احتدم القصف والاشتباكات في جنوب العاصمة السورية دمشق أمس وسط قتال ضار في الضواحي والريف الدمشقي. وللمرة الاولى استخدم الجيش السوري الطيران الحربي في قصف مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوبدمشق، ما أسفر عن سقوط ثمانية قتلي على الأقل وإصابة العشرات. ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس الجيش السوري إلى «الوقف الفوري» لقصف المخيمات الفلسطينية في سورية. وقال، في بيان نشرته وكالة الانباء الفلسطينية الرسمية «وفا» أمس: «إننا نتابع بغاية القلق ما يجري في سورية من اقحام الشعب الفلسطيني والمخيمات الفلسطينية في الصراع الدائر المؤسف في سورية حتى وصل الامر إلى القصف الذي تعرض له مخيم اليرموك والذي سقط فيه عدد كبير من الشهداء والجرحى وهو ما يجب أن يتوقف فورا». وأضاف الرئيس الفلسطيني: «ندعو الأطراف المتصارعة في سورية إلى تجنيب الشعب الفلسطيني ومخيماته في سورية ويلات هذه المعارك الدائرة في سورية. كما ندعوهم إلى عدم اقحام أبناء شعبنا ومخيماته في الصراع الداخلي فيها... وندعو المجتمع الدولي ونطلب منه توفير الحماية لاهلنا وشعبنا الفلسطيني في سورية». فيما قال ياسر عبد ربه أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية: «نحن نحمل (الرئيس) بشار الاسد ونظامه مسؤولية هذه الجريمة في مخيم اليرموك، والتي تكشف بشكل واضح أن هذا النظام لا يعرف حدودا لنهجه الاجرامي في القتل والتدمير». وكان ثمانية أشخاص قتلوا جراء غارة جوية شنها الطيران الحربي السوري على مخيم اليرموك جنوبدمشق، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان الذي تحدث عن إشتباكات داخل المخيم. وقال سكان في المخيم ل «فرانس برس» إن صاروخاً استهدف مسجد عبد القادر الحسيني الذي يؤوي 600 نازح من احياء دمشقالجنوبية، ما ادى إلى «سقوط عدد كبير من الضحايا». وأشار المرصد إلى أن الغارة كانت واحدة من ست غارات شنها الطيران الحربي السوري على مناطق في جنوبدمشق، منها الحجر الاسود والعسالي. وأوضح المرصد «القوات النظامية تشعر بحاجة إلى تعزيز حملتها للقضاء على المقاتلين المعارضين في جنوبدمشق، ولا يمكنها محاربتهم من دون اللجوء إلي قوتها الجوية». وأفاد المرصد عن «اشتباكات مستمرة منذ 48 ساعة» على أطراف اليرموك وحي الحجر الاسود المجاور له، بين «مقاتلين من اللجان الشعبية في اليرموك التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» الموالية للنظام و «مقاتلين من كتائب عدة، بينهم فلسطينيون». ومع اتساع الحملة العسكرية التي تشنها القوات النظامية في محيط دمشق، نقلت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) عن رئيس الوزراء وائل الحلقي استمرار النظام «بعزيمة وتفاؤل في حسم معركة الارهاب والقضاء على فلول المجموعات الارهابية المسلحة بفضل تضحيات وانجازات قواتنا المسلحة»، والانفتاح «على جميع المبادرات التي من شأنها انهاء الازمة بالحوار والطرق السياسية والسلمية». وإلى جانب القصف الجوي على اليرموك والحجر الأسود والعسالي، أفادت «الهيئة العامة للثورة السورية» عن «تجدد القصف المدفعي العنيف على مدينة داريا في ريف دمشق، تزامناً مع تحليق الطيران الحربي الميغ في سماء المدينة». وفي حلب، قال مقاتلون من المعارضة إنهم سيطروا على كلية للمشاة قرب حلب بشمال البلاد بعد اشتباكات على مدى خمسة أيام مع قوات النظام. وفي لقطات فيديو حملت على الانترنت قال ناطق إن معارضين مسلحين من «لواء التوحيد» الإسلامي ساعدوا في السيطرة على المبنى. وأظهرت لقطات اخرى معارضاً مسلحاً يلقي كلمة الى آخرين بعد الاستيلاء على الكلية. وقتل 54 شخصاً جراء اعمال العنف في مناطق مختلفة امس، وفق المرصد الذي اشارإلى مقتل 25 مدنياً وثمانية مقاتلين معارضين في محافظة حماة (وسط) جراء اشتباكات وقصف في بلدة حلفايا في ريف المحافظة. وأظهرت لقطات بثت في موقع «يوتيوب» ثلاث جثث على الأقل مسجاة على الأرض في شارع، وعددا آخر من الجثث داخل سيارات بعضها مشوه لدرجة يصعب معها التعرف على شخصيات أصحابها. وكانت بعض الأطراف ملقاة قرب جدران وفي داخل منزل قريب. وقال ناشط إن البلدة وهي معقل للمعارضة تعرضت للهجوم بعد أن هاجم مقاتلو المعارضة عدة نقاط تفتيش خارجها. وعلى الرغم من تآكل الحضور العسكري والأمني للنظام في مناطق عدة، يرى خبراء أنه ما زال على الأرجح متماسكاً وقادراً على الاستمرار لعدة أشهر، موضحين أنه لا يمكن أن يسقط سوى بانقلاب أو تدخل خارجي أو من خلال زيادة هائلة في الدعم اللوجيستي الذي تقدمه الدول الأجنبية للمقاتلين المعارضين. إلي ذلك أفاد مسؤولون أتراك أن طائرات حربية سورية قصفت بلدة اعزاز القريبة من الحدود أمس، فدمرت خمسة منازل على الاقل الامر الذي دفع مئات الاشخاص إلى الهرب واثار الذعر في مخيم للاجئين السوريين على الحدود داخل تركيا. وقال مسؤول إن معظم القنابل اصابت وسط البلدة الواقعة على بعد ثلاثة كيلومترات تقريبا من الحدود التركية في منطقة يهيمن عليها مقاتلو المعارضة السورية، لكن قنبلة واحدة على الاقل سقطت على مسافة 500 متر من الاراضي التركية. واضاف «انها قريبة للغاية من الحدود التركية... ووقع بعض القصف ايضا في وسط اعزاز. يحاول زهاء 500 شخص المجيء الى داخل تركيا». وتأمل تركيا في أن يتم قريبا نشر صواريخ «باتريوت» على حدودها مع سورية من أجل حمايتها من الصواريخ التي تأتي عبر الجانب السوري. وفي طهران، أعلنت الخارجية الإيرانية عن تفاصيل جديدة لخطة إيرانية من ست بنود لحل الأزمة السورية. وقالت الخارجية في بيان لها أمس إن الاقتراح يقوم على وقف فوري لجميع أعمال العنف والأعمال المسلحة باشراف الأممالمتحدة، ثم إيصال المساعدات الانسانية للشعب السوري، ورفع العقوبات الاقتصادية عن سورية. يلي ذلك حوار وطني تتمخض عنه حكومة انتقالية مهمتها إجراء انتخابات لبرلمان جديد ومجلس تأسيسي لكتابة الدستور. وبعد إجراء انتخابات رئاسية، يتم الافراج عن جميع المعتقلين السياسيين من قبل الحكومة أو المسلحين، مع وقف التعاطي الإعلامي غير الصحيح مع التطورات في سورية، وتشكيل لجنة لإحصاء الخسائر وإعادة الإعمار. ولا تأتي الخطة الإيرانية على مطلب تنحي الرئيس السوري، وهو مطلب أساسي للمعارضة. وفي بيروت، قال نائب الرئيس السوري فاروق الشرع ان ايا من النظام او معارضيه غير قادر على حسم الامور عسكريا، بحسب ما جاء في مقابلة مع صحيفة «الاخبار» المؤيدة للنظام السوري اجرته معه قبل يومين في دمشق. وقال الشرع، وفق المقابلة التي تنشر اليوم وزعت الصحيفة مقتطفات منها انه «ليس في امكان كل المعارضات حسم المعركة عسكريا، كما ان ما تقوم به قوات الامن ووحدات الجيش لن يحقق حسما». واعتبر الشرع ان «تراجع عدد المتظاهرين السلميين» ادى «بشكل او بآخر الى ارتفاع اعداد المسلحين. صحيح ان توفير الامن للمواطنين واجب على الدولة، لكنه يختلف عن انتهاج الحل الامني للازمة. ولا يجوز الخلط بين الامرين». واضاف «كل يوم يمر يبتعد الحل عسكريا وسياسيا. نحن يجب ان نكون في موقع الدفاع عن وجود سورية، ولسنا في معركة وجود لفرد او نظام».