يشهد الباريسيون أسوة بزوار مدينة النور منذ أيام، تزامناً مع أعياد نهاية العام، مشهداً طريفاً يتلخص في باص كبير أسود اللون يطوف الشوارع ببطء ويتسبب في بعض الأحيان في تعطيل المرور. لكن الموسيقى الصاخبة الأشبه بتلك التي يمكن سماعها في نوادي ال «ديسكو» التي تصدر منه، تغلب على سيره البطيء وتبثّ الحياة في الأحياء كأنها تدعو المارة إلى الرقص في الطرقات... ولا عجب في الأمر إذا عرف المتفاجئ بفكرة الباص أن بلدية باريس وضعت هذه العربة الغريبة الأطوار تحت تصرف سكان باريس وسياحها ليشعروا بأنهم فعلاً في نادٍ ليلي للديسكو. وفي الوقت الذي يتمتّع ركاب الباص بمشاهد باريس الليلية عبر نوافذه، يطربون لأحدث الألحان الموسيقية التي يحرص على بثها «دي جي» (DJ) محترف موجود في الباص. ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل يتعداه إلى وجود حلبة رقص داخل الباص، لا تقل أهمية عن أي حلبة في العُلب الليلية الصاخبة، لكنها أقل حجماً بطبيعة الحال. أما الإضاءة ونوعية الصوت والمقاعد المحيطة بالحلبة، فكلها مطابقة لما قد يرغب فيه المرء إذا تردد إلى نادي ديسكو عادي. ووضعت البلدية «بوفيه» داخل الباص للوجبات الخفيفة ومختلف أنواع المشروبات، وخصّصت نادلاً سريع البديهة والحركة يتمتع بروح الفكاهة العالية ليُضحك الزبائن ويُسلّيهم وسط الجو الموسيقي الصاخب الذي يسود المكان. يبدأ الباص رحلته من الثامنة مساءً وحتى الواحدة بعد منتصف الليل، ويتسع لحوالى مئة شخص. يقف في محطات عدة من أحياء باريس، من أجل صعود رواده ونزولهم. والدخول إليه يتطلب حمل تذكرة خاصة لا بد من اقتنائها من المكاتب السياحية أو من بعض محطات المترو الباريسي أو عبر الإنترنت. والبطاقة صالحة لسهرة واحدة محددة التاريخ، الأمر الذي يسمح بعدم بيع عدد أكبر من التذاكر عما تتسع له مساحة الباص. ويمكن حجز مقاعد الباص كافة لسهرة خاصة كالاحتفال بعيد ميلاد أحدهم مثلاً، وعادة ما يكون ذلك خارج فترة الأعياد التي تفضل بلدية باريس تخصيصها للعدد الأكبر من المواطنين والسياح الأجانب.