تتجه الأزمة السياسية في مصر إلى مزيد من التصعيد بعدما تجاوز طرفاها مسألة الإعلان الدستوري إلى مشروع الدستور، إذ يُنتظر أن ترفع الجمعية التأسيسية اليوم المشروع النهائي الذي أقرته فجر أمس إلى الرئيس محمد مرسي ليصدر قراراً بدعوة الناخبين إلى الاستفتاء، مستبقاً بت المحكمة الدستورية العليا في دعوى حل الجمعية غداً. وصعدت «جبهة الإنقاذ الوطني» التي تضم أبرز قوى المعارضة مهددة بالعصيان المدني في حال الشروع في إجراءات الاستفتاء على الدستور الذي أعدته جمعية تأسيسية يهيمن عليها الإسلاميون وقاطعتها المعارضة وقوى مجتمعية. ودعم هذا الاتجاه المشهد في ميدان التحرير في مليونية «حلم الشهيد» أمس، اذ رفع بعض المشاركين فيها مطالبات برحيل مرسي. في المقابل، يستعد الإسلاميون من أنصار الرئيس للحشد اليوم أمام جامعة القاهرة تحت شعار «دعم الشرعية والشريعة»، وسط مخاوف من حدوث اشتباكات. وبدا أن الرئيس المُصر على المضي في خططه قرر الاحتماء بالإسلاميين عموماً و «الإخوان» خصوصاً، ويراهن على تظاهرات اليوم، علما بأن قوى المعارضة ستستمر في الاعتصام وتنظيم المسيرات اليوم رفضاً لمسودة الدستور. وشهد ميدان التحرير أمس حشداً مليونياً كما الثلثاء الماضي. وواصل آلاف اعتصامهم في الميدان. وتلا محمد البرادعي من الميدان بيان «جبهة الإنقاذ الوطني» الذي حدد أربعة نقاط للخروج من الأزمة، أولها «العودة إلى ما قبل الإعلان الدستورى والدخول فوراً في حوار وطني»، ثم «التوافق على خطوات محددة وأرضية مشتركة لمواجهة الأخطار التي تضرب في كل مناحي الحياة»، و «التوافق على لجنة تأسيسية ممثلة ومؤهلة تقوم بإعداد دستور يضمن حقوق المصريين كافة»، و «ضرورة العمل فورا لمواجهة الاستقطاب الذي يعصف بالبلاد». واعتبر أن «مشروع الدستور الحالي فاقد للشرعية من حيث الشكل والمضمون». وحمّل مرسي مسؤولية ما قد يترتب على الاستقطاب أو محاولة تمريره بلا توافق من تداعيات «تضع المشروعية الدستورية على المحك». وأكد الاستمرار بكل الوسائل السلمية الممكنة «ومهما طال الوقت» في الدفاع عن الحقوق المشروعة. ورأى أن «ما يقوم به الرئيس واللجنة التأسيسية الآن هو انقلاب على الديموقراطية»، مضيفا ان «شرعية النظام تتآكل». ولوح باللجوء إلى العصيان المدني كخيار أخير. وقاطعت المتظاهرون البرادعي بهتافات: «اعتصام اعتصام حتى يسقط النظام» و «الشعب يريد إسقاط النظام». وكان تردد أن البرادعي والقياديان في «جبهة الإنقاذ» حمدين صباحي وعمرو موسى قرروا الاعتصام بأنفسهم في الميدان. لكن موسى أبلغ «الحياة» قبل اجتماع لجبهة الإنقاذ مساء بأن خيار اعتصام قيادات الجبهة بأنفسهم في الميدان «وارد». وقال: «نتحدث في هذا الأمر للحاق بالشباب في الميدان». وأوضح أن الجبهة تبحث أيضاً في ما إذا كانت ستقاطع أو ستصوت برفض مشروع الدستور. وقال: «لم نتخذ قراراً وموقفنا سيؤسس على النص النهائي للمشروع». وقررت صحف وقنوات تلفزيونية الاحتجاب الثلثاء والأربعاء المقبلين بالتبادل احتجاجاً على مشروع الدستور، فيما دعا المرشح السابق للرئاسة خالد علي من التحرير العمال إلى العصيان المدني أسوة بالقضاة. وكانت الجمعية العمومية غير العادية لنادي قضاة مجلس الدولة انتهت إلى رفض الإعلان الدستوري، مطالبة بسحب الإعلان من دون إبطاء. ووافقت على عقد جمعيات عمومية طارئة لكل أقسام المجلس، لاتخاذ قرارات بتعليق العمل في قضاء مجلس الدولة. لكنها أرجأت البت في مسألة الاشراف على الاستفتاء على الدستور من عدمه إلى حين صدور قرار بالدعوة إلى الاستفتاء. وأوصت بزوال عضوية قضاة مجلس الدولة من أعضاء «حركة قضاة من أجل مصر» القريبة من «الإخوان» والمستشار القانوني للرئيس محمد فؤاد جادالله بعد التحقيق معهم «نظراً إلى ما بدر منهم من إساءة في حق القضاء والقضاة». وتعقد نقابة الصحافيين غداً اجتماعاً لمجلسها من المتوقع أن تعلن فيه رفضها مسودة الدستور وستبحث في قرار حجب الصحف فضلاً عن طرح سحب الثقة في نقيب الصحافيين ممدوح الولي الذي خالف قرار النقابة واشترك في الاقتراع على مسودة الدستور. وسعى مرسي إلى التخفيف من حدة الغضب بسبب الإسراع بتمرير الدستور عندما فتح الباب خلال حوار تلفزيوني أمام إجراء تعديلات على مشروع الدستور من دون أن يوضح آلية حصول ذلك. لكنه أشار إلى أنه سيفتح «حواراً مجتمعياً» عقب تسلمه الدستور، وأنه يمكن أن يدعو الجمعية التأسيسية إلى تعديل المواد المختلف عليها.