أكد الرئيس الأميركي باراك اوباما عشية انعقاد قمة الحلف الأطلسي (ناتو) في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، ان أوروبا يجب الا تتوقع تحمل الولاياتالمتحدة وحدها عبء خوض «الحملة ضد الإرهاب»، مشدداً بعد أيام من إعلانه استراتيجيته الجديدة في أفغانستان وباكستان، على ضرورة زيادة الدول الأوروبية مساهماتها العسكرية في أفغانستان. وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك تلى لقاءه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في قصر روهان في المدينة أمس، ان مواجهة التشدد «مشكلة مشتركة تتطلب بذل جهد مشترك، خصوصاً ان تهديد تنظيم القاعدة لأوروبا اكثر خطورة، نظراً الى ان وجوده في أفغانستان وباكستان يجعله اقرب الى القارة من الولاياتالمتحدة». وأضاف: «نريد ان تتمتع أوروبا بقدرات عسكرية معززة داخل الأطلسي لجعل حلفائنا أقوياء». وسارعت بريطانيا الى إعلان استعدادها لإرسال تعزيزات الى أفغانستان «على اساس موقت، للمساهمة في ضمان أمن الانتخابات الرئاسية الأفغانية في 20 آب (أغسطس) المقبل». لكنها أوضحت ان الاقتراح «يرتبط بحصول اتفاق عام بين الحلفاء على تقاسم المهمات في البلاد»، علماً ان قادة الحلف الأطلسي يطالبون بإرسال أربع كتائب تضم أربعة آلاف جندي لتعزيز الأمن خلال الانتخابات الأفغانية. (راجع ص 8) في المقابل، كرر ساركوزي ان فرنسا لن تنشر تعزيزات عسكرية في افغانستان هذه السنة، لكنه اكد استعدادها لبذل جهود إضافية في تدريب شرطة هذا البلد، في اطار «الأفغنة»، مشيراً الى ان المجتمع الدولي لا يخوض حرباً على أفغانستان بل يساعدها في إعادة الإعمار. كذلك أكد الرئيس الفرنسي استعداد بلاده للعمل لتسوية المشاكل المتراكمة مع إدارة أميركية «تصغي الى حلفائها، وترغب في بناء عالم جديد»، وزاد: «ما حصل في الولاياتالمتحدة في 11 أيلول (سبتمبر) 2001 يحتم تضامن القوى الديموقراطية في مواجهة التعصب والإرهاب». وتناول الرئيسان في شكل عام المواضيع التي استعرضاها خلال لقائهما، من دون ان يدليا بمواقف جديدة محددة في شأنها. وأبدى أوباما اقتناعه بأن بلاده تستطيع بالتعاون مع روسيا وأوروبا منع إيران من امتلاك سلاح نووي، «إذ لا يمكن ان نسمح بسباق تسلح في الشرق الأوسط»، وكذلك دعوة إيران الى التصرف «كعضو مسؤول» في الأسرة الدولية. وأكد اوباما ان الولاياتالمتحدة تحتاج الى مساعدة الحلفاء في استقبال معتقلين سيطلقون من قاعدة غوانتانامو العسكرية في كوبا بعد إغلاقها مطلع السنة المقبلة، والذين لا تستطيع واشنطن اعادتهم الى بلادهم، فيما أبدى ساركوزي استعداد فرنسا لاستقبال معتقل جزائري لم يكشف اسمه، وقال: لا يمكن إدانة الأميركيين بسبب وجود المعسكر وغسل أيدينا لدى إغلاقه». على صعيد آخر، قال اوباما لشبان فرنسيين والمان تجمعوا في ستراسبورغ: «حتى رغم انتهاء الحرب الباردة الان فان انتشار الاسلحة النووية أو سرقة مواد نووية يمكن ان يؤدي الى ابادة أي مدينة على كوكب الارض.» واضاف، مشيرا الى محادثات مع زعماء الاتحاد الاوروبي غدا: «في مطلع الاسبوع في براغ ساضع برنامجا للسعي الى تحقيق هدف اخلاء العالم من الاسلحة النووية». ولم يذكر الرئيس الاميركي تفاصيل اخرى، لكن تصريحاته اعقبت محادثات مع نظيره الروسي ديميتري ميدفيديف في لندن الاربعاء الماضي، والتي اتفق فيها الرئيسان على السعي من اجل اتفاق لخفض ترسانات الاسلحة النووية التي امتلكها البلدان اثناء الحرب الباردة. واعتبر اوباما ان التوصل الى اتفاق في شأن الاسلحة النووية سيزيد من المكانة الاخلاقية لواشنطن في تعاملاتها مع كوريا الشمالية وايران. على صعيد آخر، استبعد مسؤول في الحلف طلب عدم كشف اسمه اختيار خليفة للأمين العام ياب دي هوب شيفر في القمة الحالية، بعدما عارض رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان تولي نظيره الدنماركي اندرس فوغ راسموسن المنصب، بسبب دفاعه عن نشر صحف دنماركية رسوماً كاريكاتورية اساءت الى الإسلام عام 2006 وأثارت ضجة في العالم الاسلامي. وقال اردوغان: «أعارض شخصياً تعيين راسموسن، واشك في قدرته على المساهمة في السلام العالمي»، علماً ان اختيار الأمين العام للحلف يجري في عملية غير رسمية تتضمن إجراء مفاوضات خلف الكواليس في دهاليز مقر الحلف في بروكسيل, ولكن يجب نيل موافقة كل الأعضاء ال28 في الحلف لاقرار التعيين.