قرعت أجراس أديرة طائفة الروم الأرثوذكس وكنائسها في لبنان فرحاً بانتخاب بطريرك جديد على أنطاكية وسائر المشرق للطائفة هو أسقف أوروبا الغربية يوحنا العاشر اليازجي ومن الدورة الانتخابية الأولى، وذلك خلفاً للبطريرك الراحل أغناطيوس الرابع هزيم، وهو سوري الجنسية كما سلفه هزيم. وكانت الانتخابات السرية جرت في دير البلمند (شمال لبنان) خلال خلوة للمجمع الأنطاكي الأرثوذكسي. وترأس البطريرك الجديد صلاة شكر فور إعلان انتخابه، طلب فيها من المؤمنين صلواتهم «لتقويه على الخدمة التي اؤتمن عليها»، وقال: «ندرك أن شعبنا طيب وخدمته عذبة على قلوبنا، ونحن من هذه البلاد لغتنا وترابنا هو جزء منا ونحن جزء منه». واليازجي هو البطريرك ال158 للكنيسة الأرثوذكسية، اختير في عملية اقتراع شارك فيها 18 أسقفاً من مختلف أنحاء العالم من أصل 20 وتغيب مطرانا بغداد وأميركا. ونال البطريرك المُنتخب 12 صوتاً. تعديل القانون الأنطاكي يذكر أنه تم تعديل القانون الأنطاكي في بداية المجمع، لأن البطريرك الاليازجي لم يكن يحق له الترشّح للانتخابات، فالقانون ينصّ على أن من يحق له الترشّح يجب أن يكون أمضى خمس سنوات في الأبرشية، أما الاليازجي فأمضى أربع سنوات ونصف السنة كمتروبوليت على أوروبا. والبطريرك الجديد شقيق مطران حلب للروم الأرثوذكس بولس الاليازجي الذي تم التداول باسمه كمرشح محتمل ليصبح بطريركاً، وفق تسريبات إعلامية سبقت الانتخاب. والبطريرك الجديد من مواليد عام 1955 في مدينة اللاذقية. عاش ودرس في مدارس المدينة، حيث تابع دراسته الجامعية في كلية الهندسة المدنية في جامعة تشرين. وأثناء دراسته، بدأ دوراً قيادياً في خدمة الشباب وتولى تدريب جوقات ترتيل الموسيقى البيزنطية. تابع هذا الدور الريادي في خدمة الشباب من خلال إقامة برامج روحية متعددة، كما أنشأ مدرسة لتعليم الموسيقى البيزنطية. وحصل على شهادة الليسانس في اللاهوت عام 1978 من معهد القديس يوحنا الدمشقي اللاهوتي - جامعة البلمند، (شمال لبنان) ثم حاز الدكتوراه في اللاهوت عام 1983 من جامعة سالونيك - اليونان. وتولى عمادة كلية اللاهوت في جامعة البلمند ما بين السنوات 1988-1991 و2001- . وعمل رئيساً لدير سيدة البلمند البطريركي ما بين السنوات 2001 - 2005. وأصبح رئيساً لدير القديس جاورجيوس الحميراء البطريركي - وادي النصارى من العام 1993 وحتى 2005 حيث أسس رهبنة فيه وأنشأ مدرسة التنشئة الإكليريكية على صعيد البطريركية، وهو أيضاً الأب الروحي لراهبات دير السيدة في بلمانا - طرطوس، انتخبه المجمع الأنطاكي المقدس، في 1995، أسقفا للحصن (وادي النصارى) الذي خدمه حتى العام 2008، حين عاد المجمع الأنطاكي المقدس وانتخبه متروبوليتا على أوروبا الغربية والوسطى. وشارك في مؤتمرات عالمية عدة، أرثوذكسية ومسكونية، في اليونان وإيطاليا وسويسرا وقبرص وأميركا وروسيا وبريطانيا، وله مؤلفات لاهوتية وتربوية وموسيقية وليتورجية. دورنا توفيقي ولاحقاً، عقد اليازجي مؤتمراً صحافياً اكد فيه العمل «يداً واحدة وقلباً واحداً»، وقال: «امامنا عمل كبير، إنْ على صعيد البيت الداخلي او على صعيد بناء الانسان، ونحن جزء من هذا البلد، وموجودون في هذا المشرق، وفي لبنان وسورية خصوصاً، وتهمنا جداً العلاقة مع الكنائس الأخرى وسنعمل جاهدين على هذا الموضوع وعلى بناء المجتمع الطيب الذي يشهد للحق ومع إخوتنا المسلمين، فمصيرنا واحد». وعن الخطر الذي يواجهه مسيحيو المنطقة وكلمته الى اتباع الكنيسة في سورية والنظام فيها، اكتفى بالقول: «المسيحيون باقون، والأرض أرضهم والبيت بيتهم وللجميع، تعرضت بلادنا عبر التاريخ إلى أوقات صعبة جداً، وكان كثر في الأوقات الصعبة يقولون جاءت الآخرة لكن نحن باقون وثقتنا كبيرة بعضنا ببعض». وعن موقف الكنيسة الأرثوذكسية من الازمة الحالية، قال: «نعيش دوماً على الرجاء، ولا يخيب، والكنيسة في لبنان وسورية واحدة وعائلة واحدة وحتى الحدود الإدارية الكنسية أبعد منهما، والكنيسة لعبت دوماً دور الموفق مع كل الأطراف وهكذا ستبقى، فهي ليست فقط حجارة، إنها ناسنا وأحباؤنا والمؤسسات من أجل الإنسان وليس العكس». وإذ رحب نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري بانتخاب اليازجي، تمنى أن «يوفق البطريرك الجديد في السير على نهج الراحل الكبير، وأن ينجح في قيادة الطائفة في لبنان وسورية بحكمة تحتاج إليها، في ظل التحولات الجذرية التي تشهدها المنطقة»، مؤكداً أن «الرعية الأرثوذكسية ستشكل دعماً له في مهمته».