صندوق النقد الدولي يتوقع "خفضاً ملحوظاً" لتقديرات النمو ويستبعد الركود    وزير الدفاع يلتقي رئيس إيران في طهران    غدًا.. انطلاق التجارب الحرة لجائزة السعودية الكبرى stc للفورمولا 1 لموسم 2025    الباحة تستضيف غدًا بطولة المملكة الرابعة لسباق الدراجات    القبض على إندونيسي ارتكب عمليات نصب واحتيال بنشره إعلانات حملات حج وهمية ومضللة    نائب أمير جازان يرأس الاجتماع الرابع للجنة الإشرافية للأمن السيبراني    نائب أمير منطقة جازان يطّلع على تقرير "الميز التنافسية" للمنطقة لعام 2024    نائب أمير منطقة جازان يضع حجر أساسٍ ل 42 مشروعًا تنمويًا    عبدالعزيز المغترف رئيساً للجنة الوطنية لمصانع الابواب والألمنيوم في اتحاد الغرف السعودية    أمير القصيم يستقبل منسوبي تجمع القصيم الصحي ويطّلع على التقرير السنوي    "تعليم الرياض" يحتفي ب 96 طالبًا وطالبة فازوا بجائزة "منافس"    بدء إلزامية العنوان الوطني لشحن الطرود مطلع 2026    محافظ الأحساء يطّلع على التقرير السنوي للشرطة    معرض اليوم الخليجي للمدن الصحية بالشماسية يشهد حضورا كبيراً    وزير الاستثمار مشاركا في منتدى الجبيل للاستثمار 2025 أواخر ابريل الجاري    24 ألف مستفيد من خدمات مستشفى الأسياح خلال الربع الأول من 2025    تجمع القصيم الصحي يدشّن خدمة الغسيل الكلوي المستمر (CRRT)    تخريج الدفعة ال22 من طلاب "كاساو" برعاية نائب وزير الحرس الوطني    السعودية وإندونيسيا تبرمان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في قطاع التعدين والمعادن    جامعة الإمام عبدالرحمن وتحفيظ الشرقية يوقعان مذكرة تفاهم    مشاركة كبيرة من عمداء وأمناء المدن الرياض تستضيف أول منتدى لحوار المدن العربية والأوروبية    قطاع ومستشفى تنومة يُنفّذ فعالية "التوعية بشلل الرعاش"    في الجولة ال 28 من دوري روشن.. اختبار شرقاوي.. الاتحاد والنصر ضيفان على الفتح والقادسية    في إياب ربع نهائي يوروبا ليغ.. مانشستر يونايتد في لقاء الفرصة الأخيرة أمام ليون    1.7 مليار ريال صادرات التمور السعودية    الاتحاد الأوروبي يشدد قيود التأشيرات على نهج ترامب    أنور يعقد قرانه    مجلس «شموخ وطن» يحتفي بسلامة الغبيشي    زخة شهب القيثارات تضيء سماء أبريل    إيران على مسافة قصيرة من العتبة النووية    وفاة محمد الفايز.. أول وزير للخدمة المدنية    سهرة فنية في «أوتار الطرب»    بقيمة 50 مليون ريال.. جمعية التطوع تطلق مبادرة لمعرض فني    الأفواج الأمنية تشارك في معرض المرور بمنطقة نجران    العراق: انتهاء الاستعدادات لتأمين القمة العربية الشهر المقبل    5 جهات حكومية تناقش تعزيز الارتقاء بخدمات ضيوف الرحمن    القيادة تعزي ملك ماليزيا في وفاة رئيس الوزراء الأسبق    الأمير سعود بن جلوي يرأس اجتماع المجلس المحلي لتنمية وتطوير جدة    متوقعة جذب تدفقات قوية في المملكة.."فيتش": 1.3 تريليون ريال حجم «إدارة الأصول» في 2026    في نصف نهائي كأس آسيا تحت 17 عاماً.. الأخضر يسعى للنهائي من بوابة كوريا الجنوبية    أرسنال يكرر فوزه على ريال مدريد حامل اللقب ويتأهل لقبل نهائي دوري أبطال أوروبا    ملتقى الثقافات    توصيات لمواد وألوان عمارة واحات الأحساء    الرياض أكثر مناطق المملكة في شاشات السينما    "التعليم" تستعرض 48 تجربة مميزة في مدارس الأحساء    "الملك سلمان للإغاثة" يواصل دعم المجتمعات المحتاجة    قطاع الأعمال السعودي يدعم صندوق تمكين القدس    قيود أمريكية تفرض 5.5 مليارات دولار على NVIDIA    "ليلةٌ دامية" في غزة ومفقودون لا يزالون تحت الأنقاض    تدشين برنامج «سمع السعودية» لزراعة القوقعة للأطفال الفلسطينيين    الرياض تستضيف كأس الاتحاد السعودي للكرة الطائرة    خمس جهات حكومية ترسم مستقبل الحج والعمرة    ما كل ممكن يسوغ    قوات الدعم السريع تعلن حكومة موازية وسط مخاوف دولية من التقسيم    أمين المدينة: تأهيل 100 موقع تاريخي بحلول 2030    إحباط تهريب 147 كيلوجراماً من الشبو بميناء جدة الإسلامي    رُهاب الكُتب    سمو أمير منطقة الباحة يتسلّم تقرير أعمال الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«داعش» لا يمثّل السنّة والجيش العراقي لا يمثل الشّيعة
نشر في الحياة يوم 20 - 09 - 2014

اكتسبت التطورات الأخيرة في العراق وتحديداً بعد 10 حزيران (يونيو) مع دخول قوات «الدولة الإسلامية/ داعش» مدينة الموصل، أهمية خاصة علي غير صعيد. ومن الصعب اختزال ما حدث ويحدث في العراق كونه مجرد أزمة بين عناصر مصنّفة تكفيرية إرهابية والجيش العراقي، بسبب تداخل عوامل داخلية وإقليمية ودولية في هذه التطورات.
علي المستوي الداخلي عجزت الحكومة العراقية عن استيعاب المكونات والأحزاب السياسية، خصوصاً بعد خروج القوات الأميركية عام 2011، والذي انعكس في شكل واضح علي عدم نجاحها في خلق رأي عام عراقي لمواجهة عناصر «داعش» عندما رفض مجلس النواب الانعقاد لإعلان حالة الطوراي في 12 حزيران (يونيو)، خصوصاً ان القوات الكردية سعت لاستغلال الظرف الطارئ لدخول مدينة كركوك النفطية، في الوقت الذي نجحت عناصر «داعش» من ضم العشرات من المنتفضين من أبناء العشائر السنّية إليها في الشريط الذي يمتد من الحدود العراقية وحتي محافظة ديالي المتاخمة للحدود الإيرانية، مروراً بمحافظة صلاح الدين، وقد تحاشت تلك العناصر التحرش بالمنطقتين الكردية شمالاً، والشيعية جنوباً.
ولم يستطع الجيش العراقي الذي كان مرابطاً في تلك المناطق من صد هذه العناصر بسبب ظروف متعدّدة ومعقّدة تتعلق بانتماءات هذا الجيش وعقيدته وتاريخه، ورؤيته لتطورات الأوضاع منذ دخول القوات الأميركية العراق عام 2003 وإلى حد الآن.
أما الشيعة، وبسبب تشتّت موقفهم علي الأحزاب والتيارات السياسية كالمجلس الإسلامي الأعلي وحزب الدعوة الإسلامية بأقسامه الأربعة والتيار الصدري بتشعباته، ومنظمة بدر وأنصار المرجعيات الدينية، بدوا عاجزين عن إرسال رسالة موحدة تعكس تماسكهم حول موقف موحد حيال القضايا المطروحة، اضافة الي ان معظم القيادات الشيعية انشغل في القضايا الاقتصادية والفساد المالي المستشري في مرافق الدولة، ما أضعف موقفهم حيال الوقوف في مواجهة تنظيم داعش.
وفي ما يخص الأكراد فإنهم استطاعو إدارة صراع القوي الإقليمية وتحديداً إيران وتركيا ليصب في مصلحتهم الاستراتيجية، وهي إقامة دولة كردية في شمال العراق. وقد نهج الأكراد مسيرة تستند إلي السير خطوة خطوة نحو تعزيز قدراتهم الاقتصادية والسياسية والقانونية انتظاراً للفرصة السانحة للانفصال عن الحكومة المركزية وهو حلم راود الشعب الكردي منذ اكثر من سبعة عقود، وتحديداً منذ جمهورية مهاباد في أربعينات القرن الماضي التي أرساها المرحوم الملا مصطفي البرزاني والد رئيس إقليم كردستان العراق الحالي مسعود برزاني، وكانت خطوة داعش بالدخول إلى العراق فرصة اعتقدوا أنها ستفرش لهم السجادة الحمراء نحو تأسيس الدولة الكردية المستقلة علي أصوات طبول الحرب.
يبقي السنّة الذين شعروا بفقدان المراكز الحساسة في البلد بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003، علي رغم دخولهم العملية السياسية وحصولهم علي مناصب مهمة كما أقرّها الدستور العراقي الجديد. ولم تستطع حكومة نوري المالكي تعزيز الثقة مع السنة الذين شعروا بالتهميش والاستبعاد عن مراكز القرار واتُّهموا باحتضان المجموعات المسلحة التي واجهت الحكومة الشيعية، ونسف العملية السياسية وإلغاء الدستور وعودة الأوضاع الي ما كانت عليه قبل العام 2003. وعندما دخلت داعش إلي مناطقهم لم ينظروا إلي ذلك بالمزيد من الاهتمام لأنهم اختاروا بين السيء والأسوأ في أفضل الحالات.
واستطاع تنظيم «داعش» استغلال هذه العوامل مستقطباً شريحة واسعة من الضباط والقادة العسكريين العراقيين السابقين من اجل مواجهة الحكومة العراقية، والجيش العراقي الذي يصفونه بالطائفي، اضافة الي سعيهم إلى تهشيم ما يعتقدون بالهلال الشيعي الذي يشكل العراق احد عناصره. ساعدتهم في ذلك علاقاتهم مع العشائر السنّية في العراق طيلة الأعوام الثلاثة الماضية قبل ان يعلنوا تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» والذي كان خطوة لدخول العراق وإيجاد معادلة جديدة تخدم الطائفة السنّية، بعدما وقفت الحكومة العراقية الي جانب حكومة الرئيس السوري بشار الأسد و«حزب الله» اللبناني وما يسمي محور المقاومة.
ولم تقتصر جهود تنظيم «داعش» علي استيعاب العشائر العراقية السنية وإنما أيضاً تمكن من استيعاب الآلاف من الشبّان الغاضبين في العديد من الدول الإسلامية. وعلي رغم أن «داعش» لم يستطع إقناع جميع الطائفة السنية في العراق بجدوي الانضمام إليه، إلا أنه نجح في إقناع المنتفضين الذين جمعتهم حالة العداء للحكومة العراقية للانضمام أو العمل معه، كالنقشبندية التي يديرها نائب الرئيس العراقي السابق عزة الدوري وجيش المجاهدين وغيرهما.
وتضاربت مصالح الدول الإقليمية في العراق استناداً إلى تعريف كل دولة لأمنها القومي. فإيران رأت في التطورات السياسية عاملاً مشجعاً للتخلص من عدوها اللدود صدام حسين وعملت علي دعم حكومة عراقية قادرة علي التعايش معها وتحقيق مصالحها بناءً علي تعريفها لأمنها القومي ومصالحها المشتركة مع العراق، في حين عملت الحكومة التركية التي رأسها رجب طيب أردغان علي تعزيز الدور التركي الذي كان غائباً لأعوام طويلة عن المنطقة، خصوصاً أن العراق يمكن ان يخدم الاقتصاد التركي ويخدم التطلعات التركية للانضمام للاتحاد الأوروبي اذا نجح في الإمساك بالورقة العراقية بما تحتوي من طاقة مهمة لدول الاتحاد الأوروبي. اما إسرائيل فإنها المستفيد الأكبر إذ بقيت تراقب التطورات، لأن تفكيك الجيش العراقي بهذه الحالة التراجيدية وفّر لها مكاسب علي صعيد أمنها القومي، خصوصاً ان هذا الجيش كان دخل أكثر من حرب الي جانب الجيوش العربية ضد إسرائيل.
وعلي المستوي الخارجي كانت الولايات المتحدة اللاعب الأقوي في العراق منذ الاحتلال الأميركي عام 2003 وبالتالي فهي تريد الحفاظ علي مصالحها، تحديداً في مجال إنتاج النفط، لكن موقفها حيال تمدد داعش داخل العراق اتسم بالتناقض، فهي من جهة تدعو الي إعادة الهدوء والاستقرار، ومن ناحية أخري غير مستاءة من تورط عناصر «داعش» بحرب مع العراقيين، وما نراه من تباطؤ في عدم الوفاء بالتزاماتها حيال الحكومة العراقية خير دليل علي ذلك.
أما روسيا فإنها تريد العودة إلى المسرح العراقي بعدما ابتعدت عنه خلال إطاحة نظام صدام حسين ودخول القوات الأميركية، وربما حاولت استغلال الظروف الجديدة للعودة إلي العراق، وهو ما تجسد في الإسراع لطلب الحكومة العراقية بإرسال طائرات مروحيّة وطائرات مقاتلة لمساعدتها في مواجهة «داعش». الأوربيون الذين لم يتقاسموا الكعكة العراقية بعد إطاحة نظام صدام حسين يراقبون المشهد ولربما يشعرون بارتياح بسبب وجود العديد من المتطرفين المسلمين الأوربيين في «داعش» الذين تسحقهم طواحين الموت في العراق او سورية.
واستناداً إلي ما تقدم فإن ماحدث في العراق من تطورات داخلية كان موضع اهتمام القوي الإقليمية والأجنبية بسبب العوامل الجيوبوليتيكية التي يتمتع بها. ومن الضروري الأخذ في الاعتبار مصالح الأطراف المعنية بالشأن العراقي في أي برنامج يريد إعادة الأمن والاستقرار إلى العراق. لأن عدم الأخذ بهذه المصالح يعني إما تعقيد الحلول المفترضة او إطالة أمد هذه الحلول. وإذا كانت العوامل الداخلية للعراق سبب ما حدث في 10 حزيران (يونيو)، فمن الضروري أن تبدأ الحلول من الداخل العراقي وإعادة صوغ العملية السياسية بما تحقق الثقة بين العراقيين، وإجراء مصالحة حقيقية مع كل المكونات من خلال إشراكها في القرار السياسي في هذه المرحلة من اجل حفظ المصالح العامة والحفاظ علي حاضر العراق ومستقبله بعيداً من التعصب الديني، والتطرف القومي، والسلوكات العاطفية التي لا يمكن لها أن تبني العراق. وأمام الحكومة العراقية الجديدة تحديات سياسية يجب أن تأخذها في الاعتبار وأن تعمل للتوازن في علاقاتها الإقليمية والدولية للخروج من الأزمة، والاعتراف بأن تنظيم «داعش» لا ينوب عن أهل السنة والجماعة، كما أن الجيش العراقي لا يمثل الطائفة الشيعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.