اعتبرت أوساط عسكرية إسرائيلية التظاهرات التي نظمتها حركة «حماس» في أنحاء الضفة الغربية أمس احتفالاً بذكرى تأسيسها، إشارة أولى إلى أن «الانتفاضة الثالثة على الأبواب»، مشيرةً إلى أنها الأولى «منذ انقلاب حماس في قطاع غزة» التي تسمح فيها السلطة الفلسطينية بمثل هذه التظاهرات في المناطق الخاضعة لسيطرتها. وأضافت أن التظاهرات «جاءت عنيفة تماماً مثلما توقع الجيش الإسرائيلي». لكن اللافت هو أن الجيش لجأ إلى «وسائل تفريق التظاهرات» التي تفاداها في فترة سابقة منعاً لتصعيد الأوضاع، وعاد إليها في أعقاب ضغط المستوى السياسي على العسكري «لمنع تكرار صور هروب جنود من أمام الفلسطينيين»، وهي التي اعتبرها زعيم «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان صوراً تمس بهيبة الردع الإسرائيلية، قائلاً إنه لا يجوز أن يبقى فلسطيني يهاجم جندياً إسرائيلياً على قيد الحياة. وأشارت صحيفة «معاريف» إلى أنه في أعقاب تلك الصور، قرر قائد «كتيبة يهودا والسامرة» في الضفة العميد مردخاي أن يشرف شخصياً على المواجهات بين الفلسطينيين والجيش خلال التظاهرات في الضفة، في ظل الدعوات الى قيادة الجيش بتغيير التعليمات الصادرة للجنود في شأن الحالات التي يجوز فيها إطلاق النار على المتظاهرين لجهة تسهيل الضغط على الزناد. في غضون ذلك، حفلت صحف نهاية الأسبوع بتقارير تنذر باقتراب اندلاع انتفاضة فلسطينية، إذ كتب المعلق العسكري في «يديعوت أحرونوت» أليكس فيشمان أن المؤسسة الأمنية ترى أن «الظروف للانتفاضة نضجت»، وما تبقى لاندلاعها هو «الشرارة الأولى»، ما استوجب من الجيش في أعقاب اجتماع قيادته قبل أسبوعين، تعديل أنماط نشاطه العسكري في أنحاء الضفة لجهة إجراء تغييرات تكتيكية بدءاً بالتأهب لمواجهة حالات الإخلال بالنظام العام، وانتهاءً بتحضير الجيش لاحتمال تدهور الأوضاع واستدعاء قوات كبيرة إلى الضفة. وأضاف أن هذه التعديلات تعني عملياً استعداداً أفضل للجيش قياساً بالماضي واستخدام وسائل لتفريق التظاهرات «من أجل دفن أي إخلال بالنظام وهو في مهده». في موازاة ذلك، كثفت شعبة الاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن العام «شاباك» نشاطيهما في محاولة لقراءة المزاج العام في الضفة واحتمالات اندلاع مواجهات جديدة. وأضاف المعلق أن جهات رفيعة في قيادة «المنطقة الوسطى» في الجيش تجري اتصالات مع مسؤولي الأجهزة الأمنية الفلسطينية لمنع تدهور الأوضاع، «لكن الجيش ليس واثقاً من أن هذه الإجراءات كفيلة بكبح موجة اللاهدوء التي تشهدها أنحاء الضفة في الأسابيع الأخيرة». وتابع أن حركة «حماس» وتنظيمات أخرى معارضة لحركة «فتح»، مثل «الجهاد الإسلامي»، أخذت تتحرك في الفترة الأخيرة وتنظم قواعدها في الضفة وتستأنف نشاطها فيها، مضيفاً أن «حماس التي شعرت باستقرارها في القطاع انتقلت للمرحلة الثانية من مخططها للسيطرة على منظمة التحرير الفلسطينية، وأقامت آلية لتركيز الجهود لإعادة بناء شبكتها الاجتماعية – السياسية – الاقتصادية، (مؤسسات الدعوة) في الضفة». وزاد أن الذراع العسكرية للحركة شرعت أيضاً في تفعيل خلايا عسكرية في الضفة، خصوصاً في منطقتي الخليل ونابلس، وأنها كانت وراء المواجهات مع الجيش في الأسبوعين الأخيرين. واختتم بالقول إن «الميدان جاهز لاندلاع الانتفاضة، لكن الشعور السائد في صفوف الجهات الأمنية المهنية هو أنه في هذه الفترة وعشية الانتخابات، لا يوجد في أوساط المستوى السياسي في إسرائيل من يتخذ القرارات اللازمة لنزع فتيل القنبلة الموقوتة اليوم في الضفة». وكتب كبير المعلقين في الصحيفة ناحوم برنياع في زاويته الأسبوعية أن أربعة عوامل رئيسة تقود نحو توقع اندلاع انتفاضة جديدة، في مقدمها نتائج عملية «عمود السحاب» (العدوان على القطاع) التي جاءت بانتصار سياسي مهم لحركة «حماس» وتسليم إسرائيل بحكم الحركة في قطاع غزة، «ما اضطر الرئيس محمود عباس إلى المصالحة مع الحركة»، والثاني التطورات في عدد من الدول العربية وتذكير الفضائيات العربية للفلسطينيين بأنهم الوحيدون الذين لم ينتفضوا ضد النظام، والثالث العمليات الإرهابية المتزايدة التي ينفذها ناشطون يمينيون متطرفون ضد الفلسطينيين تحت مسمّى «جباية الثمن»، والأخير تحرك جهات يمينية في أحزاب متطرفة للدفع نحو مواجهة مع الفلسطينيين في المسجد الأقصى المبارك من خلال تشكيلها «الهيئة المشتركة لحركات جيل الهيكل» التي تقوم بإرسال يهود للصلاة بهدف استفزاز الحراس والمسلمين «فيما وزير الدفاع ايهود باراك القادر على مواجهة هذا التحرك، لا يفعل شيئاً ولا يتلافى الضربة قبل وقوعها».