في وقت رفضت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر مبادرة طرحها منسق «جبهة الإنقاذ الوطني» المعارضة محمد البرادعي لإنهاء الأزمة السياسية، شرعت ذراعها السياسية حزب «الحرية والعدالة» وحلفاؤه والحكومة في مناقشة الأجندة التشريعية الجديدة التي ستُعرض على مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) بعدما تتنقل إليه السلطة التشريعية بمجرد إقرار الدستور وإعلان النتائج رسمياً. وكان البرادعي طرح مبادرة لإنهاء الأزمة السياسية تتضمن تشكيل حكومة إنقاذ وطني وتشكيل جمعية تأسيسية ممثلة تعمل بلا قيود زمنية على صياغة مشروع دستور توافقي على أن يتم العمل بالدستور الجديد حتى انتهاء عملها. واستغرب الأمين العام لجماعة «الإخوان» محمود حسين هذا الطرح. وقال ل «الحياة»: «هذا كلام لا علاقة له بأرض الواقع، وهذا الدستور دائم لأنه أقر من قبل غالبية كبيرة، أما القول بأنه دستور موقت فهدفه التعطيل وإعادة البلاد إلى نقطة الصفر... أما قضية الحكومة فمرجعها للرئيس». وعما كان تم التوافق في شأنه خلال الحوار الذي دعا إليه الرئيس محمد مرسي من تعديل المواد الخلافية وتعهد الرئاسة بذلك في بيان رسمي، قال حسين: «الدستور يمكن أن يُعدل أو لا يُعدل، ولم يتم الاتفاق أصلا على هذه المواد الخلافية، وكان يفترض أن تجلس القوى المشاركة في الحوار اليوم أو غداً للبحث في هذا الأمر، لكن لا أعرف إن كان ذلك سيتم أم لا». وأرجأت اللجنة القضائية العليا المشرفة على الاستفتاء في مصر إعلان النتائج الذي كان مقرراً أمس لإمهال قضاتها فرصة لفحص الطعون التي تقدمت بها المعارضة ومواطنون ضد تجاوزات قالوا إن الاقتراع شهدها في مرحلتيه. لكن الحكومة والقوى الإسلامية استبقت إعلان النتائج بالتعامل وفقاً لمواد مشروع الدستور الجديد. وعلم أن حملة المعارضة التي كشفت تجاوزات شابت عملية الاقتراع دفعت اللجنة القضائية الى مزيد من التحقيق في هذه الشكاوى، خصوصاً أن أشرطة مصورة وصوراً أبرزت انتهاكات فاضحة شهدتها لجان عدة. وأصدر مرسي أمس قراراً جمهورياً بفض دور الانعقاد الحالي لمجلس الشورى اعتباراً من السبت الماضي، أتبعه بقرار لاحق بدعوة المجلس إلى الانعقاد غداً لافتتاح دورة جديدة وتولي سلطة التشريع. وستشهد الجلسة أداء الأعضاء المعينين الجدد، وغالبيتهم من الإسلاميين وحلفائهم، اليمين القانونية. وينتظر أن يلقي فيها رئيس الوزراء هشام قنديل كلمة. وبحث قنديل مع رئيس مجلس الشورى أحمد فهمي في «أولويات الأجندة التشريعية للمجلس، ومنها قانون الانتخابات وقانون التأمين الاجتماعي والصكوك الإسلامية والقوانين الخاصة بالعمالة». وأكد أن «الحكومة ستحيل على المجلس في دور انعقاده الجديد مشاريع قوانين عدة، وسنتعاون مع السلطة التشريعية ممثلة في مجلس الشورى». وعما تردد عن إجراء تعديل وزاري على حكومته، قال قنديل: «ليس هناك أي شيء محدد في شأن هذا الأمر». وكان لافتاً تحذير وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي من الوضع الاقتصادي «الحرج»، معتبراً أنه «تحد خطير» يواجه البلاد إضافة إلى الخلافات السياسية التي «تتطلب تكاتف جميع المصريين». وقال إن الجيش «هو الضامن الحقيقي لأمن البلاد». لكنه أضاف أن «المؤسسة العسكرية تمارس مهامها بتجرد تام ولا يعنيها إلا شعب مصر في إطار عقائد استراتيجية راسخة بأهمية عدم التدخل في الصراعات والممارسات السياسية حتى لا تكون طرفاً ضد آخر إدراكاً منها بمخاطر ذلك على الأمن القومي والاستقرار الداخلي». وأعلنت وكالة «ستاندرد اند بورز» أمس خفض التصنيف الائتماني لمصر من «بي» الى «بي-» مع آفاق سلبية ما يعني ارتفاع نسب فوائد قروضها من الخارج، بسبب الاضطرابات السياسية، معللة القرار ب «ضعف الاطار المؤسسي المصري وتزايد الاستقطاب السياسي أخيراً ما قد يؤثر على فعالية صنع القرارات السياسية»، مشيرة الى احتمال خفض جديد في حال «أدى تفاقم كبير للوضع السياسي إلى تدهور حاد للمؤشرات الاقتصادية مثل حجم الاحتياط من العملة الاجنبية أو عجز في الموازنة العامة».