غيّب الموت إمام وخطيب الحرم المكي الشريف الشيخ محمد بن عبدالله السبيل في مستشفى الحرس الوطني في جدة أمس، إثر معاناة مع المرض ألزمته السرير الأبيض طوال الأشهر الستة الماضية. واستقبل السعوديون خبر الوفاة بالكثير من الحزن على الشيخ محمد السبيل، المعروف بصوته الرخيم أثناء قراءة القرآن الكريم الذي يلامس القلوب، إضافة إلى ما يتميز به من سيرة حياة خلال ثمانية عقود قضاها بين مسؤول بتبوئه رئاسة شؤون الحرمين الشريفين، وعضوية هيئة كبار العلماء، والمجمع الفقهي الإسلامي، وانخراطه في أكثر من 100 رحلة سفر للدعوة إلى الله في أصقاع الأرض. وبعد قرابة ال 44 عاماً أمضاها السبيل إماماً وخطيباً ومدرساً في المسجد الحرام، يؤدي جموع المصلين عصر اليوم (الثلثاء) صلاة الميت على رجلٍ كان في يوم من الأيام إماماً لهم، وخطيباً تنصت الجوارح إلى خطبته بلا لغو في الحديث، وشيخاً فاضلاً أنارت مشكاة علمه ظلام حيرتهم إبان مشاركاته أعواماً عدة في البرنامج الإذاعي «نور على الدرب». ولد الشيخ السبيل في مدينة البكيرية قبل 89 عاماً، وتعلّم القرآن وأحسن تجويده في سن ال 14 على يد والده الشيخ عبدالله السبيل والشيخ سعدي ياسين، وأكمل بقية علومه الشرعية على يد أخيه الشيخ عبدالعزيز السبيل والشيخ محمد المقبل والشيخ عبدالله بن حميد، ليكون إماماً للحرم المكي في عام 1385ه. وفي عام 1397عيّن السبيل عضواً في المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الأولى، إلى جانب الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ صالح بن عثيمين، واستمر عضواً في المجمع طوال 37 عاماً، أي حتى العام الماضي. وبعد ما أمضى 26 عاماً إماماً وخطيباً للحرم المكي، وتحديداً في عام 1411ه، عيّن رئيساً للرئاسة العامة لشؤون الحرم المكي والمسجد النبوي، واستمر رئيساً لها قرابة العشرة أعوام، قبل أن يترجل عنها في عام 1421ه. ولم تقتصر فتاوى السبيل على مجمع الفقه الإسلامي ومشاركاته في برنامج «نور على الدرب» فحسب، بل كان عضواً في هيئة كبار العلماء في السعودية لمدة تصل إلى 24 عاماً، منذ عام 1413 حتى عام 1427ه. الشيخ محمد السبيل، الذي طاف قرابة ال 50 دولة في رحلات دعوية، حاول فيها نشر الدين الإسلامي وإيصاله في 100 رحلة دعوية خارج المملكة، نجا من محاولة قتل على يدي جهيمان وأتباعه في حادثة اقتحام الحرم في عام 1400ه. وله العديد من المؤلفات في الدين والعقيدة، منها «ديوان خطب المسجد الحرام»، و«رسالة حد السرقة»، إضافة إلى عدد من مؤلفاته في شرح أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أشهر طلابه عضو هيئة كبار العلماء والمجمع الفقهي الشيخ صالح الفوزان. يذكر أن الشيخ محمد السبيل - رحمه الله - صلى قبل 11 عاماً في الحرم المكي على ابنه إمام الحرم الشيخ عمر بن محمد السبيل في عام 1423ه.