غادرت آخر القوات الفرنسية المقاتلة كابول أمس قبل سنتين من الانسحاب النهائي للقوة الدولية، تنفيذاً لوعد قطعه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند. وتولّى حوالى 200 جندي من فوج بلفور الأول للمشاة حماية الانسحاب. ويتوقع أن تعود هذه القوات إلى فرنسا الثلثاء بعد أن تمكث ثلاثة أيام في جزيرة قبرص. ويعني ذلك انه لم يتبق في أفغانستان إلا حوالى 1500 جندي فرنسي، غالبيتهم في كابول، وتقرر بقاؤهم في البلد المضطرب حتى 2013 لتولي مسؤولية إعادة المعدات وتدريب الجيش الأفغاني على تولي المسؤولية الأمنية في البلاد. وتزامن ذلك مع دعوة الرئيس الأفغاني حميد كارزاي أمس قوات التحالف إلى مغادرة القرى الأفغانية بأسرع وقت ممكن، مؤكداً أن قوات بلاده ستتسلّم المسؤوليات الأمنية في المناطق كلها بحلول 2013. يذكر أن أعلى عدد للقوات الفرنسية في أفغانستان بلغ 4 آلاف جندي، وكانت خامس أكبر قوة في قوات الحلف الأطلسي بعد الولاياتالمتحدة وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا. وانضمت فرنسا إلى التحالف الذي يقوده الحلف في أواخر 2001 لمساندة الحكومة الأفغانية الجديدة في مواجهة التمرّد الذي بدأ بعد الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة للبلاد للإطاحة بنظام «طالبان»، الذي كان يؤوي زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن الذي كان وراء هجمات 11 أيلول (سبتمبر) على نيويوركوواشنطن. وفي العام 2007 دخلت القوات الفرنسية ولاية كابيسا الإستراتيجية التي تطل على طريق تربط بين كابول وباكستان بعد أن وافق الرئيس وقتذاك نيكولا ساركوزي على طلب واشنطن لمشاركة القوات الأميركية في العمليات القتالية ضد «طالبان» في شكل أكبر. وتلا ذلك قتال دام ضد المسلحين والجماعات المسلحة. وبعد سلسلة من الهجمات خصوصاً في كانون الثاني (يناير) عندما قتل جندي أفغاني خمسة جنود فرنسيين، اعلن ساركوزي أن المهمة القتالية في كابيسا وإقليم سوروبي ستنتهي في 2013. وسرّع خلفه هولاند تلك العملية لتنتهي بنهاية 2012، وغادرت آخر مجموعة من الجنود الفرنسيين القتاليين كابيسا وعادوا إلى كابول في 20 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وتصاعدت الهجمات التي ينفذها جنود أفغان ضد زملائهم من حلف الأطلسي هذا العام حيث قتل 61 من جنود الحلف بنيران عناصر الأمن الأفغاني، ما خلق مشاعر من انعدام الثقة في الحرب ضد «طالبان». وأدت تلك الهجمات إلى دعوات في دول غربية أخرى يزداد فيها الاستياء من الحرب في أفغانستان، لسحب القوات من ذلك البلد في وقت مبكر، إلا أن الحلف أصر على انه سيتبع البرنامج المتفق عليه الذي ينص على سحب القوات بنهاية 2014. ويؤكد قادة فرنسيون وأفغان أن كابيسا أصبحت مستقرة، ولكن يُعتقد أن المتمردين يسيطرون على إثنين من أقاليمها الستة. ويتولى حوالى 4700 شرطي وجندي أفغاني مسؤولية الأمن في الولاية يدعمهم 250 جندياً أميركياً. وفرنسا التي فقدت 88 جندياً في أفغانستان، ليست الوحيدة التي تنهي مهماتها القتالية هناك، فقد سحبت كندا قواتها في تموز (يوليو) 2011 وقبلها هولندا في آب (أغسطس) 2010. كما سحبت الولاياتالمتحدة القوات التعزيزية البالغ عددها 33 ألف جندي في وقت سابق من هذا العام، على رغم أن حوالى 68 ألف جندي لا يزالون في أفغانستان. مساهمة في الاستقرار وقال كرزاي في الاجتماع السنوي مع السفراء والقناصل الأفغان في كابول الذي يهدف لوضع السياسة الخارجية والإستراتيجية للبلاد للسنوات الثلاث المقبلة، أنه «كلما أنجزت العملية الانتقالية في أفغانستان أسرع كان ذلك أفضل». وزاد: «لا حاجة للقلق على انسحاب القوات الدولية من أفغانستان. نحن نتحدث بثقة إلى أي بلد»، مشدداً على أن انسحاب هذه القوات لن يؤثر في الوضع الأمني بل سيساهم في استقرار أفغانستان. ووصف كارزاي الولاياتالمتحدة بأنها حليف مهم في العالم والهند حليف مهم في المنطقة، مضيفاً أن كابول تريد أن يكون لديها سياسة متوازنة في علاقاتها الخارجية، مؤكداً أنها تقيم علاقات ودية مع روسيا والصين وجيرانها بينها إيران وباكستان وترغب في تنميتها.