بعد ستة اشهر من بدء المعارك العنيفة في حلب، يواجه أهالي هذه المدينة الكبرى في شمال سورية محنة أخرى في خضم فصل الشتاء مع النقص الخطير في الخبز والوقود. فبين الحشود الكبيرة التي تتريث أمام المخابز للحصول على الخبز والأطفال الذين يقطعون أغصان الأشجار ليشعلوا بها النار بهدف التدفئة، يحاول سكان هذه المدينة التي كانت حتى عهد قريب العاصمة الاقتصادية للبلاد، الصمود والبقاء على قيد الحياة مطلقين نداءات استغاثة إلى الخارج. ويؤكد بائع فاكهة لم يشأ الإفصاح عن اسمه أن «ثمن النفط والغذاء باهظ جداً»، مضيفاً «المشكلة ليست الفاكهة بل الخبز والوقود». وبالقرب منه بائع آخر يشير إلى حديقة عامة على الجانب الآخر من الشارع ويقول إن الأشجار التي كانت موجودة فيها قبل بضعة اشهر قطعت لاستخدامها في التدفئة. فمعارك الشوارع بين القوات الموالية للرئيس بشار الأسد والمعارضين المسلحين على اشدها منذ تموز (يوليو) في حلب حيث قطعت الشبكات العادية لنقل الوقود والدقيق في الأحياء العديدة التي يسيطر عليها المعارضون. وإلى ذلك، فإن عمليات القصف المتواترة تردع السكان عن التنقل خصوصاً في المناطق القريبة من خط الجبهة. وقلة نادرة من الناس ممن يملكون الوسائل لديهم مولدات، لكن غالبية السكان في الأحياء التي سقطت في ايدي المقاتلين المعارضين محرومة من التيار الكهربائي. أما المخابز فلا تستطيع من جهتها تلبية الطلب ناهيك عن أسعار الخبز التي ارتفعت إلى حد كبير. فالخبز العادي الذي يباع في حزم من ثمانية أرغفة لكل منها، تضاعف ثمنه ثلاث مرات في المخابز التي كانت تتلقى حتى تموز إعانات للدقيق. وبالنسبة للمخابز الأخرى، فإن الأسعار اكثر ارتفاعاً كما هو حاصل في كل مناطق البلاد تقريباً. كذلك ارتفعت أسعار الوقود والفيول والخشب بشكل جنوني. وأشار منسق مساعدات الأمم الإنسانية في سورية رضوان نويصر الأربعاء إلى «تدهور مأسوي للوضع الإنساني» في البلاد. وأشارت منظمة تشيكية غير حكومية باسم «بيبل اين نيد» إلى أن سكان حلب يبدأون أحياناً منذ الليل الانتظار في طوابير أمام المخابز التي تتلقى إعانات وغالباً ما ينتظرون بالمئات على أمل الحصول على سلعتهم الثمينة. وقال ميشال برزدلاكي رئيس بعثة هذه المنظمة في سورية التي وزعت مواد غذائية أساسية في الأسابيع الأخيرة لكن ينقصها المال لتوسيع نشاطاتها «هم لا يحصلون على الخبز ومحرومون من العناية الصحية». وأكد هذا الناشط الإنساني «ليس لدينا أي فكرة عن الطريقة التي تمكننا من تمضية فصل الشتاء» فيما تتدنى الحرارة إلى اربع درجات مئوية ليلاً ونهاراً في حلب. وعبر عن اسفه ل «عدم وجود أي مساعدة دولية تقريباً على الأرض خصوصاً داخل سورية». وقد تلقى المجلس الثوري الانتقالي في حلب من جهته مليون دولار من الائتلاف الوطني السوري المعارض، وينوي توزيع الوقود على المخابز والمطاحن كما أوضح حكيم الحلبوني احد أعضاء قيادة هذه الهيئة. لكن الأخير الذي كان يتكلم من فندق في مدينة غازي عينتاب التركية، لم يوضح كمية الوقود التي يعتزم نقلها من تركيا إلى سورية ولا كلفتها لكنه قال إن المجلس يأمل بتلقي مزيد من الأموال من الائتلاف والمجتمع الدولي. وأطلقت الأممالمتحدة الأربعاء نداء لتوفير 1.5 مليار دولار من اجل مساعدة ملايين السوريين المتضررين من النزاع حتى حزيران (يونيو). وأعلن برنامج الأغذية العالمي أنه يلقى مزيداً من الصعوبات في مساعدة السوريين بسبب «تصعيد العنف»، مؤكداً أن السكان «يواجهون نقصاً في الخبز ... خصوصاً بسبب نقص الفيول الضروري لتشغيل المخابز».