أكد مسؤول حكومي ليبي أن السلطات تسعى إلى تسريع التحقيق في الهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي (شرق)، وسط مخاوف من اغتيالات قد تطاول المحققين بينما تريد طرابلس تجنب تدخل واشنطن في التحقيقات، كما قال محللون. وقال محللون إن المحققين في الهجوم الذي وقع في 11 ايلول (سبتمبر) 2012 وأودى بحياة أربعة أميركيين بينهم السفير كريس ستيفنز، يعملون وسط خوف على حياتهم، لا سيما وأن أصابع الاتهام أشارت إلى وقوف إسلاميين متطرفين خلفه. وكان مصدر أمني ليبي كشف لوكالة «فرانس برس» جزءاً من تقارير أمنية أشارت إلى احتمال تورط جماعات إسلامية على صلة ب «القاعدة» في الهجوم. وفي آخر تطورات التحقيقات في الهجوم، عيّنت السلطات القضائية في ليبيا أخيراً قاضياً بدرجة مستشار لاستكمال التحقيقات. وقال مسؤول في الحكومة الليبية على صلة بوزارة العدل ل «فرانس برس» إنه «تم تعيين القاضي المستشار خالد التركي من مدينة طرابلس لاستكمال التحقيقات في ملف الهجوم على القنصلية الأميركية». وعيّن التركي خلفاً لقاضي التحقيق في محكمة استئناف بنغازي سالم عبدالعاطي الذي كان مكلفاً إجراء التحقيقات حول القضية ولم يعلن «رسمياً» أي نتائج حتى الآن. وأوضح المسؤول طالباً عدم ذكر اسمه أن السبب في هذا التبديل هو أن «التحقيقات كانت تجري بإشراف محكمة استئناف بنغازي، غير أن تلك التحقيقات لم تكن تسير بالسرعة المطلوبة». ولم يتسن ل «فرانس برس» معرفة ما إذا كان القاضي الجديد سيباشر عمله في طرابلس أو بنغازي. ورأى أستاذ العلوم السياسية خالد المريمي، أن «المحققين يخافون من الاستمرار في التحقيقات، لإمكان اغتيالهم من متطرفين في أي لحظة». وأضاف المريمي، الذي يدرس في عدد من جامعات شرق البلاد، أن «السلطات تتجاهل أيضاً هذا التواجد الإسلامي المتشدد في المنطقة ولا تصرح عن ذلك بتاتاً ولم تفتح أي حوار معهم (المتشددين) حتى اللحظة». من جهة أخرى، اكد طه البعرة المتحدث الرسمي باسم مكتب النائب العام الليبي ل «فرانس برس»، أن «التحقيقات في هذه القضية تحديداً يتولاها القضاء بنفسه عبر أحد قضاة التحقيق، ولا علاقة للنيابة العامة به حالياً». أما معتز المجبري، رئيس التحرير في تلفزيون ليبيا الحرة، فقد وضع تسريع التحقيقات في إطار محاولة طرابلس تفادي تدخل أميركي في التحقيقات الجارية. وقال ل «فرانس برس» إن «السلطات الليبية ترغب بتسريع التحقيقات كي لا تواجه تدخلاً أميركياً في التحقيق مع المشتبه بهم، على غرار ما جرى في تونس». ففي كانون الأول (ديسمبر)، استجوب ثلاثة من محققي مكتب التحقيقات الفيديرالي الأميركي (أف بي آي) لأكثر من ثلاث ساعات التونسي علي الحارزي المحتجز في تونس بتهمة الإرهاب منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي في إحدى محاكم العاصمة التونسية من دون حضور محاميه. وقال أنور أولاد علي محامي الحارزي، إن الاستجواب تركز على صلة موكله بالهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي. لكن مصدراً قضائياً ليبياً قال ل «فرانس برس» إن هناك «تعاوناً غير معلن عنه بين السلطات الليبية والأميركية في هذا الملف». وأشار إلى أن «محققين أميركيين زاروا ليبيا عدة مرات غير انهم لم يكونوا على صلة بمن يتم التحقيق معهم وكان دورهم لوجستياً فقط». وكان تقرير لمجلس الشيوخ الأميركي صدر في نهاية كانون الأول (ديسمبر) اعتبر أن وزارة الخارجية الأميركية ارتكبت «خطأ فادحاً» برفضها إغلاق بعثتها في بنغازي على الرغم من تدهور الوضع الأمني فيها. وأشار رئيس لجنة الأمن الوطني في مجلس الشيوخ جو ليبرمان والعضو في اللجنة سوزان كولينز في التقرير الذي يحمل عنوان «ضوء الإنذار: تقرير خاص عن الهجوم الإرهابي في بنغازي»، إلى ثغرات أمنية خطيرة في البعثة. وأضاف التقرير أن عدداً قليلاً من عناصر «ميليشيا 17 فبراير» كلفتهم السلطات الليبية بحماية البعثة، ساعدوا طاقم البعثة الأميركية ليلة الهجوم، لكن قوات الأمن المحلية كانت «للأسف غير مؤهلة».