«ثمّة شعور ناعس لم يدرك بعد أن غداً الاحتفال مسيرة الانتهاء من البكالوريوس بإذن الله... يا الله هَب لنا توفيقاً من عندك تُسدد به خطواتنا» هذا كُل ما كتبته ليلة تخرجي التي لطالما كنت أثرثر بها في بداية مرحلتي الجامعية مدة أربع أعوام.. لكنها أصبحت ليلة مُمتلئة بالكثير من الأفكار الخالية من شعور أستطيع وصفه وكأنها لحظة أتت بغتة بلا سابق إنذار، لأستيقظ في صباح السبت 21 نيسان (إبريل) على مُكالمات الصديقات المُندفعات للتهنئة، لإكسابي شعوراً أستطيع وصفه مساء هذا اليوم، لتنتشلني من بينها مكالمة والدي التي كانت أثناء عمله فقط ليخبرني: «أن هذا اليوم لن يتكرر، وكل شيء بانتظارك هُناك، ونُحن بانتظار عودتك أيضاً يا ابنتي». حينها أيقنت أن هذا اليوم هو اليوم الموعود، وبدأت أستعد له حسّاً وإحساساً. كانت جُل المشاعر مرتبكة حتى لحظة استقبال الطاقم التدريسي واهتمامهم بنا، وبمظهر يليق كخريّجات جامعة الأميرة نورة، وبدأت الشوارع في المساء تكتظ لتمتلئ القاعة بالحضور الذي يُغني عنهم جميعاً وجود أمي بينهم، وكان هذا الحفل أول حفل يُقام في مبنى الجامعة الجديد. بدأت أصوات الضجيج في كل مكان والتهاني المختلطة بدموع الفرح، لحظة ظهور صفوف مسيرة الخريجات أمام صاحبة السمو والطاقم الإداري ومدرجات الحضور الهائل.. كانت لحظة لن تُنسى أبداً، وكذلك شعوري الذين لن يتكرر حين رأيت الحضور وعيناي تجولت في الصفوف بحثاً عن وجه أمي، التي لولا الله ثم هي ووالدي وعائلتي لما وصلت إلى هذه العتبة على مسرح التخرج إلا بدعمهم لي، وليس بوسعي إلا أن أرفع قُبعتي احتراماً للسنين الماضية، ولكل مُعلم صوّب خطأي، ولكل صديق وقف معي أثناء دراستي. كانت لحظات جميلة أُضيفت إلى حياتي، ولو أنها مبتورة، لأني لم أقابل أمي إلا في المنزل من شدة الزحام وانعدام شبكة الاتصال آنذاك، إلا أنها حين قالت لي عن رؤيتها جيداً، ودعواتها لي، أثناء وقوفي أمام الحضور، تعني الكثير. وما كان التخرج إلا قفزة بداية لحياة أجمل بإذن الله، وبداية لمشوار النجاح الذي لا ينتهي، إما بإكمال الدراسات العُليا أو تطبيق تخصصي الذي كان حُلماً لي كمعلمة رياض أطفال، يتخرّج على يدها الطبيب والمدرس والمهندس... ومُربية أجيال في المقام الأول بفضل الله ومنته. جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن