أبرمت سلطات مكسيكو، في نهاية 2012، صفقة سلمية تهدف إلى نزع السلاح في حي إيزتابالابا الخطر في جنوبالمدينة، تقضي بمقايضة المسدسات بدراجات هوائية أو علب طعام، أو مبادلة البنادق بأجهزة لوحية أو مبالغ مالية بسيطة. أمام باحة الكنيسة في بلدة لا كويفيتا، صفّ مؤلف من نحو 60 شخصاً، حاملين بنادق أو مسدسات، أمام مركز تستقبل فيه الشرطة والجيش الباعة المجهولين. ويقول فرانشيسكو آرو (53 سنة): «أحضرت معي مسدساً من نوع «سميث 32» مزيناً بالعاج، كان ملكاً لجدّ جدّي الذي كان ثورياً». ويضيف آرو الذي سيتلقى دراجة هوائية في مقابل مسدسه: «الآن، سأمارس الرياضة على الأقل». وتحرص البلدية على تنفيذ برنامجها «من أجل عائلتك، نزع سلاح إرادي». ويكشف مصدر في البلدية أنه في كل يوم من فترة تنفيذ البرنامج، تنفق الأجهزة الأمنية في مكسيكو وبلدية إيزتابالابا 300 ألف بيزوس (17500 يورو) يومياً، في محاولة منها لنزع سلاح المجموعات الإجرامية. لكن البعض يشكك في قدرة هذا البرنامج على نزع سلاح المجرمين، على رغم مئات الأسلحة التي تجمع في أيام قليلة. ويقول اوغوستو مارتينيز (79 سنة) الذي قايض مسدسه من نوع «كولت 80» بدراجة هوائية وعلبة طعام، إن «المجرمين يملكون أسلحة كثيرة، وبالتالي، يمكنهم التخلي عن تلك التي لم تعد صالحة أو لا يحبونها، والاحتفاظ بالأسلحة الجيدة». ومن بين المشككين في فعالية البرنامج عسكريون مكلفون جمع الأسلحة وتصنيفها ثم تدميرها. ويقول أحد الضبّاط: «انظروا إلى حالة الأسلحة، معظمها لم يعد صالحاً، أو أصبح قديماً جداً، يحضرها أرباب أسر ورثوها من أجدادهم وقرروا التخلص منها بغية حماية أقربائهم». وتتأثر المكسيك نوعاً ما بتداعيات القانون الأميركي الذي أثار من جديد جدلاً واسعاً في الولاياتالمتحدة بعد حادث إطلاق النار في نيوتاون. فالمكسيك التي تمتد حدودها مع الولاياتالمتحدة أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر تستقبل بانتظام أسلحة غير شرعية آتية من جارتها في الشمال. وتستخدم هذه الأسلحة مجموعات الجريمة المنظمة وتجار المخدرات. وجاء في تقرير نشره مجلس الشيوخ الأميركي السنة الماضية، أن 70 في المئة من الأسلحة المضبوطة في المكسيك بين العامين 2010 و2011 والبالغ عددها نحو 30 ألف قطعة سلاح، مصدرها الولاياتالمتحدة. ويشير مستشار بلدية إيزتابالابا، خيسوس فيلينسيا، إلى أن البرنامج يهدف أيضاً إلى تفادي الوفيات الناجمة عن الرصاص الطائش. فالشهر الماضي، توفي صبي في العاشرة من العمر، بعد إصابته برصاصة في الرأس أطلقت من الخارج بينما كان جالساً في صالة سينما. وفي 13 من الشهر الماضي، قُتلت امرأة برصاصة طائشة بينما كانت تتسوّق. وأتاحت مبادرة إيزتابالابا التي يفترض أن تمتد إلى أحياء أخرى في مكسيكو، للسلطات جمع بنادق وقنابل وأنواع أخرى من الأسلحة. ويؤكد رجل، مشيراً إلى أداة تشبه كوباً لمزج العصير، «هذا صاروخ»، فيما يقول آخر: «لا، إنها قاذفة صواريخ». وإضافة إلى البالغين الذين يأتون لمقايضة أسلحتهم، يبادل أولاد ألعابهم العنيفة بأخرى أكثر «سلمية»، ومنهم سورييل غوادالوبي (4 سنوات) الذي يخرج من جيبه مسدسين بلاستيكيين ليُبدلهما بكرة سلة. لكن بعض الأولاد لا يبادل ألعابه من تلقائه، مثل تاديو (11 سنة) الذي جاء بطلب من والدته ليُبدل أربعة مسدسات بكرة ولعبة اجتماعية ودمية باربي لشقيقته، ويشكو قائلاً: «لن يعود في إمكاني لعب دور تاجر مخدرات».