سعى الرئيس المصري محمد مرسي، في أول خطاب له أمام مجلس الشورى بعد إعادة تشكيله، إلى طمأنة المصريين أن بلادهم «لن تفلس أو تركع أبداً ما دام شعبها منتجاً»، في ظل أنباء عن تراجع خطير في احتياط العملات الصعبة بلغ درجة إعلان المصرف المركزي أنها وصلت إلى الدرجة الدنيا التي تحتاجها مصر للوفاء بالتزاماتها الدولية. وأعلن المصرف أمس اعتماد نظام جديد لشراء الدولار الأميركي وبيعه بعد هجمة من المصريين لبيع الجنيه وشراء الدولار خشية خفض قيمة عملتهم الوطنية. وجدد مرسي في خطابه دعوته إلى معارضيه للحوار حول قانون تنظيم الانتخابات الاشتراعية المتوقع إجراؤها في آذار (مارس) المقبل، الأمر الذي رفضته «جبهة الإنقاذ الوطني» مجدداً، على رغم تعهد الرئيس بأن الانتخابات ستُجرى في شكل حيادي وتحت إشراف قضائي كامل، وأن البرلمان المقبل سيكون ممثلاً ل «إرداة شعبية». ولوحظ أن مرسي بعث برسائل لطمأنة الأقباط المتخوفين من مزيد من التهميش، إذ شدد في كلمته التي حضرها بطريرك الأقباط تواضروس الثاني الذي كان يجاور شيخ الأزهر أحمد الطيب، على أن «الحرية للجميع على اختلاف انتمائهم الديني، مسلمين ومسيحيين، واختلاف معتقدادتهم السياسية». وسعى أيضاً إلى تهدئة غضب القضاة، متعهداً ب «تعزيز سلطان القضاء وضمان استقلاله». كما سعى إلى تهدئة المخاوف من حملة تضييق تستهدف الإعلام، مؤكداً أن الدولة «لا يمكن أن تقوم من دون إعلام حر بعيداً من سطوة السلطة»، لكنه لمّح إلى أن بعض وسائل الإعلام يديرها «رؤوس أموال فاسدة من أصحاب المصالح»، وهو الاتهام الذي درجت عليه جماعة «الإخوان المسلمين». ورأى مرسي أن بناء دولة عصرية «لا يمكن القيام به إلا بتكاتف كل القوى». وعدد نجاحات فترة حكمه (6 أشهر) في تحريك الاقتصاد، لكنه اشتكى من «ميراث» النظام السابق، ومن عرقلة أحداث العنف التي شهدتها البلاد خلال الأسابيع الأخيرة للنمو الاقتصادي الذي تحقق منذ توليه سدة الحكم. وجددت «جبهة الإنقاذ الوطني» التي تمثل قوى المعارضة الرئيسية، رفضها للحوار مع رئيس الجمهورية، وأعلنت رفضها استمرار حكومة هشام قنديل، وطالبت بحكومة «طوارئ» ممثلة لكل القوى السياسية. ورهن عضو الجبهة رئيس الحزب المصري الديموقراطي محمد أبو الغار الحوار مع الرئاسة ب «وضع أجندة واضحة للحوار وتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه»، معتبراً أن دعوات مرسي المتكررة للحوار «مجرد أحاديث إعلامية لا تتضمن أي مضمون». ورأى القيادي في حزب «الدستور» جورج إسحق، أن خطاب مرسي أمس «لم يأتِ بأي جديد، وليس له قيمة». واتهم الرئيس المصري بتضمين خطابه معلومات خاطئة ومخالفة للوقائع، خصوصاً حديثه عن تحسن الوضع السياحي والاقتصاد المصري. وانتقد اسحق اختيار مرسي لمجلس الشورى لتوجيه خطابه، ورأى أن مجلس الشورى تحوم «شكوك حول شرعيته»، كما انتقد «الإصرار على العناد» بالإبقاء على رئيس الحكومة قنديل، على رغم المطالبات برحيله. وكانت الرئاسة المصرية شكلت لجنة للتواصل مع قوى المعارضة وحضها على حضور جلسات «الحوار الوطني» التي يرأسها نائب الرئيس المستقيل محمود مكي، وأوضح عضو اللجنة محمد أنور السادات أن نقاشات تجري الآن في الأروقة «بيننا وبين رموز جبهة الإنقاذ الوطني، لكن حتى الآن لم نصل إلى نتائج ملموسة على الأرض، فهناك مناخ من عدم الثقة يسود أطراف المعارضة، ونحن نسعى إلى كسر تلك الفجوة وبناء جسور ثقة»، مشيراً إلى «أن حديثنا مع رموز المعارضة يعتمد على حضهم على قبول الجلوس للنقاش مع الرئاسة في شأن قانون الانتخابات البرلمانية المقبلة، إضافة إلى إجراء تعديلات على الدستور الجديد». ولفت إلى أن الرئاسة أبدت استعدادها لتقديم تنازلات.