تصاعدت الأزمة بين القضاء والرئاسة في مصر بعدما أعلن وكلاء ورؤساء النيابات تعليق العمل تماماً لمدة ثلاثة أيام تبدأ الثلثاء المقبل احتجاجاً على استمرار النائب العام طلعت عبدالله في منصبه على رغم تعيينه بطريقة استثنائية من الرئيس، فيما أبدت «جبهة الإنقاذ الوطني» المعارضة موافقتها على الحوار مع الرئاسة شرط وضع ضمانات لجدية الحوار وتنفيذ ما يسفر عنه. وكانت «جبهة الإنقاذ» التي تضم قوى المعارضة الرئيسة أصدرت بياناً أمس حددت فيه ثلاثة شروط لإطلاق حوار وطني هي «تحديد أجندة واضحة للحوار، وإعلان نتائج الحوار على الشعب، وضرورة توافر الإرادة والنية لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه». وأبدت رغبتها في «إطلاق حوار جاد يأخذ البلاد بعيداً من الاستقطاب إلى أرضية مشتركة تسمح بدرجة ما من التوافق». وأعلنت استعدادها «للتحاور مع أي شخص». لكن مصادر رئاسية تحدثت إلى «الحياة» رفضت في شدة «شروط» الجبهة. وقالت: «لا يجب أن يملي أي طرف شروطاً، يجب أن نصل إلى حلول تخفف من حدة الاحتقان، والرئاسة مصممة على انخراط الجميع في حوار وطني جاد». وأضافت أن «جلسة الحوار المقررة الأربعاء المقبل لها أجندة بالفعل في شأن مناقشة ما ستطرحه القوى السياسية من تعديلات على مواد الدستور، والرئاسة وجهت دعوات إلى كل الأحزاب والقوى السياسية وحضتها على إرسال رؤيتها في شأن التعديلات الدستورية، كما أن الرئاسة اعتادت على إعلان نتائج كل جلسات الحوار الماضية في بيانات رسمية، ومستعدون لبث الاجتماعات على الهواء». ولفتت إلى أن الرئيس محمد مرسي «تعهد غير مرة بتنفيذ ما تتوصل إليه جلسات الحوار من توافقات وإعلان ذلك على الرأي العام»، مشيرة إلى أن نائب الرئيس المستقيل محمود مكي ومساعدة الرئيس باكينام الشرقاوي «كانا نقلا إلى قادة المعارضة تعهدات الرئاسة». وأضافت أن «كل من حضر جلسات الحوار يعلم جيداً أن الرئيس لا يتدخل في المناقشات وانه التزم أكثر من مرة بما تم التوصل إليه حتى وإن أبدى تحفظه». وأوضحت أن مرسي «سيوقع على وثيقة المواد التي يتم التوافق على تعديلها تمهيداً لعرضها على البرلمان في أول جلسة له»، مشيرة إلى أن «هناك اتجاهاً قوياً بأن تعرض تلك المواد بعد تمريرها من البرلمان على الاستفتاء، بالتزامن مع انتخاب مجلس شورى جديد بعد عام وفقاً للدستور، توفيراً للنفقات وللجهد». يأتي ذلك في وقت تتقدم الحكومة بعد غد إلى مجلس الشورى بمشروع قانون تنظيم الانتخابات النيابية المقررة في آذار (مارس) المقبل، والذي كانت الرئاسة اتفقت عليه مع حلفائها، تمهيداً لتمريره وعرضه على المحكمة الدستورية العليا لدرس مدى دستوريته بحسب مبدأ الرقابة السابقة على قوانين الانتخابات الذي اعتمده الدستور الجديد. وأكد أمس رئيس الحكومة هشام قنديل أنه «سيتم عرض قانون الانتخابات على المحكمة الدستورية لمراجعته خلال 15 يوماً من تاريخ إقرار الدستور». وكانت «جبهة الإنقاذ» أكدت في بيانها أمس «خوض الانتخابات بقائمة واحدة وإدارة عملية الانتخابات بطريقة موحدة، وصولاً إلى الوقوف في وجه مشروع الاستبداد الذي تقدمه جماعة الإخوان المسلمين وحتى لحظة تحقيق الديموقراطية الاجتماعية وإعلاء مبادئ الثورة من حرية وعدالة اجتماعية». وقررت أمس اللجنة القضائية العليا التي ستضطلع بالإشراف على الاستحقاق المرتقب، فتح باب قيد الناخبين المصريين المغتربين في قاعدة بيانات الناخبين المصريين بالخارج بدءاً من الثلثاء المقبل وحتى 18 شباط (فبراير) المقبل، أو حتى صدور قرار دعوة الناخبين إلى انتخاب مجلس النواب. وأشارت اللجنة التي يترأسها رئيس محكمة استئناف القاهرة سمير أبو المعاطي إلى أن «عملية القيد ستكون وفقاً لضوابط، ويمكن تعديل القيد أكثر من مرة خلال هذه الفترة». في غضون ذلك، تصاعدت حدة أزمة تعيين النائب العام بقرار رئاسي، بعدما أعلن مئات من أعضاء النيابة العامة تعليقهم العمل في كل النيابات على مستوى البلاد لمدة ثلاثة أيام في صورة كلية بدءاً من الثلثاء المقبل، احتجاجاً على بقاء النائب العام في منصبه. وكانت حال من الغضب العارم سادت صفوف أعضاء النيابة العامة على إثر تراجع عبدالله عن استقالته التي قدمها بعد احتجاجات. واجتمع نحو 600 من أعضاء النيابة من أصل نحو 3 آلاف، في المقر الرئيس لنادي القضاة مساء أول من أمس، وصوتوا في نهاية الاجتماع لمصلحة تعليق العمل كلياً في كل النيابات على مستوى البلاد، على أن يسبق ذلك استمرار التعليق الجزئي للعمل. وطالبوا مجلس القضاء الأعلى بعقد جلسة الأربعاء المقبل لمناقشة الأزمة، وأكدوا أن «القضاة التزموا من جانبهم بما تم الاتفاق عليه واستأنفوا العمل في المحاكم فيما يصمم النائب العام على البقاء في منصبه متحدياً إرادة أعضاء النيابة العامة والقضاة». كما قرر أعضاء النيابة أيضاً إقامة دعوى قضائية للمطالبة بإبطال قرار تعيين عبدالله. ورفض أعضاء النيابة العامة اقتراح وزير العدل أحمد مكي بأن يلتقي وفداً من أعضاء النيابة للاستماع إلى وجهة نظرهم لأن «دعوة الوزير لم تتضمن الالتزام بإيجاد حل للأزمة». غير أن مساعد النائب العام الناطق باسمه حسن ياسين قلل من الخطوة، مؤكداً أن «جميع النيابات ستنتظم في أعمالها، ومن اتخذوا قرار تعليق العمل لا تتجاوز نسبتهم 8 في المئة من أعضاء النيابة». وقال إن «السواد الأعظم من أعضاء النيابة العامة مدركون لحجم المسؤولية والأمانة الملقاة على عاتقهم وللرسالة التي أناطهم بها الدستور»، مشيراً إلى أن «أعضاء النيابة العامة الذين اجتمعوا في مقر نادي القضاة والذين دعوا إلى تعليق العمل لم يتجاوز عددهم 250 عضواً، وهو ما يقدر بثمانية في المئة من عدد أعضاء النيابة العامة». وعلى صعيد التعديل الوزاري الذي كان طالب به الرئيس قبل أسبوع، توجه أمس رئيس الحكومة إلى الرئاسة حيث عرض على مرسي التشكيل النهائي للحكومة المعدلة، ما يشير إلى قرب إعلانها.