في تصويت ربما ما كان ليتم لولا صعود تنظيم «الدولة الاسلامية» في العراق وسورية (داعش) وتهديده على المدى البعيد للولايات المتحدة، افترق الكونغرس عن نهجه في السنوات الثلاث الفائتة، ووافق نوابه بأكثرية 273 صوتاً من الحزبين الديموقراطي والجمهوري على تسليح وتدريب المعارضة السورية «المعتدلة» وكوسيلة لمحاربة «داعش». وأيد المجلس بغالبية 273 صوتاً ومعارضة 156 صوتاً الخطة التي اقترحها الرئيس باراك اوباما لتدريب وتسليح المعارضة المعتدلة وضمن مشروع الموازنة. ومن المتوقع أن يصوّت مجلس الشيوخ على مشروع الانفاق - بما في ذلك خطة التدريب - قبل إرساله إلى أوباما لتوقيعه نهاية الأسبوع ليصبح قانوناً نافذاً. وهناك تأييد أكبر في مجلس الشيوخ مما هو في مجلس النواب حيث وافق على المشروع 159 جمهورياً و114 ديموقراطياً، واعترض 71 و 85 تباعاً، في تحالف هو الأول من نوعه بين المعتدلين الجمهوريين والوسط الديموقراطي في مقابل معارضة اليمين المتشدد والخط الليبرالي الديموقراطي المعارض للحرب. وترسم الخطوة منعطفاً في السياسة الأميركية حول سورية منذ بدء الاحتجاجات في 2011، إذ إنها تمثّل اتجاهاً نحو انخراط عسكري حاولت إدارة باراك اوباما تفاديه في السنوات الثلاث الماضية. غير أن صعود «داعش» وتمدد هذا التنظيم في العراق وسورية، إلى جانب فشل مفاوضات «جنيف 2» السورية، مهّد لتحوّل في تفكير واشنطن والذهاب باتجاه الخيارات العسكرية. ويقول الخبير العسكري في معهد واشنطن للشرق الأدنى جيف وايت ل «الحياة» انه «لا مهرب من ضرب داعش في سورية حيث بنيتها التحتية وقوتها التنظيمية». ويضع قرار الكونغرس قيوداً زمنية على أوباما كونه يستمر فقط حتى 11 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، ويطلب مراجعات دورية كل 90 يوماً حول العناصر التي يتم تدريبها. ويقول وايت إن رقم 5000 عنصر من المعارضة «لا يجوز التقليل من أهميته»، معتبراً أن فاعليته ستعتمد على نوع التدريب والتسليح. وأكدت مصادر موثوق بها ل «الحياة» أن واشنطن «لن تزود صواريخ مضادة للطائرات» في هذه المرحلة. ورجّح وايت أن تبدأ واشنطن بضربات جوية في المناطق التي يمكن ان تساعد فيها المعارضة المعتدلة، مثل حلب، وتجهيز القوة التدريبية خلال أشهر. وكان قد سبق التصويت في الكونغرس توقيع كل من السفير السابق في العراق ريان كروكر وفي سورية روبرت فورد ومدير الاستخبارات السابق ديفيد بترايوس والجنرال المتقاعد جاك كين رسالة للكونغرس تدعو إلى التصويت على المشروع. واعتبرت الرسالة أن فصائل المعارضة المعتدلة هي الوحيدة التي تحارب «نظام بشار الأسد المجرم وداعش البربرية» وان «لا بديل عن دعمها». وتُعتبر الرسالة تحولاً في موقف كروكر الذي أيّد في الماضي الانفتاح على نظام الأسد.