قتل أمس أكثر من 40 شخصاً في أنحاء مختلفة في سورية، بينهم 20 شخصاً في قرية في محافظة الرقة في شمال سورية جراء قصف للقوات النظامية، وعشرون مقاتلاً في اشتباكات عنيفة في محيط معسكر وادي الضيف قرب مدينة معرة النعمان. وتجددت الاشتباكات في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوبدمشق، فيما ارتفعت حصيلة القتلى في النزاع السوري المستمر منذ 21 شهراً إلى أكثر من 45 ألف شخص، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الأربعاء. وقال المرصد في بيان أمس: «استشهد ما لا يقل عن 20 مواطناً، بينهم ثمانية أطفال وثلاث نساء، إثر قصف مصدره القوات النظامية السورية تعرضت له مزارع قرية القحطانية» الواقعة إلى الغرب من مدينة الرقة. وأظهر شريط فيديو التقطه ناشطون وبثه المرصد على موقع «يوتيوب» الإلكتروني، عدداً من الجثث بعضها لأطفال بدت عليها بقع دماء في غرفة لم يحدد مكانها. ووضعت على بعض هذه الجثث أغطية بيضاء وغطيت أخرى ببطانيات، بينما بدا شخص برداء أبيض يقوم بتغطية جثث أخرى. وأكد ناشطون على صفحة «شبكة أخبار الرقة» على موقع «فايسبوك» للتواصل الاجتماعي، «سقوط جرحى بالعشرات في مزرعة القحطانية وعائلة بكاملها غرب المدينة»، مشيرين إلى أن «إسعافهم يتم إلى المشافي بالدراجات النارية لعدم توافر السيارات والمحروقات». وكان المرصد أفاد في وقت سابق عن تعرض قرى مزرعة يعرب وربيعة والقحطانية للقصف من القوات النظامية السورية. وشهدت الرقة في الأشهر الماضية تصاعداً في أعمال العنف مع محاولة المقاتلين المعارضين السيطرة على مناطق في هذه المحافظة الحدودية مع تركيا. وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن، أن الضحايا الذين سقطوا الأربعاء هم من المزارعين. وأضاف: «لا يوجد مقاتلون من أي مجموعات منظمة من المقاتلين في هذه المنطقة. الشهداء هم مجرد مزارعين». وفي محافظة إدلب (شمال غرب)، قتل 19 مقاتلاً وأصيب العشرات بجروح في اشتباكات مع القوات النظامية في محيط معسكر وادي الضيف ومراكز وحواجز القوات النظامية النظامية بالقرب من مدينة معرة النعمان وجنوبالمدينة، بحسب المرصد. وأشارت بيانات متلاحقة للمرصد إلى «مقتل وجرح عشرات العناصر من القوات النظامية»، وإلى قصف بالطائرات استهدف قرى محيطة بالمعسكر. ونقل المرصد عن نشطاء في المنطقة أن «هذه الاشتباكات هي الأعنف في المنطقة منذ أشهر». واستولى مقاتلو المعارضة على مدينة معرة النعمان الاستراتيجية في التاسع من تشرين الأول (أكتوبر)، ما عاق وصول الإمدادات إلى القوات النظامية في مدينة حلب (شمال). ومنذ ذلك الوقت، تحاول القوات النظامية استعادة السيطرة على المدينة، في حين يحاول المقاتلون المعارضون الاستيلاء على معسكر وادي الضيف، أكبر معسكر للقوات النظامية في المنطقة. وقتل 58 شخصاً في أعمال عنف في مناطق مختلفة من سورية الأربعاء، هم 26 مدنياً و32 مقاتلاً معارضاً، وفق المرصد. إلى ذلك، ذكر المرصد أن الاشتباكات تجددت ليل الثلثاء الأربعاء في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوبدمشق، بين مقاتلين معارضين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد بينهم فلسطينيون، ومسلحين من اللجان الشعبية الفلسطينية الموالية للنظام، وذلك بعد أيام من توقفها إثر اتفاق لسحب المسلحين المعارضين للنظام السوري والموالين له. وشهد المخيم في الفترة الماضية سلسلة من أعمال العنف، إذ تعرض للمرة الأولى لقصف من الطيران الحربي السوري في 16 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، ومرة أخرى في 18 منه، تزامناً مع اشتباكات في عدد من أحيائه التي حقق المقاتلون المعارضون تقدماً في داخلها. وأدت هذه الأحداث إلى حركة نزوح كثيفة، ووصل عدد الهاربين منه إلى 100 ألف لاجئ فلسطيني، وفق أرقام الأممالمتحدة، من أصل 150 ألفاً يقطنون فيه. لكن الآلاف من هؤلاء بدأوا منذ الخميس الماضي بالعودة إلى المخيم بعد توقف الاشتباكات، والحديث عن اتفاق بسحب المسلحين من الطرفين لتحييد المخيم عن النزاع السوري المستمر منذ 21 شهراً. وقال عبد الرحمن: «يبدو أن الاتفاق غير المعلن عن انسحاب المقاتلين المعارضين والموالين للنظام لم ينجح»، مشيراً إلى أن الاشتباكات في محيط المخيم وسقوط قتلى في داخله برصاص قناصة «لم تتوقف خلال الأيام الماضية». من جهة أخرى، أفادت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من النظام، أن الاشتباكات استؤنفت «بعد عودة المسلحين» إلى المخيم. ونقلت عن مصادر فيه قولها إن اليرموك «يشهد بشكل يومي بين الفينة والأخرى اشتباكات بين اللجان الشعبية الفلسطينية والمسلحين الذين عاودوا دخوله بعدما انسحبوا إلى أطرافه»، ما أدى إلى «نزوح الأهالي مرة ثانية». وتخوف المرصد السوري من وجود «مخطط لإبقاء اليرموك ضمن النزاع السوري، ما قد يتسبب بنزوح عدد كبير من سكانه أو فقدان الكثير من الأرواح بسبب الاكتظاظ السكاني» في مخيم هو الأكبر للاجئين الفلسطينيين في سورية، ويقطن فيه كذلك عدد كبير من السوريين. وتحدث المرصد أيضاً عن سقوط قذائف ليلاً في محيط اليرموك، تزامناً مع اشتباكات بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين في حي التضامن المجاور له. وكانت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية أعلنت في بيان أن القوات السورية أعلنت مساء الثلثاء تنفيذ حملة ضد المقاتلين المعارضين في ريف حماة، الذي شهد في الفترة الأخيرة اشتباكات وأعمال عنف. وجاء في البيان الذي نشرته وكالة الانباء الرسمية السورية (سانا): «عمد الإرهابيون المرتزقة إلى الاعتداء على القرى الآمنة في ريف حماة وارتكاب المجازر بحق المدنيين الأبرياء لإرهابهم وترويعهم وإجبارهم على ترك منازلهم وتشريدهم من قراهم». وأضاف: «إن وحدات من قواتنا الباسلة تقوم بالتصدي لهذه المجموعات المجرمة ومنعها من تحقيق اهدافها الدنيئة، موقعة في صفوفها خسائر كبيرة». إلى ذلك، ذكر المرصد السوري أنه «عثر على المعارض السوري فيصل الحلاق (58 عاماً) مقتولاً في سيارته مساء الثلثاء قرب مدينة السلمية» إحدى قرى محافظة حماة في وسط سورية مشيراً إلى أن الحلاق «سجين سياسي سابق بقي لمدة 11 عاماً في السجن بتهمة الانتساب إلى حزب العمل الشيوعي». وجاء في تعليق حول الحادث على صفحة تنسيقية سلمية على موقع «فايسبوك» أنه «عثر مساء الثلثاء على أبو مضر مقتولاً في ظروف غامضة قرب مدينتنا سلمية. فيصل كان من أوائل المحاربين منذ عقود، ومات بطلقة ووحيداً بلا معركة متكافئة بين ندّين». وأضاف التعليق «أحد عشر عاماً قضاها الراحل فيصل الحلاق في سجون الأسد الأب، كانت اغتيالاً رمزياً ومعنوياً له في سياق اغتيال السياسة وفصل المجتمع السوري عنها». إلى ذلك، أفاد مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن بارتفاع حصيلة القتلى في النزاع السوري المستمر منذ 21 شهراً إلى أكثر من 45 ألف شخص، بينهم 31 ألفاً و544 مدنياً. ويدرج المرصد بين المدنيين اولئك الذين حملوا السلاح إلى جانب الجنود المنشقين عن الجيش السوري. كما قتل 1511 جندياً منشقاً و11217 عنصراً من القوات النظامية، فضلاً عن 776 قتيلاً مجهول الهوية. وأوضح عبد الرحمن أن هذه الأعداد «هي التي تمكنا من توثيقها، والأكيد أن الأرقام الفعلية هي أعلى، بسبب عدم معرفتنا بمصير الآلاف من المفقودين داخل المعتقلات السورية من مدنيين وعسكريين». وأشار إلى أن «أعداد القتلى في صفوف القوات النظامية والمقاتلين المعارضين هي أعلى، بسبب تكتم الطرفين على خسائرهما الحقيقية للحفاظ على معنويات أفرادهما». ولا يحصي المرصد المقاتلين الأجانب الذين يعلَن في بلادهم عن مقتلهم في سورية، وكذلك لا تشمل الأرقام «المجموعات المسلحة التي كانت تقمع التظاهرات في بداية الثورة» منتصف آذار (مارس) 2011، في إشارة إلى «الشبيحة»، وهم أفراد الميليشيات الموالية للنظام. وقال عبد الرحمن إنه «في حال تم التحقيق في مصير كل هؤلاء، فإن الحصيلة الإجمالية للقتلى قد تتخطى المئة الف شخص». إلى ذلك، أعلن قائد الشرطة العسكرية السورية اللواء عبد العزيز جاسم الشلال، انشقاقه عن الجيش السوري في شريط فيديو نشر على موقع يوتيوب للتواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت، و «الانضمام إلى ثورة الشعب». وأوضح أن أسباب انشقاقه تكمن في «انحراف الجيش عن مهمته الأساسية لحماية البلاد وتحوله إلى عصابات قتل وتدمير»، و «تدمير المدن والقرى وارتكاب المجازر في حق شعبنا الأعزل الذي خرج للمطالبة بالحرية». وعبد العزيز الشلال شخصية عسكرية غير معروفة على نطاق واسع في سورية، حيث تنحصر مهام الشرطة العسكرية بالاهتمام بشؤون الجنود ومراقبة انضباطهم. ونقل المرصد السوري عن مصادر قريبة من الشلال، أن هذا الأخير كان سيحال على التقاعد الشهر المقبل، وأنه أصبح خارج سورية. وذكرت تقارير على موقع «فايسبوك» للتواصل على الإنترنت ووسائل إعلام، أنه عَبَرَ الحدود الى تركيا. وفي تعليقات على شريط الفيديو المنشور على يوتيوب، كتب احدهم أن «هذا الرجل تم وضعه على الهامش لفترة طويلة (...) وهو لا يحل ولا يربط بعد الشك في تعاونه مع المسلحين». بينما كتب آخر أن الشلال قام ب «سحب حواجز الشرطة العسكرية من الشوارع وكان خدوماً للناس».