في مقر قيادة «كتيبة التوحيد»، وهي الاكبر في حلب، يعزو قادة الثوار السوريين طول امد المعركة في هذه المدينة الى قلة الذخائر المتبقية لديهم، والتي تتيح لهم مجرد الدفاع عن مواقعهم مع قلة من القناصة. ومن اجل اجتماع المساء، يصل قادة الوحدات الواحد تلو الآخر من قواعد اقيمت في احياء سيف الدولة والعزة وصلاح الدين والاميرية شرقاً. وبعضهم يرتدي العباءات والبعض الاخر لباساً مدنياً او بنطالاً مع سترة عسكرية، وبينهم مقاتلون يلفون رؤوسهم بعصبة عليها شعار اسلامي او رجال تظهر على ذراعيهم الأوشام. وكلهم تقريباً يتحدثون عن النتيجة نفسها، وهي ان الامور لا تتحرك في حلب بسبب عدم وجود ذخائر لدى مقاتلي المعارضة. وبعدما حققوا في نهاية تموز (يوليو) تقدماً كبيراً في مستهل المعارك في هذه المدينة الكبرى بشمال سورية التي بقيت لفترة طويلة بمنأى عن حركة الاحتجاج، لم يعد الثوار يقاتلون الآن الا للحفاظ على مواقعهم. ويقول ابو فرات، احد قادة كتيبة التوحيد «منذ شهر، الجبهة لم تعد تتحرك». ويعزو هذا الضابط المنشق عن الجيش النظامي الوضع الى نقص الذخائر. ويقول احد الرجال: «الدول التي تقول انها تدافع عن حقوق الانسان يجب ان ترسل لنا ذخائر»، فيما يكرر كل قائد وحدة العبارةَ نفسها: «لم يعد لدينا ذخائر». ويقول احد الثوار: «لم أتلق من قادة الخارج اي رصاصة» في اشارة الى قادة الجيش السوري الحر الذين اعلنوا عودتهم الى سورية بعدما امضوا حوالى سنة ونصف السنة لاجئين في تركيا. ويؤكدون انهم بعدما صادروا خمسة الاف بندقية رشاشة وحوالى 2500 قاذفة صواريخ من ثكنة في حي حنانو خلال الهجوم الاخير، اصبح الثوار الآن تنقصهم الذخائر. وقال احد القادة «انتم الشباب، مطلعون على الفايسبوك ومواقع الانترنت، وجهوا دعوة للحصول على هبة، قوموا بشيء ما». وينظر القادة على خارطتين، إحداهما معلقة على لافتة خشبية والاخرى مطبوعة من موقع غوغل. وفيما يشيرون الى مواقع على الخارطة يبحثون عن مكاسب النهار. فبعض الشوارع اصبحت في ايدي المعارضة المسلحة، فيما لا تزال اخرى خارجة عن سيطرتها ويتقدم الثوار عبر جدران مبان سكنية تخترقها الفجوات. ويقول احد كبار قادة الكتيبة: «اليوم نحن نسيطر على ما بين 60 و 70 في المئة من حلب ومئة بالمئة من بلدات المنطقة». لكن سلاح الجو لدى النظام يسيطر وحده على الأجواء ويقوم بقصف منتظم. ومن الملاحظ ان القوات النظامية لا تزال تسيطر على عدة طرقات تربط حلب بالحدود التركية الى الشمال. ويقول رجل ضاحكاً: «في أحد الأيام هاجمنا الجيش وقتلنا وأصبنا عشرات الجنود بجروح، لكن مثل العادة أعلنت وسائل الاعلام الرسمية عن عملية ناجحة ضد العصابات الارهابية المسلحة ومقتل مئات الإرهابيين». والسلطات التي لا تعترف بحركة الاحتجاج، تعتبر المعارضين والثوار «عصابات إرهابية مسلحة» تبث الفوضى في البلاد. وبعد استعراض وضع عمليات اليوم، يحين الوقت للحديث عن الغد.