تنظم المعارضة المصرية اليوم تظاهرات حاشدة احتجاجاً على «تزوير» المرحلة الأولى من الاستفتاء، فيما خاطبت «جبهة الإنقاذ الوطني» التي تضم قوى المعارضة الرئيسة رسمياً اللجنة العليا للانتخابات لعقد لقاء معها لمناقشة ضمانات عدم تكرار التجاوزات التي شهدتها المرحلة الأولى خلال المرحلة الثانية المقررة السبت المقبل. وطالبت أيضا اللجنة بالنظر بجدية إلى مطلب مؤسسات المجتمع المدني بإعادة الاقتراع في المرحلة الأولى بسبب هذه الانتهاكات. وعُلم أن ما رافق المرحلة الأولى من خروقات سجلتها المنظمات الحقوقية ووثقتها قوى المعارضة عبر أشرطة مصورة يتداولها الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، أثار غضب عدد من القضاة الذي شاركوا في الإشراف على المرحلة الأولى، خصوصاً بعد اتهامهم بمحاباة جماعة «الإخوان المسلمين»، ما دفع بعضهم إلى الاعتذار عن عدم الاستمرار في عملية الإشراف على المرحلة الثانية بعدما ثبت أن بعض اللجان أشرف عليها موظفون وليس قضاة. وعقدت الجمعية العمومية لمستشاري مجلس الدولة اجتماعاً طارئاً أمس انتهى مساء، طلب خلاله عدد من القضاة التراجع عن قرار الموافقة على الإشراف ومقاطعة المرحلة الثانية بسبب «المس بنزاهة الإشراف القضائي على الانتخابات ولعدم هز ثقة الجماهير في المؤسسة القضائية». ورجحت مصادر من داخل الاجتماع اتخاذ قرار بعدم الإشراف على المرحلة الثانية، ما يضع الحكم في مأزق حقيقي، إذ إن مقاطعة غالبية القضاة للإشراف أجبرت اللجنة العليا للانتخابات على تقسيم الاستفتاء إلى مرحلتين، ورغم ذلك لم تستطع اللجنة إعمال مبدأ «قاض لكل صندوق»، ولا حتى ضمان إشراف قضائي على كل اللجان، ما يعني أنه في حال انسحاب مزيد من القضاة من الإشراف على المرحلة الثانية ستواجه إجراءات الاستفتاء بمزيد من الشكوك وستكون شرعيته على المحك. وردت الرئاسة بمزيد من الإصرار على تمرير الدستور على حديث المعارضة بأن نسبة الاقتراع في المرحلة الأولى (56 في المئة صوتوا بنعم و44 في المئة بلا) اثبتت انقسام الشعب في شأن الدستور، بعدما أكد الناطق باسم الرئاسة ياسر علي أن «مشروع الدستور سيتم إقراره لو وافق عليه 50 في المئة+1 أو أكثر من الناخبين». وقال: «من الناحية القانونية فإن الاستفتاءات والانتخابات يتم إقرارها بنسبة 50 في المئة+1 من إجمالي الأصوات الصحيحة للناخبين». لكنه أكد أنه «لو تطلب الأمر فتح مزيد من الحوار للوصول إلى توافق على المواد الخلافية في الدستور فلا مانع»، مشيراً إلى أن «النتائج التي تداولت عن المرحلة الأولى من الاستفتاء غير رسمية، وأنا فقط أشرح الأمر من الناحية الواقعية». في غضون ذلك، دعت «جبهة الإنقاذ» إلى الاحتشاد في الميادين اليوم في تظاهرات جديدة تحت شعار «منع تزوير إرادة الناخبين»، ما يوحي بأن المعارضة لن تقبل بتمرير الدستور وستستمر في الحشد ضده في الميادين المختلفة، إيذاناً باستمرار الانقسام والصراع السياسي الذي يُتوقع أن يزداد ضراوة في حال تمرير الدستور. وقال عضو الجبهة مؤسس «حركة 6 ابريل – الجبهة الديموقراطية» طارق الخولي ل «الحياة»: «سننظم مسيرات (اليوم) من مسجدي النور في العباسية ورابعة العدوية في مدينة نصر وحيَّيْ سرايا القبة والمطرية إلى قصر الاتحادية الرئاسي وأيضاً من ميدان مصطفى محمود في حي المهندسين والدقي ووسط القاهرة إلى ميدان التحرير ومسيرة أخرى من نقابة الصحافيين إلى مقر حزب الوفد تنديداً باقتحامه». وأشار إلى أن «الجموع عند قصر الاتحادية ستتجه في وقت لاحق إلى مقر اللجنة العليا للانتخابات للتنديد بتزوير الاستفتاء». وأوضح أن «الجبهة قررت التركيز في الحشد للتصويت ب «لا» في المرحلة الثانية ورصد الانتهاكات في المرحلة الأولى وتوثيقها لمحاولة إبطال الاقتراع ولقاء اللجنة العليا لعرض هذه الانتهاكات والاطلاع على خطواتها إزاءها وعدم تكرارها في الجولة الثانية». وقال عضو الجبهة رئيس حزب «مصر الحرية» عمرو حمزاوي ل «الحياة»، إن «الجبهة أرسلت خطاباً إلى لجنة الانتخابات لتحديد موعد للقائها، كما قدمنا شكاوى رسمية بالانتهاكات التي رصدناها وننتظر رد اللجنة على الأمرين». وكانت الجبهة دعت إلى «الاحتشاد في جميع ميادين المحافظات وميدان التحرير اليوم احتجاجاً على التزوير والتجاوزات التي شابت المرحلة الأولى من الاستفتاء». وقالت في بيان تلاه القيادي في حزب «التحالف الشعبي» عبدالغفار شكر، إنها تدين «عملية تزييف ارادة الشعب من خلال انتهاكات منظمة لعملية الاستفتاء». وأضاف أن «الجبهة تابعت التقارير التي أوردتها منظمات المجتمع المدني في شأن الانتهاكات التي هيمنت على عملية الاستفتاء، وما تمثله من خطر على النتائج الرسمية التي قد تعلن عن نسب تصويت غير عادلة وغير معبرة عن الإرادة الشعبية». وحملت الجبهة اللجنة العليا المشرفة على الاستفتاء وأمينها العام زغلول البلشي «المسؤولية الكاملة عن التحقيق في كل الانتهاكات التي تمت، وتضمن نحو 7000 شكوى و1500 محضر رسمي»، كما حملت اللجنة مسؤولية «إجراء المرحلة الثانية تحت إشراف قضائي كامل غير منقوص وتلافي اي انتهاكات». وطالبت رئيس اللجنة بعقد لقاء مع قيادات الجبهة «لتدارس الشكاوى التي قدمتها رسمياً، إضافة إلى الشكاوى الأخرى المقدمة من منظمات المجتمع المدني والمواطنين وأن يخرج إلى الشعب المصري في مؤتمر صحافي للتفاعل مع ما أثير عن استفتاء المرحلة الأولى من ملاحظات». ودعت اللجنة إلى «النظر في شكل جدي في طلب مؤسسات المجتمع المدني إعادة المرحلة الأولى للاستفتاء». في غضون ذلك، انتهت أمس عملية اقتراع المصريين في الخارج وكلفت اللجنة العليا للانتخابات رئيس كل لجنة فرعية مشكلة في البعثات الديبلوماسية بإجراء عمليات الفرز وإعلان النتيجة في مقر كل لجنة وإرسال نماذج النتائج وكل أوراق عملية الاستفتاء إلى اللجنة العامة في مقر وزارة الخارجية في القاهرة التي ستتولى إرسالها إلى اللجنة العليا للانتخابات. وأعلنت وزارة الخارجية أن عدد المصريين في الخارج الذين أدلوا بأصواتهم بلغ مع بداية فتح مراكز الاقتراع في اليوم الأخير أمس 215 ألفا و878 مواطناً، أي نحو 30 في المئة من المسجلين في الخارج. من جهة أخرى، عادت وحدات القوات المسلحة المكلفة تأمين لجان ومراكز الاستفتاء إلى ثكناتها بعد تنفيذ مهمتها في المرحلة الأولى. وأشاد وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي بدور الجيش في تأمين الاستفتاء على الدستور. وقال إن هذا الدور «صاغ تاريخاً جديداً للعلاقة القوية بين الشعب وجيشه».