دخلت قضية دفن البحر في المنطقة الشرقية فصلاً جديداً، مع نشوب خلاف بين جمعية الصيادين في المنطقة الشرقية، من جانب، والمجلس البلدي وبلدية القطيف من جانب آخر، حول عمليات ردم جديدة تتم في خليج تاروت، وقال المجلس أنه لا يضر بالبيئة وفق موافقة اللجنة الخماسية المُشكّلة للبت في قضايا دفن البحر. وانضم أهالي جزيرة تاروت إلى جمعية الصيادين في المنطقة الشرقية، معتبرين أن في قرار ردم جزء من بحر خليج تاروت (حي سنابس) في الواجهة الشرقية، «تجاوزاً» على السواحل «مطالبين المجلس البلدي والبلدية ب «حمايتها»، ورفض الدراسات التي تسمح بالمساس بالسواحل التي بها مبايض، وحاضنة للأحياء البحرية بشتى أصنافها لحين استخلاص دراسة بيئية متخصصة من قبل الجهات المعنية». مطالبين بالإعلان عن نتائج الدراسة التي بموجبها يحق لبعض الجهات ردم جزء من بحر خليج تاروت، وإتاحتها لمن يريد الاطلاع عليها من الأهالي. وحول مطالب الأهالي ذكر رئيس المجلس البلدي، وعضو محافظة القطيف المهندس عباس الشماسي، ل «الحياة»، أن «المخرجات الأولية للدراسة توضح أنه لم يتم الاعتداء على مكونات البيئة»، وأضاف «الجهات الحكومية لا تقوم بردم البحر إلا بموجب دراسة بيئية، إذ يعتبر موضوع حماية البيئة من أولوياتها، وما علمته عن الواقعة أن أهالي سنابس ليست لديهم أدنى مشكلة مع الكورنيش، وإنما مع الردم الجائر على المنطقة، فضلاً عن ذلك فما يسير من أمر هو على خُطى الدراسة البيئية المعتمدة من الجهات المعنية بحسب نتائج الدراسة واعتمادها». وقال الشماسي: «موضوع البيئة وحمايتها والحفاظ عليها بشكلٍ عام، يدخل ضمن اهتمامات المجلس البلدي وضمن أهدافه الاستراتيجية الرئيسة»، لافتاً إلى أن «منطقة القطيف تعد بيئة غنية بالمكونات البحرية والبرية، إضافةً للطيور والمناطق المحمية وأن التوازن بين البيئة والتنمية أمر حتمي». وأضاف «بلدية القطيف تعاقدت مع مكتب استشاري متخصص في دراسة البيئة للقيام بدراسة الأثر البيئي لمشروع تطوير السواحل على البيئة، ومن خلال هذه الدراسة يتم التعرف على المكونات البيئة الموجودة في سواحل القطيف أو السواحل المجاورة، و معرفة المناطق المتواجد فيها البيئة البحرية الثرية، ومن خلالها يتم رسم المسار العمراني الذي لا يجب أن يتم فيه ردم البحر إلا بحسب ما تمليه الدراسة، والتي تُعتمد من قبل هيئة الأرصاد وحماية البيئة والثروة السمكية في وزارة الزراعة، ووزارة البلديات ووزارة المالية، وهيئة الأرصاد واللجنة الخماسية والتي من صميم مهماتها دراسة الطلبات المقدمة قبل عمل أي ردميات لحماية البيئة». من جهته، اعتبر نائب رئيس جمعية الصيادين في القطيف جعفر الصفواني، ردم البحر «تعدياً على البيئة والقرارات السامية»، وقال في حديث ل «الحياة»»توجهنا لرئيس المجلس البلدي، وبلدية المحافظة بطلباتنا والتي تضمنت المحافظة على سواحل خليج تاروت، وعمل الدراسات البيئية والبلدية، ومازلنا نصر على عدم مساس الساحل إلا بعد انتهاء الدراسة وعرضها على اللجنة الرباعية، وعلى جمعية الصيادين لكونهم الأعرف بالمنطقة وخليج تاروت». موضحاً أن «نسبة 80 في المئة من حياة البحر متواجدة في هذا الساحل والتي بها دورة الحياة للأحياء البحرية، ومن هذا المنطلق نطالب بضرورة الحفاظ على السواحل وأشجار القرم». ووصف ما يحدث ب «التجاوز على البيئة والقرارات السامية»، مشيراً إلى «تجاوز بعض أهالي المنطقة على غابات شمال تاروت برمي الأنقاض دون السعي لتسويرها، على رغم أن (الجمعية) تقدمت منذ سنوات بطلب تسويرها لكن دون جدوى». وأضاف أن «حجم ردم سواحل خليج تاروت خلال الثلاثين سنة الماضية بلغ ما نسبته 90 في المئة، أدى إلى تراجع خطير في الثروة السمكية والربيان بالنسبة نفسها تقريباً، إضافةً إلى التغيرات الأخرى من قبيل تغير لون ماء البحر ولون الرمال والطين بسبب الحاجز الحجري والصرف الصحي الذي منع البحر من لفظ الأوساخ ،بسبب تلك الصخور التي وُضعت دون دراسة بيئية متخصصة أثّرت على الأحياء البحرية والطيور». وقال: «كان خليج تاروت وحتى بداية الثمانينيات، يعده الصيادون الأفضل إنتاجاً ووفرة للأسماك والربيان، والأغنى بالأحياء البحرية، وذلك لنوعية تربته في الساحل وامتداد ساحله الطيني في أكثر المواقع والرملي في بعضه، ذلك أتاح لأشجار القرم النمو فيه منذ آلاف السنين، حيث كانت أشجار القرم الأسود الأكثر في خليج تاروت على مستوى العالم، وتعتبر أسماكه وربيانه الأفضل في قيمتها الغذائية». ووصف أهمية أشجار القرم ب»الرحم الحقيقي للربيان والأسماك»، مفصلاً «من خلالها تجد الأسماك الملاذ الآمن لها ولبيضها وتجد الصغار غذاءها في تربة أشجار القرم الغنية بالأحياء البحرية الدقيقة والتي لا تُرى بالعين المجردة، وبعض الحيوانات تختبئ بين أشجارها، كذلك تلجأ لها الطيور القاطنة والمهاجرة لتشابك أغصانها، وتحمي كذلك من الأمواج العالية، وتمتص الملوثات الكيميائية». وأكد أن ما تُطالب به جمعية الصيادين هو: إيقاف التعدي على السواحل، وجعلها محمية طبيعية، خاصة السواحل البحرية التي تتضمن مبايض وحاضنة للأحياء البحرية وتحتوي على أشجار القرم حتى يتم استخلاص دراسة بيئية متخصصة لها».