افتتح أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد أمس الدورة الأولى لمجلس الأمة (البرلمان) بكلمة انتقد فيها «مظاهر الفوضى وتجاوز القانون والانحراف في الخطاب السياسي التي لم نألفها من قبل»، في إشارة إلى تظاهرات ومسيرات المعارضة الرافضة للتعديلات التي أجراها على قانون الانتخاب والتي بسببها قاطعت المعارضة الانتخابات الأخيرة. وجاءت الجلسة الافتتاحية للمجلس صبيحة اعتصام ومبيت ليلي احتجاجي قامت به المعارضة ليل السبت للمطالبة بإبطال المجلس الحالي والعودة إلى قانون الانتخاب السابق. ومنعت الشرطة بالقوة أي تجمع أمام البرلمان -كما كانت تخطط المعارضة-، فاضطرت هذه إلى إقامة التجمع في موقع بديل داخل العاصمة الكويتية، ودعت إلى تجمع جديد ليل الأحد في «ساحة الإرادة» أمام البرلمان لاستكمال حراكها الاحتجاجي. وشهدت الجلسة أمس انتخاب النائب علي الراشد رئيساً للمجلس بغالبية 33 صوتاً مقابل 26 صوتاَ لمنافسه النائب علي العمير، وفوز النائب مبارك الخرينج بمنصب نائب الرئيس ب39 صوتاً مقابل 24 صوتا للنائب الشيعي المخضرم عدنان عبدالصمد. كذلك شهدت الجلسة انتخابات اللجان الداخلية. وقال الأمير في «النطق السامي» الذي افتتح به الدورة البرلمانية، إنه «من الجدير أن نتفهم قلق أهل الكويت ومخاوفهم إزاء ما شهدته الساحة المحلية أخيراً من مظاهر الفوضى وتجاوز القانون والانحراف في الخطاب السياسي التي لم نألفها من قبل وهي غريبة وطارئة على مبادئ مجتمعنا الكويتي»، وأكد أن «إيماننا راسخ بحرية التعبير عن الرأي ويتسع الصدر لكل رأي مخالف أو نقد إيجابي يستهدف الإصلاح». واضاف «واذا كنا جميعاً نستنكر تلك الممارسات وما شابها من أعمال تجاوزت القانون والأعراف والقيم المعهودة وأقلقت راحة المواطنين الآمنين في مساكنهم، وأدت إلى إشاعة الفوضى واستخدام لغة الإقصاء والتخوين بين أبناء الوطن الواحد، فلا يفوتنا أن نوجه تحية إكبار وتقدير لإخواننا وأبنائنا رجال الأمن بما تحلوا به من صبر وحكمة وسعة صدر في استيعاب هذه الأحداث والحد من آثارها ومضاعفاتها». وفي إشارة إلى الحراك المعارض والتظاهرات ضد الانتخابات وضد المجلس، تساءل الشيخ صباح «لماذا نفتح الباب واسعاً ونترك المجال متاحا لكل يد خبيثة تضمر سوءاً وشراً بأمن وطننا ومقدراته؟ وهل يعقل أو يقبل أن يختزل أحد دون غيره صواب الرأي ويتعين على الباقين الخضوع والمسايرة؟». ورأى «أن هذه الممارسات لا تصون وطناً ولا تعزز أمناً واستقراراً ولا تجعل من الباطل حقاً، بل هي بالتأكيد دعوة لهدر مكتسباتنا الوطنية وانتكاسة حضارية». وقال: «علينا أن نتعلم كيف نختلف من دون أن يتحول الخلاف إلى خصام وعداء وصراع (...) ونؤكد مجدداً إيماننا الصادق بالنهج الديموقراطي والتزامنا بالدستور راسخ، وقد أكدت بأنني من يحمي الدستور ولن أسمح بالمساس به أو التعدي عليه، إيماناً بأنه يمثل الضمانة الأساسية بعد الله لأمن الوطن واستقراره، كما أوضحت مراراً بأن جميع الكويتيين أبنائي مهما تباينت الاجتهادات والآراء ولا أكنّ لهم سوى الود والمحبة والتقدير وأنني على مسافة واحدة من كل واحد منهم». ونبه إلى «خطورة أوضاع منطقتنا والواقع المضطرب الذي يشهده العديد من دول المنطقة وما يستوجبه من اتخاذ الحيطة والحذر وحسن الاستعداد لتجنب آثارها وشررها علينا». ووجه الأمير في كلمته رسائل أولاها للحكومة، وفيها: «إن أولى خطوات الإصلاح تبدأ بالاعتراف بالخلل وحسن تشخيصه وتحديد أسبابه (...) وعلى الحكومة مسؤولية التخطيط الواقعي السليم وإعداد برنامج عمل واضح المعالم». وطالب في رسالته النواب ب «النأي عن النزعات الطائفية والقبلية والفئوية والمصالح الضيقة وضمان الارتقاء بلغة الحوار وتجاوز الجدل العقيم الذي يبدد الجهد والوقت والطاقات والعمل على احترام الحدود الفاصلة بين السلطات». ودعا وسائل الإعلام في رسالة ثالثة إلى «تعزيز اللحمة الوطنية ونبذ كل ما من شأنه بث الفتنة والفرقة بين صفوف المجتمع». ووجه رسالة إلى «أبنائي الشباب أن تكونوا أشد وعياً ونضجاً وبصيرة في تكوين قناعاتكم ومواقفكم واختيار الطريق الذي يحقق مصلحتكم وخير وطنكم وأهلكم، وأن تدركوا أن كل مسألة يتسع فيها الأمر لأكثر من رأي واجتهاد».