أ ف ب، رويترز - نفذ الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس، زيارة مفاجئة لأفغانستان، حيث اوضح للجنود الفرنسيين الأسباب التي تدفعه الى الانسحاب المبكر من هذا البلد بحلول نهاية السنة الحالية، اي قبل سنتين من الموعد الذي حدده الحلف الأطلسي (ناتو) لسحب كل قواته القتالية في نهاية 2014، متعهداً تعزيز حضور بلاده اقتصادياً ومدنياً بعد المغادرة. ووصل هولاند الى مطار كابول صباحاً يرافقه وزيرا الدفاع جان ايف لودريان والخارجية لوران فابيوس ورئيس اركان القوات الفرنسية الأميرال ادوار غيو. وتوجه فوراً الى قاعدة نجراب في ولاية كابيسا (شمال شرق)، حيث يتمركز معظم العسكريين الفرنسيين. وأكد هولاند ان انسحاب قوات بلاده قبل نهاية السنة، اي قبل سنة من المهلة التي حددها الرئيس السابق نيكولا ساركوزي سيحصل بشكل «منظم» و«بالتنسيق» مع الحلفاء الأطلسيين في افغانستان، مؤكداً ان قراره «سيادي، ووحدها فرنسا تستطيع الزام فرنسا، وسيُطبق بالتوافق مع حلفائنا، خصوصاً الرئيس الأميركي باراك اوباما الذي يتفهم الأسباب، وبالتشاور الوثيق مع السلطات الأفغانية». ولدى عودته الى كابول، التقى هولاند الرئيس الأفغاني حميد كارزاي، مؤكداً رغبته في ان تبقى فرنسا حاضرة في افغانستان بعد انسحاب قواتها، و»لكن بطريقة مختلفة وبعد مدني واقتصادي اكبر». وأمل بأن يتاح «للأفغان تحقيق اكتفاء ذاتي» بفضل الاستثمارات الفرنسية في المستقبل، علماً ان افغاناً كثيرين يخشون اندلاع القتال مجدداً مع رحيل قوات الحلف، في وقت لا تسجل المفاوضات بين الأطراف المتحاربة أي تقدم. وأضاف: «سنواصل مشاريعنا الإنمائية في كابيسا وسوروبي اللذين ادارتهما الوحدات الفرنسية في اطار مهمات «الأطلسي». ونقلت منطقة سوروبي التابعة لكابول والتي هدأ الوضع فيها نسبياً، الى السلطات الأفغانية في نيسان (ابريل) الماضي. وينسحب العسكريون الفرنسيون تدريجاً منها. اما ولاية كابيسا الأكثر اضطراباً والمجاورة لسوروبي فأدرجت منتصف الشهر الجاري ضمن المرحلة الثالثة من عملية نقل مسؤوليات الأمن من الحلف الى القوات الأفغانية. وتتضمن العملية خمس مراحل ويفترض ان تنجز في نهاية 2014. ويتمركز القسم الأكبر من الجنود الفرنسيين البالغ عددهم 3500 في افغانستان في كابيسا. وأكد هولاند ان ألفين من هؤلاء العسكريين سيغادرون افغانستان بحلول 2012. وقال مصدر امني غربي ان مهربين وعناصر من حركة «طالبان» يتنازعون السيطرة على كابيسا باعتبارها نقطة مرور استراتيجية بالغة الأهمية الى كابول، «لذا يعتبر تنظيم انسحاب منها امراً معقداً للفرنسيين، ويطرح مشكلة للأفغان». وتؤكد الحكومة الأفغانية استعدادها لتولي المسؤولية بدلاً من القوات الفرنسية، بينما اكد الجنرال الأميركي جون آلن قائد القوة التابعة للحلف انه «لن يحدث تدهور امني» في كابيسا. وكان هولاند اعلن عن سحب قوات بلاده مبكراً منذ بدء حملته الانتخابية، ودافع عن قراره الأسبوع الماضي خلال قمة مجموعة الدول الثماني في كامب ديفيد، ثم في قمة الحلف الأطلسي (ناتو) في شيكاغو، حيث تعرض لانتقادات لاذعة اهمها من المستشارة الألمانية انغلا مركل التي اصرت على تنفيذ انسحاب موحد في اطار استراتيجية الحلف. وطالب الحلفاء فرنسا بالمساهمة بمبلغ يقل عن 200 مليون دولار سنوياً في اطار خطة التمويل الطويل الأمد لأفغانستان وقيمتها 4.1 بليون دولار لدعم القوات الأفغانية بعد عام 2014، فيما اعلن هولاند الى انه لن يلتزم بأي مبالغ حتى تحديد اساليب انفاقها. وإلى جانب تدريب القوات الأفغانية، انشأت فرنسا كلية للطب ومركزاً ثقافياً وأثرياً فضلاً عن مد يد العون للحكومة الأفغانية في مجالات الإسكان والطاقة والتنقيب عن النفط والمعونات الزراعية العاجلة.