دارت أمس اشتباكات بين مقاتلين معارضين للنظام السوري وآخرين موالين له في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق، فيما عاد الآلاف من اللاجئين الذين غادروه جراء أعمال العنف الأخيرة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال المرصد «تدور اشتباكات عنيفة في ساحة الريجة وقرب مدرسة اليرموك في مخيم اليرموك بين مقاتلين يعتقد انهم من اللجان الشعبية الموالية للنظام السوري ومقاتلين من كتائب عدة مقاتلة بينهم فلسطينيون». كما دارت اشتباكات عنيفة أمس بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين في الأحياء الجنوبية في دمشق. وقال المرصد في بريد إلكتروني إن الاشتباكات تدور «بين القوات النظامية ومقاتلين من كتائب عدة مقاتلة على أطراف حيي التضامن والحجر الأسود»، ترافقها أصوات انفجارات. وفي ريف دمشق الذي يشهد حملة عسكرية واسعة منذ مدة، تدور اشتباكات في محيط مدينتي داريا ومعضمية الشام، بحسب المرصد الذي أفاد بأن مقاتلين معارضين هاجموا «كتيبة للقوات النظامية في الرحبة واستولوا على قذائف وأسلحة خفيفة». في حلب (شمال) التي تشهد معارك يومية منذ اكثر من خمسة اشهر، أفاد مصدر عسكري سوري بأن المقاتلين المعارضين استهدفوا ليل الخميس - الجمعة مربضاً للمدفعية يجاور مقر المخابرات الجوية في حي الزهراء في غرب المدينة. ونقل مراسل فرانس برس عن المصدر قوله إن «مسلحين من المعارضة حاولوا استهداف مربض للمدفعية بجانب الفرع الأمني، عبر التسلل من خلال محوري غرب كفرا حمرا والمستودعات في جمعية الزهراء»، مشيراً إلى أن «العناصر المكلفة حماية الموقع نجحت في صد الهجوم، موقعة في صفوف المسلحين إصابات بليغة». وقال سكان في المنطقة لفرانس برس إن الاشتباكات كانت «عنيفة واستخدمت فيها كل أنواع الأسلحة الثقيلة». وأفادت نهى وهي أم لثلاثة أولاد بأن الهجوم «كان الأعنف من نوعه، وأمضينا أكثر من ثلاث ساعات في رواق المنزل خوفاً من إطلاق النار الغزير وأصوات الانفجارات»، مشيرة إلى أن القذائف «استهدفت المقر ومراكز تجمع المسلحين»، ما ولد «جواً من الرعب الحقيقي». في تطور جديد، قال قائد لمقاتلي المعارضة في سورية إن المقاتلين أطلقوا أعيرة نارية تحذيرية على طائرة ركاب كانت تستعد للإقلاع من مطار حلب في أول هجوم مباشر على طائرة مدنية منذ اندلاع الانتفاضة في البلاد قبل نحو 21 شهراً. وقال القائد الذي عرف نفسه باسم خلدون لرويترز عبر سكايب إن قناصة من كتيبته أصابوا عجلات الطائرة التابعة للخطوط الجوية السورية وهي من طراز أر.بي 201. وأضاف «كانت طلقات تحذيرية. أردنا إرسال رسالة للنظام بأن كل طائراته العسكرية والمدنية في متناول أيدينا». وقال إن الطائرة لم تتمكن من الإقلاع. ولم ترد تقارير فورية بشأن الواقعة في وسائل الإعلام الرسمية السورية. ويتهم مقاتلو المعارضة الحكومة باستخدام الطائرات المدنية لنقل أسلحة ومقاتلين إيرانيين يقولون إنهم يساعدون قوات الرئيس بشار الأسد. وقطع المعارضون العديد من الطرق إلى حلب أكبر مدينة سورية. وجعل القتال حول دمشق الطريق إلى مطار دمشق الدولي غير آمن لحركة المرور. وأوقفت شركات الخطوط الجوية الأجنبية رحلاتها إلى المطار. وتفيد جداول الرحلات بأن الطائرة أر.بي 201 المتجهة إلى القاهرة عادة ما تقلع من دمشق وليس حلب. وقال خلدون في إشارة إلى المعارك التي تشهدها حلب منذ تموز «ما حدث بشأن مطار دمشق سيحدث في حلب حتى وإن كان الثمن أغلى». وحضّ مقاتل آخر المدنيين على عدم استخدام مطار حلب أو رحلات الخطوط الجوية السورية «لأنها ستصبح أهدافاً من الآن فصاعداً». في محافظة حمص (وسط)، قصف الطيران الحربي السوري منطقتي جوبر والسلطانية تزامناً مع اشتباكات بين المقاتلين المعارضين وحواجز للقوات النظامية، بحسب المرصد. في محافظة حماة (وسط)، «لا تزال الاشتباكات مستمرة بين القوات النظامية ومقاتلين من كتائب عدة مقاتلة في قرى الرصيف والجنين وسهل الغاب»، بحسب المرصد. وكان المقاتلون المعارضون بدأوا منذ الأحد هجوماً واسعاً على معظم حواجز القوات النظامية في ريف حماة. وأدت أعمال العنف أول من امس إلى مقتل 134 شخصاً، بحسب المرصد. إلى ذلك، عاد الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين إلى مخيم اليرموك، في جنوبدمشق، الذي بدأ ينفض عنه آثار الغارات الجوية والاشتباكات بين معارضي النظام السوري والموالين له، بحسب ما أفاد سكان فرانس برس. وقال الفلسطيني محمود ناصر «هذا يوم جميل لأن الناس تمسكت بمخيمها، وتمكنت من تجاوز مخاطر شتات جديد». أضاف «إرادة أبناء المخيم القوية ظهرت من خلال البقاء في المخيم والعودة إليه، ومن ثم تسيير تظاهرات تدعو للعودة والصمود» فيه، لأن «أهل اليرموك يعرفون أن مخيمهم هو عاصمة الشتات ولا احد يقامر بإلغائه». وأشار السكان إلى عدم ملاحظة أي تواجد مسلح، أكان للمقاتلين المعارضين لنظام الأسد الذين حققوا تقدماً داخل المخيم في الأيام الماضية، أم لمقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة الموالية له. وأوضحت صحافية في فرانس برس تواجدت على دوار البطيخة الواقع على المدخل الرئيسي للمخيم، انه يمكن سماع بعض الطلقات النارية المتقطعة من وقت إلى آخر في محيطه. وأشارت الصحافية إلى انه تم وضع حجارة على الطريق لمنع دخول السيارات إلى المخيم، لكن باصاً صغيراً يحمل عدداً من العائدين وأغراضهم تمكن من الدخول عبر طريق فرعي. وقال احد الركاب لفرانس برس «نعود لأننا اكتفينا من الذل، خسرنا ارضنا (فلسطين) ولا نريد أن نفقد منازلنا ونقيم في خيم كما فعل أهلنا». وعاودت محال تجارية عدة لا سيما تلك التي تبيع المواد الغذائية، فتح أبوابها اليوم، كما شارك العديد من سكان المخيم في صلاة الجمعة التي أقيمت في مسجد عبد القادر الحسيني، الذي ازيل الركام من محيطه كما أزيلت آثار الغارة الجوية التي استهدفته الأحد والتي كانت الأولى من نوعها ضد المخيم. وأدت الغارة إلى مقتل ثمانية أشخاص بحسب المرصد السوري الذي أفاد عن تعرض المخيم لقصف جوي الثلثاء أيضاً. وكان الآلاف من اللاجئين بدأوا أول من امس العودة إلى المخيم، في مسيرات رددوا خلالها الأغاني الفلسطينية. وقام العائدون بتنظيف الشوارع من آثار أعمال العنف، باستثناء حي في غرب المخيم حيث مقر الجبهة الشعبية-القيادة العامة. وأعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة امس انه سيقدم مساعدة غذائية إلى نحو 125 ألف فلسطيني وسوري نزحوا بسبب المعارك في المخيم. وسيقدم البرنامج نحو 12 كلغ من الأغذية كل أسبوع لكل عائلة ما يكلف 1.5 مليون دولار لشراء 580 طناً من الغذاء تسمح بتقديم المساعدات الغذائية ل 125 ألف شخص خلال ثلاثة اشهر. وكانت وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أعلنت من جنيف الأربعاء أن نحو 100 ألف فلسطيني من زهاء 150 ألفاً يقيمون في المخيم، نزحوا جراء أعمال العنف الأخيرة. وانتقل عدد من هؤلاء إلى مناطق أخرى في دمشق، بينما عبر زهاء 2.800 منهم إلى لبنان المجاور. وبالنسبة إلى هؤلاء، لم يحن أوان العودة إلى دمشق بعد. وقال نازح من اليرموك قدم هذا الأسبوع إلى مخيم البداوي في شمال لبنان «ما زال الوقت مبكراً جداً للعودة. في الوقت الراهن نحن هنا في وضع جيد وننتظر أن تعود الأمور إلى هدوئها».