجلي أرجنتينا» في مغناة إيفيتا. واللافت في برنامج 2013، التركيز على موسيقى فاغنر في حفلات وأداءات مختلفة، أبرزها تقديم أولى أعماله الأوبرالية مساء 8 آذار (مارس) بقيادة فلاديمير بونكين، وظهور عازف بيانو شاب يدعى أوليفر بول، لعله عبقري واعد من بريطانيا، سيعزف لفاغنر وباخ ورخمانينوف وغيرشوين، في 14 من الشهر ذاته. يشي البرنامج أيضاً باهتمام خاص بالشأن الأرمني، خصوصاً مساء 6 آذار، حين يجتمع ثلاثي أرمني مع بول، لتقديم مقاطع من «الشبح» لبيتهوفن، ومقطوعات أخرى لشوبرت وبراهمس. وسيكون مثيراً توقع مشاركة ثلاثة موسيقيين من زيمبابوي، مع فرقة فيينا السمفونية، في أداء مقاطع مختارة من موسيقى موتسارت. وفي 20 آذار، موعد جديد يتكرر مع فرقة باكو بينيا للفلامنكو، التي كانت محور البرنامج العام الماضي وقبله، ما شكّل للفرقة جمهوراً في الساحة المحلية، و «حلّل» استضافتها تكراراً. العام الماضي، تضمّن برنامج بينيا، مؤثرات فينزويلية أضفت على الرقصات نفحة كاريبية مميزة. وفي البرنامج الجديد، موقف سياسي- ضميري حيال المعاملة العنصرية التي يلقاها المهاجرون الأفارقة في أوروبا، لذا يشارك راقصون نيجيريون زملاءهم الأسبان في إحياء المشهد الراقص. ويحتفي المهرجان بعدد من المنشدين الأوبراليين الناشئين في لبنان، وعلى رأسهم السوبرانو كريستينا ناصيف وجويس الخوري، إضافة الى عمل مبتكر يعرض للمرة الأولى، من توقيع زاد ملتقى الذي ما زال يقوم باختباراته على العوالم والثقافات المنقرضة كثقافة الهنود الحمر في أميركا الشمالية. وفي لفتة لا تخلو من الأسى دعوة خاصة في 10 آذار إلى أمسية يحييها في «بيت الشاعر»، المخرج المسرحي روجيه عساف، لتكريم الراحل غسان تويني الذي أسس قرب دارته في بيت مري بيتاً أدبياً لذكرى زوجته الشاعرة نادية تويني، وكان الراحل من أصدقاء مهرجان البستان منذ إطلاقه قبل 20 سنة.