تكشف حملات المرشحين للانتخابات النيابية الأردنية المقررة في 23 الشهر الجاري، أن الشعارات السياسية هي الغائب الأبرز عن اللافتات الدعائية. وتحفل شوارع العاصمة عمان وبقية المحافظات، إلى جانب صفحات التواصل الاجتماعي، بشعارات قرر مطلقوها للمرة الأولى الابتعاد عن عالم السياسية وتجاهل القضية الفلسطينية، التي شكلت لغالبيتهم عاملاً قوياً لدغدغة عواطف الناخبين، في بلد يعتبر نصف سكانه من أصول فلسطينية. وأدت غالبية الشعارات المذكورة إلى حال من التندر والسخرية في صفوف المواطنين والمتابعين للشأن السياسي، ناهيك عن ناشطي الحراك المقاطعين للعملية السياسية برمتها، فمن مرشح يمنّي الأردنيين بتحويل مملكتهم إلى دولة خليجية تزخر بالنفط، إلى آخر يعدهم بتشغيل الموظفين من دون التطرق إلى أوضاع العاطلين عن العمل، في حين اكتفى أحد مرشحي مناطق الأغوار الفقيرة بشعار وحيد قال فيه: «سأعمل على خفض سعر الأعلاف وتوزيع البذار على جميع المزارعين بالمجان». وبعيداً من لغة الوعود والأمنيات، سجل متابعون حضوراً قوياً للافتات الدينية رغم مقاطعة جماعة «الإخوان المسلمين» للانتخابات، واستخدم مرشحون آيات قرآنية وأحاديث نبوية شعارات لهم. ورأى سياسيون ومحللون تحدثت إليهم «الحياة»، أن الجامع بين شعارات المرشحين للبرلمان هو تواضع خلفياتهم السياسية وافتقار غالبيتهم للحد الأدنى من الثقافة، فيما رأت رانيا الجعبري المختصة في الشؤون البرلمانية أن «غالبية الشعارات المرفوعة فضفاضة ولا تعبر عن قضايا واضحة ومحددة». وقالت ل «الحياة»: «هناك شعارات كثيرة وكبيرة في طموحها، لكنها غير قابلة للتنفيذ ضمن الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد». وتحدثت عن صنفين من المرشحين للانتخابات، الأول «يمتلك الوعي الكامل بعدم إمكان التغيير الآني لأوضاع المواطنين لكنه قليل»، فيما يمثل الثاني «الغالبية الراغبة بالوصول إلى قبة البرلمان بأي شكل من الأشكال». وغير بعيد من الحملات الدعائية، تحدث سياسيون وخبراء بشؤون الانتخابات عن نشاط ملحوظ لحركة «فتح» داخل مناطق الكثافة الفلسطينية التي تعتبر أحد أهم معاقل «الإخوان» التي تتحدر غالبية أعضائها من الغرب أردنيين. ويطلق تعبير «الغرب الأردني» على الأردنيين من أصول فلسطينية، الذين قدموا إلى البلاد بعد حربي 1948 و1967. ويسعى ناشطون في «فتح» إلى حشد هذه الشريحة الكبيرة وحضها على المشاركة في الانتخابات. وتشهد عمان منذ أيام جدلاً متصاعداً بعد تدشين قائمة انتخابية تحمل اسم «المواطَنة»، أكدت مصادر سياسية موثوق بها ل «الحياة»، أنها تحظى بدعم غير معلن من جهة قيادات «فتحاوية» تقيم داخل الأردن ويحمل بعضها الجنسية الأردنية. ورغم نفي الحركة الفلسطينية وجود قائمة مدعومة منها رسمياً، سُجل على مدى الأيام الماضية انضمام قيادات «فتحاوية» إلى القائمة المذكورة ودعمها من جهة الحركة داخل المخيمات والتجمعات الفلسطينية. وشهدت هذه التجمعات لقاءات ومهرجانات مؤيدة للقائمة المذكورة برعاية وتنظيم من قيادات بارزة داخل الحركة. وأثار حديث قيادي بارز لدى «فتح» عن دعمه قائمة «المواطنة» حفيظة شخصيات سياسية محسوبة على الشرق أردنيين (السكان الأصليين). وبدأ حال الجدل عقب تصريحات لأمين سر «فتح» لدى الأردن نجيب القدومي أعلن فيها دعمه قائمة «المواطنة»، ما اعتبرته شخصيات أردنية «تجاوزا على السيادة الأردنية». وقال القدومي إن «دعمي المعنوي لإحدى القوائم الانتخابية يأتي بصفة شخصية وليس بصفتي السياسية كقائد في فتح الأردن». وقال عضو المجلس الوطني الفلسطيني، أحد مرشحي قائمة «المواطنة» حمادة فراعنة ل «الحياة»، إن «قائمتنا تحظى بدعم كبير من جهة ممثلي المخيمات، كما أن غالبية مرشحيها من أصول فلسطينية». وأضاف: «الحديث عن أننا متبنون من حركة فتح شرف كبير لنا، لكننا لا نتلقى دعماً من أحد، كما أن عضويتي في المجلس الوطني لا تتناقض مع مواطنَتي الأردنية». وطالما اعتبرت المخيمات الفلسطينية في الأردن بمثابة «الحدائق الخلفية» لنشاط «الإخوان» وخزانها التصويتي. وكانت الجماعة أعلنت مقاطعتها الانتخابات «لعدم وجود رغبة حقيقية في الإصلاح».