احتفلت بيت لحم، مدينة ميلاد السيد المسيح (عليه السلام)، أمس بعيد الميلاد المجيد وسط أحلام الدولة التي حصلت على اعتراف الأممالمتحدة العام الحالي. لكن الأزمة الاقتصادية الشديدة التي تشهدها الأراضي الفلسطينية، ألقت بظلالها على هذه الاحتفالات. وظهرت رموز الدولة الفلسطينية المستقلة التي حصلت على مكانة «عضو مراقب» في الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام، في المظاهر المختلفة لاحتفالات الفلسطينيين في عيد الميلاد. وخاطب بطريرك اللاتين في القدس والديار المقدسة فؤاد طوال المهنئين الذين قصدوا البطريركية منذ ساعات الصباح الباكر قائلاً: «نحتفل اليوم بمناسبتين: الأولى عيد ميلاد سيدنا المسيح، والثانية ميلاد دولة فلسطين». وخاطب الرعية والمهنئين قائلاً: «أهنئكم، وأهنئ العالم العربي، لكن ذلك لا يمنع قول الحقيقة، وهي أنه ما زال أمامنا طريق طويل للوصول إلى هذه الدولة. الدولة يجب أن تستنهض جهودنا، والدولة تنتظر منا أن نكون على مستوى الدولة، أن نوحد صفوفنا ومواقفنا، لكي نكون مسموعين في الغرب وفي العالم أجمع». لكن، على غير عادتها في مثل هذا اليوم من كل عام الذي تشهد فيه بيت لحم حركة تجارية واسعة تترافق مع احتفالات الميلاد، فإن أسواق المدينة المزينة بدت خاوية بسبب الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد نتيجة تراجع الدعم الدولي، وتضاؤل النمو المحلي. وتشهد الضفة الغربية اضطرابات في القطاع العام بسبب عدم قدرة السلطة على دفع رواتب الموظفين بصورة كاملة وفي مواعيدها. إذ دفعت الحكومة الشهر الجاري نصف قيمة راتب الشهر الماضي، وفي موعد متأخر 23 يوماً. لكن الأزمة لا تمنع الفرح، إذ زينت شوارع المدينة والمدن المجاورة، بيت ساحور وبيت جالا، وأقيمت شجرة ميلاد عملاقة في ساحة كنيسة المهد، وأقيمت أيضاً مغارة رمزية للتذكير بمكان ميلاد السيد المسيح في هذه البقعة من العالم، ومسرح للعروض، وبثت الترانيم الدينية عبر المدينة التي ارتدت حلة الفرح. وطافت فرق الكشافة شوارع بيت لحم وساحة الكنيسة منذ الصباح الباكر. وقالت رئيسة البلدية فيرا بابون إن أكثر من 3500 كشاف وكشافة يمثلون 27 مجموعة من محافظات الضفة، شاركوا في العروض الكشفية، إضافة إلى فرقة من مدينة يافا. ووصل موكب البطريرك فؤاد طوال إلى مدينة بيت لحم في ساعات الظهر آتياً من ديوان البطريركية في مدينة القدس، وذلك إيذاناً ببدء الاحتفالات. وكان في استقباله عدد من شخصيات المدينة والسلطة في ساحة دير مار إلياس المطل على المدينة. ومن هناك، وجه البطريرك رسالة سلام ومحبة قائلاً: «نتمنى أن يعم الأمن والسلام في فلسطين والعالم، وأن يحل العام المقبل وتكون فلسطين قد تحررت». وسار البطريرك طوال على بلاط الكنيسة وسط استقبال رسمي وشعبي. ووصل إلى المدينة في وقت لاحق الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض للمشاركة في قداس منتصف الليل الذي قاده البطريرك فؤاد. وشارك في الاحتفالات هذا العام عدد من الزوار والشخصيات الدولية وممثلي البعثات الديبلوماسية في فلسطين.