باريس - أ ف ب - عندما حظرت باريس التدخين في الحانات والملاهي الليلية قبل ثلاث سنوات، لم تتنبه الى أحد التأثيرات الجانبية المحتملة، وهو تدفق محبي السهر الى الشوارع للتدخين والدردشة ... وإبقاء الجيران مستيقظين. وازدادت حدة الشقاق بين محبي السهر والسكان المستائين من مستوى الضجيج في أحياء المدينة منذ أن اصبح قانون حظر التدخين في المرابع الليلية سارياً في كانون الثاني (يناير) 2008، بعد سنة من بدء تطبيقه في اماكن عامة اخرى. وأطلقت العام الماضي، مجموعة من منسقي الموسيقى (دي دجاي) ومروجي الملاهي الليلية عريضة تحذر فيها من أن الحياة الليلية «تموت» في مدينة الأنوار، بعد سلسلة من الدعاوى القضائية ضد مالكي الحانات واتخاذ سلطات المدينة اجراءات لإقفال الملاهي الصاخبة. منذ ذلك الحين، تفاقمت الخلافات، وهذا الأسبوع استضافت بلدية باريس مؤتمراً لمحاولة التوفيق بين الفرقاء، وهم مالكو الملاهي والشرطة والسكان والسلطات المحلية. وقال رئيس البلدية برتران ديلانو : «باريس مدينة مليئة بالتناقضات، كل باريسي يستيقظ باكراً ويسهر حتى ساعة متأخرة من الليل. كلنا نعمل، وكلنا بحاجة الى النوم، ومن حين الى آخر، نحب ان نحتفل ايضاً». وعلى خلاف لندن، حيث تقع الملاهي والحانات في الأحياء التجارية ويعيش معظم الناس بعيداً من وسط المدينة، يتشارك الجميع المساحة نفسها داخل مدينة باريس المكتظة بالسكان. ويعمل نحو 600 الف باريسي حتى ساعة متقدمة من الليل، 230 الفاً منهم حتى ما بعد منتصف الليل، فيما ينام 2,2 مليون شخص في اسرتهم في الجوار. ويقر ديلانو بأن تشجيع الحياة الليلية واحترام حق السكان بأن ينعموا بالهدوء مهمة صعبة. ويقول: «نحن الباريسيين متطلبون جداً، بل متقلبون. عندما نبقى في منازلنا مساء، نريد حظر التجول في الساعة الثامنة ليلاً. ولكن عندما نرغب في الاحتفال، نريد ان نملك الحق في احداث جلبة حتى الساعة الثامنة صباحاً». بالنسبة الى جناح المعارضة اليميني، الحل يكمن في انشاء مناطق مخصصة للسهر والحفلات، وإحدى المناطق المقترحة هي موقع باتينيول الصناعي السابق في غرب العاصمة. لكن جناح ديلانو اليساري متمسك بشدة بالأحياء التي تجمع بين العمل واللهو، مجادلاً بأن الشوارع المفعمة بالحياة تجعل المدينة أكثر أماناً خلال الليل. يقول ديلانو «حفلات السمر والثقافة هي جزء مما يجعل باريس تتألق».