يبتكر داعمو الثورة السورية وسائل متنوّعة لمساندة القتال المتواصل ضد نظام الحكم في سورية. ولعل أحدث ابتكاراتهم في مجال الألعاب الإلكترونية، أن طوّر عبد الله عدنان لعبة «عُشّاق الحُريّة». وصنع لها تطبيقاً رقمياً وُضِع على مخزن التطبيقات التابع لمحرك البحث «غوغل»، وهو مُستودع للتطبيقات المتوافقة مع نظام «أندرويد»، خصوصاً تلك الموجّهة الى الأجهزة الذكية. ومن المستطاع الحصول على لعبة «عُشّاق الحُريّة» من مخزن «بلاي غوغل» على الرابط الإلكتروني التالي: https://play.google.com/store/apps/details?id=com.BAG.OshaqAlhrua&hl=en. نضال ضد «الزعيم» تصوّر «عُشّاق الحُريّة» الصراع الدائر في سورية بين الثوار والزعيم. وتُعرّف هذه اللعبة المخصصة للأجهزة الذكيّة نفسها بأنها «أول لعبة عربية عن الثورة السورية، على أجهزة ال «سمارت فون». وعلى رغم انتشار هذه الأجهزة في عالمنا العربي وضخامة عدد داعمي الثورة، فإن عدد من حملوا هذه اللعبة من متجر «غوغل» لا يزال متواضعاً، ولا يتعدى 1100 شخص. تدور حوادِث اللعبة في مدن سورية تشهد معارك ضارية بين النظام السوري من جهة والثوار من جهة أخرى. وتتركّز مجريات اللعبة في خمس مدن رئيسية هي تلك التي تستقطب اهتماماً ضخماً بسبب الاحتدام المستمّر للمواجهات فيها. وبغض النظر عن الموقف من الحوادِث في سورية، ربما شكّلت هذه اللعبة «فشة خُلق» لمن يريد الانتقام من النظام السوري. في المقابل، لا تبدو «عُشّاق الحُريّة» من الألعاب الإلكترونية الاحترافية الصعبة. إذ تكتفي بالاستناد إلى فكرة بسيطة قوامها وجود مقرّ للثوار في مدينة سورية. وتتعرّض المدينة لهجوم من جنود النظام. ويفترض باللاعب الدفاع عن مقر الثوّار عبر الردّ على نيران العدو بالمثل، والسعي للقضاء على المهاجمين. ويتمثّل الهدف الرئيسي للاعب في الدفاع عن «مدينة طالبت بالحُريّة»، وفق كلمات مطوّر اللعبة، بمعنى حمايتها من الهجمات الوحشية لقوات العدو الذي يسعى لقمع الحُريّة. وكلما فاز اللاعب بنجوم في مرحلة ما، استطاع ان ينتقل الى مرحلة تالية. تترافق اللعبة مع أناشيد حماسية وثورية تؤكد أن زمن الثورة السِلميّة ولى، وحان وقت الدفاع عن الثورة بالدم. تنطلق المرحلة الأولى من اللعبة في مدينة حمص. ويفتَرَض باللاعب اجتياز 30 مستوىً متشابها تقريباً، كي يصير مؤهّلاً للانتقال إلى مرحلة تالية. وتنتهي المرحلة الأولى بمواجهة مفصليّة بين الثوار وآلة الفتاك التابعة ل «الزعيم»، عبر معركة ضارية، بل لا يتمكن اللاعب من الانتقال إلى المرحلة التالية قبل الفوز في هذه المعركة التي غالباً ما تتطلب الكثير من التركيز لاجتيازها. وبعد «حماية» الثورة في حمص والقضاء على الجيش السوري، تكون المعارك اللاحقة في مدن درعا (التي يشكّل اجتياز اخر مستوياتها صعوبة كبرى)، ثم دير الزور فحلب وأخيراً دمشق، التي يعتبر دخولها من قِبَل الثوّار حدثاً يرمز لانتصار الثورة. في مستويات اللعبة المختلفة، يتدرّج الهجوم الذي يشنّه الجنود التابعون للزعيم، بحيث يبدأ بالأقل ضراوة ثم يتطوّر تدريجياً، في الشدّة والعنف. ونرى مهاجمون يستعملون أسلحة خفيفة أثناء الهجوم على مقر الثوار. ويقسّم المهاجمون إلى فئات عدّة، تضمّ «الشبّيح» وهو بطيء الحركة ومسلح بالمسدس ويقاتل من مسافة قريبة، والجندي ذا الرشّاش السريع الطلقات، وهو يهاجم بال «كلاشينكوف» من مسافة متوسطة، بينما يبدو الجندي الذي يقذف الصواريخ بطيئاً أيضاً، لكنه يقاتل من مسافة بعيدة. وعلى هذا النحو، يشارك في المعارك الجندي القنّاص الذي يضرب بسلاحه من مسافة أكثر بُعداً، وهو بطيء الحركة. وتضمّ صفوف المحاربين جنود القوة الخاصة، وسلاح مدفعية الهاون بقنابلها الثقيلة التي تُلحِق الدمار بمقر الثوار. الطيران لا تغفل لعبة «عُشّاق الحُريّة» دور الآليات التي يستخدمها الزعيم، ويدفع بأعداد كبيرة منها في مواجهة الثوار. وكذلك تُدرِج اللعبة في معاركها، أسلحة المدفعية والسيّارات المجهّزَة بالرشاشات الثقلية، وهي تهاجم فجأة، وتدمّر المّدن بسرعة. وتستحضر اللعبة معارك المُدرعّات والدبّابات ذات المدافع المدمرة، إضافة الى حاملة الصواريخ التي تُسبّب خراباً كبيراً. وتفسح اللعبة المجال أمام محاكاة لمشاركة سلاح الجو بطائراته المروحية ومقاتلات ال «ميغ 21» و «ميغ 23». وتضع اللعبة في يد الزعيم السلاح الأكثر فتكاً: راجمة الصواريخ التي تُمطِر المدينة قصفاً وتبيدها، إذا لم يستطع اللاعب ردعها كما يلزم. وتصل المعارك الافتراضية في اللعبة إلى ذروتها مع وصول الآليات العسكرية وطائرات القصف التي تساهم في قصف مقرات الثوّار. وأثناء دفاعه عن نفسه، يستطيع اللاعب استخدام مئة رصاصة يفترض أن تُستَعمَل في مساندة الثوار والقضاء على المهاجمين. وكلما استطاع اللاعِب تفجير شاحنات الذخيرة التابعة للزعيم، أعطته اللعبة خياراً يمتثّل في اغتنام ما تحتويه الشاحنة من أسلحة متطورة. وهناك ثلاثة أنواع من الأسلحة توضع في تصرّف اللاعب، هي الرصاص الذي يستعمل في عمليات قنص لاصطياد المهاجمين، وهناك الرشاشات وقاذفات الصواريخ، لكن كميّاتهما تبقى محدودة، فلا يحصل اللاعب من كل شاحنة بنيّة اللون إلا على 30 رشاشاً، ويغنم 3 قاذفات صواريخ من كل شاحنة خضراء. ويمكن للاعب قتل أكثر من جندي برصاصة واحدة، بينما يحتاج لأكثر من رصاصة لتدمير الآليات، ويمكنه استخدام صاروخ عندما يغنم قاذفة صواريخ، ليقضي على أكثر من جندي وآلية. يذكر أن لعبة «عُشّاق الحُريّة» متوافرة مجاناً في متجر «غوغل بلاي»، وتشهد صفحة اللعبة أيضاً معارك كلامية بين أنصار الثورة وأنصار النظام. وتصادف اللعبة بعض المشكلات التقنية، كشكوى عدد من مستخدميها من ظهور خلفية بيضاء للعبة. ويشتكي لاعبون من تغييب مدن صامدة مثل إدلب. كما أن اللعبة كبيرة الحجم رقمياً، وتتطلب مساحة 30 ميغابايت لتنزيلها، وهو أمر ربما لا يكون سهلاً في الأجهزة الذكيّة المحمولة. وأخيراً أدخلت بعض التحسينات على اللعبة في ألوان الصور والسرعة. وبحسب شرح يقدمه عبدالله عدنان، وهو مطوّر اللعبة، «تقدّم «عُشّاق الحُريّة» تجربة جديدة في عالم صناعة الألعاب العربية. تأتي الجدّة من فكرتها، وسعيها لدعم الحراك الثوري على أراضي سورية. وأوضح المُطوّر أنه يعتبر العمل «مجرد تحيّة لبطولات عظيمة قدّمها (وما زال) الشعب البطل، الشعب السوري الأبيّ الذي رفض الخضوع والذل والهوان». وعلى موقع اللعبة، يوجّه عدنان رسالة تقول: «تحميلك اللعبة ونشرها دعم لرسالتنا ولجيل الحُريّة». ببساطة، ينقل مُصمّم اللعبة المعارك الدائرة على أرض الواقع إلى العالم الافتراضي. يمكن للاعب أن يفوز على النظام، حتى لو تعلّق الأمر بلعبة إلكترونية، كي يحقّق نصراً في العالم الافتراضي على زعيم يتمنى سقوطه فعليّاً، في كل لحظة.