في مستودع تم تحويله إلى ورشة بأحد المربعات السكنية في بلدة بشمال سورية ثمة رجال يعملون بجد على مخارط عملاقة ومن حولهم تتناثر رقاقات معدنية. وعلى مقربة من الرجال تكومت أجولة من نترات البوتاسيوم والسكر. وبجوار الحائط صُفت باهتمام المنتجات النهائية: قذائف مورتر محلية الصنع. يقول معارضون سوريون إنهم اضطروا إلى تصنيعها بسبب عدم الرد على مطالباتهم بأسلحة ثقيلة وذخيرة ليحاربوا بها الرئيس بشار الأسد. وقال رجل ملتح يعمل على خرط المعدن لتصنيع رأس القذيفة «ما من أحد يقدم لنا الدعم. لذا نعمل بأنفسنا لمهاجمة بشار». ويستعين سبعة رجال تقريباً يعملون معاً في الورشة بشبكة الإنترنت لإتقان صناعة الأسلحة البدائية. وفي تصنيع المتفجرات يستخرجون مادة تي.إن.تي من الصواريخ التي أطلقتها قوات النظام عليهم ولم تنفجر ويعيدون تعبئتها في أسلحتهم. غير أن كل واحد منهم قدم تقديرات مختلفة لمدى قذائف المورتر. وقال أبو محمد: «نحن متطوعون... كنا عمالاً ولم نكن جنودا قط. إنها محلية الصنع. إنها (الأسلحة) محلية الصنع. صحيح أنها ليست بقوة صواريخ النظام ولكن لها تأثيرات جيدة»، مشيرا إلى أن قذائف المورتر أحدثت حفرة عمقها ثلاثة أمتار ونصف. وقال عامل آخر إن قذائف المورتر التي يستغرق تصنيعها نحو يوم يمكن أن تصل إلى مسافة ستة كيلومترات. وعلى رغم أن مقاتلي المعارضة حققوا مكاسب كبيرة في المناطق الشمالية والشرقية من سورية في الصراع المستمر منذ 21 شهراً إلا أن قوات الأسد تفوقهم تسليحاً. وتتلقى بعض جماعات المعارضة إمدادات من دول خليجية فيما تقول دول غربية إنها تقدم مساعدات غير قاتلة. لكن الكثير من المعارضين يقولون إنهم لم يتلقوا شيئاً. وقال العقيد عبد الجبار العقيدي رئيس المجلس العسكري للمعارضة في محافظة حلب لرويترز الأسبوع الماضي إن قواته تقاتل من دون أي مساعدة من الحكومات الغربية والعربية التي تريد رحيل الأسد عن السلطة. وقال رجل آخر في الورشة: «لا نستطيع الحصول على أي أسلحة من الخارج. لا نمتلك سوى البنادق لنقاتل بها». وتظل نسبة نجاح هذه الأسلحة موضع تساؤل. وقال رجلان إن قذائف المورتر أصابت ما بين 80 إلى 90 في المئة من أهدافها ولكن هناك بعض المشكلات. فأحياناً لا تنفجر القذائف وأحياناً أخرى تنفجر قبل الأوان. وقال أحد الرجال: «كلما عملنا أكثر نكتسب خبرة أكبر»، موضحاً كيف أنهم اكتشفوا أن الخليط المسؤول عن دفع القذائف يمتص الرطوبة إذا مرت عليه فترة أطول مما ينبغي وهو ما يمنع بالتالي انفجار القذيفة. وفي أحد مواقع الجبهة في حلب أطلق معارضون قذائف المورتر من ماسورة محلية الصنع انتجت باستخدام المحور الأسطواني لسيارة كقالب للصب. ويعمل مقاتلو المعارضة أيضاً على تصليح الأسلحة التي حصلوا عليها من قواعد الجيش العسكرية التي سيطروا عليها. وتعمل مجموعة من الرجال على إصلاح دبابة تي-72 متوقفة في شارع سكني بعدما انفجر صندوق السرعات الخاص بها. وقال أبو جمعة أحد الفنيين الذين يقومون بتصليح الدبابة التي يرجع تاريخها إلى سبعينات القرن العشرين إن المقاتلين استولوا عليها من كلية للمشاة في شمال سورية وقعت مؤخراً في أيدي المعارضين. وأبلغ رويترز: «ليس لدينا دبابات ولا طائرات ولا مدافع. كل ما لدينا هو الغنائم التي نحصل عليها ونخوض الحرب معه (الأسد) بما حصلنا عليه. هذا هو الواقع. ونحن مضطرون لذلك». وأضاف: «هذه الدبابات عديمة الجدوى في الأساس. لا يمكن تسميتها بدبابة فهي كتلة من الحديد الخردة». وكثيرا ما يشكو مقاتلو المعارضة في الصفوف الأمامية من نقص الأسلحة والذخيرة مما يجبرهم على وقف التقدم والتركيز على الحفاظ على ما حققوه من مكاسب ميدانية. وقال أحد مقاتلي المعارضة الشباب من كتيبة أنصار محمد يرتدي عمامة منقوشة باللونين الأصفر والأسود: «نحصل على ثلاثة آلاف رصاصة شهرياً. ليس لدينا صواريخ مضادة للطائرات... كل شيء من القواعد العسكرية (التي نسيطر عليها)». وعلى رغم أن المعارضين تمكنوا من الاستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة من القواعد العسكرية إلا أنهم يعانون من نقص مزمن في الذخيرة والأسلحة اللازمة لاستهداف الطائرات المقاتلة التابعة للنظام. وقال أبو محمد: «ترون كيف أن الطائرات تضربنا جميعاً ولا تفرق بين كبير وصغير... وبعون الله صنعنا هذه الصواريخ ونستخدمها في الرد عليها».