قللت إدارة معلومات وزارة الطاقة الأميركية من أهمية احتمال تقاطع مسار الإنتاج الأميركي مع الإنتاج السعودي، أو تجاوزه بحلول نهاية العقد الحالي ولفترة موقتة، مشددة على أن السعودية، العضو القيادي في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) تمتاز عن بقية المنتجين بدور لا يضاهى تلعبه في ضمان توازن السوق النفطية بفضل ما تملكه من فائض إنتاجي ضخم، قادر على التعامل مع تقلبات العرض والطلب العالميين. وكان كبير الاقتصاديين في وكالة الطاقة الدولية فتحي بيرول، توقع في مؤتمر صحافي عقده في لندن الشهر الماضي، بتجاوز أميركا السعودية في إنتاج النفط بحلول عام 2020. وسبق ذلك إعلان مفاجئ أطلقه المرشح الجمهوري ميت رومني مبشراً ب «استقلال أميركا الشمالية نفطياً»، ثم تبعه أخيراً «مجلس الاستخبارات الوطني» في تقرير رفعه إلى الرئيس باراك أوباما، عن إمكان أن تحقق أميركا اكتفاء ذاتياً يؤدي إلى لجم نفوذ «أوبك» في السوق النفطية. ولم تشر إدارة معلومات الطاقة بالاسم إلى أي من واضعي هذه التوقعات، مكتفية -انسجاماً مع وظيفتها كهيئة حكومية فنية محايدة- بسرد الوقائع مبتدئة بتقرير يشير إلى أن «الزيادات الضخمة المحققة في السنوات الأخيرة في إنتاج أميركا من النفط الخام وسوائل الوقود الأخرى، والآفاق الواعدة بمزيد من النمو على هذا الصعيد، سلطت الأضواء على إمكان أن تتجاوز الولاياتالمتحدة السعودية قريباً في هذا المجال، لتصبح المنتج العالمي الرئيس». لكنها أضافت في عرض وافٍ نشرته الخميس الماضي وطاول كل التنبؤات وآثارها الاقتصادية المحتملة «لا شك في أن مستوى أعلى من الإنتاج قد يعزز الاقتصاد الأميركي بقوة، بل قد يفضي إلى انخفاض أسعار النفط بفعل أثره على توازن أسواق النفط الخام والمشتقات العالمية، لكن بغض النظر عن أي تقاطع مستقبلي بين مساري الإنتاجين الأميركي والسعودي، فإن السعودية ستستمر في لعب دورها المتميز والحيوي في السوق النفطية العالمية». واعترفت إدارة معلومات الطاقة بأن الحكم على مسألة تبوؤ أميركا مركز الصدارة تشوبه ضبابية، فبالتوازي مع ملاحظة أن زيادة الإنتاج هي واحد فقط من عوامل عدة تقرر متى، وهل ستتمكن أميركا فعلاً من تجاوز السعودية، لفتت إلى أن الإنتاج السعودي، وبسبب أن المنتجين الآخرين يستنفدون كامل طاقاتهم، يمكن أن تتأثر مستوياته استجابة لتقلبات الطلب العالمي وحركة الإنتاج خارج «أوبك» (باستثناء الولاياتالمتحدة)، وداخلها (ما عدا السعودية). وأقرت أيضاً بأن تقاطع مساري الإنتاج الأميركي والسعودي وتحديد المنتج العالمي الرئيس في لحظة زمنية معينة، يتوقف على تعريف سوائل الوقود وتحديداً ما إذا كانت تنحصر في النفط الخام أو تشمل الأنواع التقليدية وغير التقليدية من الوقود، الأحفوري والحيوي على حد سواء، كما هي الحال في القاعدة التي استندت إليها وكالة الطاقة الدولية في إصدار توقعاتها الشهيرة. ووفق التعريف الأوسع نطاقاً لسوائل الوقود، أشارت الذراع الإحصائية لوزارة الطاقة الأميركية، إلى أن الفارق بين الإنتاج الأميركي المشتمل على النفط الخام ومكثفات الغاز الطبيعي وسوائل الغاز الطبيعي (البروبين والبوتين)، والوقود الحيوي ومدخلات مصافي التكرير، بلغ أقل من مليون برميل يومياً في 2012 لدى مقارنته بالإنتاج السعودي المشتمل فقط على النفط الخام ومدخلات المصافي. أما في حال حصر المقارنة بإنتاج النفط الخام فقد بلغ هذا الفارق 3.5 مليون برميل يومياً. وخلصت إدارة معلومات الطاقة إلى التأكيد على أن «التنبؤ بتقاطع مساري الإنتاجين الأميركي والسعودي يعتمد في درجة كبيرة على الكثير من العوامل التي يصعب التكهن بها، خصوصاً تلك المؤثرة في مستويات الإنتاج السعودي (صعوداً وهبوطاً). ولهذا السبب لا يمكن التعامل بثقة عالية مع أي تنبؤات توحي بتحديد موعد زمني لحدوث تقاطع مساري، سواء كان أولياً أو مكرراً، كما أن تقرير وقوع التقاطع يعكس بالضرورة نوع التعريف الذي اعتمد لسوائل الوقود، ناهيك عن المعطيات التفصيلية للإنتاج». وشددت على أن ميلها إلى التقليل من أهمية تقاطع مساري الإنتاجين الأميركي والسعودي، على رغم ما يثيره حدث كهذا من اهتمام لدى المحللين، لا يقلل من أهمية سوائل الوقود الأميركية، إذ إن التغيرات المحتملة في الاستهلاك الأميركي وآفاق نمو الإنتاج المحلي، سيحددان حجم صافي واردات النفط الأميركية الذي انخفض أو سينخفض من 60 في المئة من الطلب المحلي عام 2005، إلى 40 في المئة في 2013. وتوقعت الإدارة ارتفاع الإنتاج المحلي من سوائل الوقود باطراد في السنوات المقبلة وبمقدار 870 ألف برميل يومياً في العام الحالي، ليصل إلى 11 مليوناً ومن ثم 11.7 مليون برميل في 2013، لكنه سيبلغ ذروته عند معدل 13 مليوناً من عام 2018 إلى 2020. وفي 2011 بلغ معدل واردات أميركا من النفط الخام 8.9 مليون برميل يومياً، وبلغت حصة خمس دول عربية منه (السعودية والعراق والكويت والجزائر وليبيا) نحو مليوني برميل (23 في المئة).