يقال إن وراء كل مبدع قصة عظيمة، فأساس الفكرة يبدأ بالمشاعر، والمشاعر تتشكل عبر المواقف، وتترجم المشاعر إلى أفكار فخطوات علمية، وتصل إلى الابتكار الذي قد يساعد إنساناً على تجاوز وضع ما. وتتجسد حقيقة هذه المقولة في تصفيات مدارس البنات في جدة التي اختتمت أمس، والتي شهدت مشاركات وابتكارات علمية حين تدقق في تفاصيلها تجد أن وراءها هدفاً نبيلاً. فعلى سبيل المثال، كان الدافع الحقيقي وراء مشاركة الطالبة بالمرحلة الثانوية بشرى الغامدي في الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي سبباً إنسانياً محضاً، بدأت من زياراتها المتكررة إلى جارتهم المقعدة التي تطلب منها في كل زيارة إغلاق ستائر النوافذ حتى تتقي ضوء الشمس، وعند غروب الشمس تطلب منها أو من غيرها فتح الستائر، ومن هنا ولدت الفكرة. تقول الغامدي «كنت أفكر كثيراً كيف أستطيع أن أجعلها لا تحتاج إلى شخص آخر، وتوصلت إلى فكرة الستارة الذكية التي تتأثر بالضوء ولا تحتاج حتى إلى ريموت كنترول، إذ تغطي النوافذ عند شروق الشمس، وعندما يحل الليل ترتفع الستائر عالياً، وبهذا تحقق حلمي في أن أقدم لجارتنا وكل من يعاني معاناتها مساعدة بسيطة، تجعلني أشعر بالسعادة دائما». فيما استمدت الطالبة بالمرحلة المتوسطة ريناد عقاد ابتكارها «كاميرا ناطقة» عقب زيارتها لمعهد النور للمكفوفين في جدة، وبالأخص بعد أن أخبرها أحد المكفوفين أنه يشعر بحرج من استخدام بعض الأدوات الخاصة بالمكفوفين أمام الناس كالعصا المضيئة. هذا الموقف حفز الفكرة في عقل الطالبة عقاد التي بدأت بطرح السؤال التالي: «كيف أستطيع أن ابتكر شيئاً جميلاً ولا يسبب الإحراج؟». ولأن طرح الأسئلة البوابة الأولى لحل المشكلات، تحركت الفكرة طولاً وعرضاً حتى تمخضت بابتكار قد تقبل الشركات العالمية المختصة في تصنيع الأجهزة الطبية للمكفوفين على استقطابه لتنفيذه وبيعه، علماً بأنه يحتوي على لمسة أنثوية تضفي بعض الأناقة على من يضع الكاميرا الأشبه ب «البروش» أحد أشكال الكماليات الخاصة بملابس الرجال والنساء على حد سواء. وتتحدث الطالبة ريناد عن آلية استخدام ابتكارها، بالقول «عبارة عن كاميرا ناطقة جميلة الشكل توضع في شكل بروش على صدر المكفوف وتتصل بسماعة إلى الأذن تتحسس كل ما هو خارجه لتقوم بتسميته ونقله إلى أذن المكفوف وقمت بتسميته بإصابتي أملي». بينما نبعت فكرة ابتكار أداة تساعد على تثبيت القلم في اليدين في عقل الطالبة شوق القحطاني من معاناة شخصية، إذ كانت شقيقتها تعاني من صعوبات في التعلم باعتبارها من ذوي التحديات الخاصة، وتواجه صعوبة بالغة في الإمساك بالقلم. وتضيف القحطاني «فحاولت أن ابتكر أداة تساعد أطفال التوحد لأنهم يعانون من مشكلة عدم التحكم في الأعصاب أحياناً، والذين يعانون من صعوبات التعلم والمصابون بالتلف في الرباط الرسغي وكبار السن المصابون بالشلل».