أشعل أعضاء الشورى جلسة أمس (الإثنين) بانتقادات لاذعة، أبرزها شبهة فساد جهات حكومية متهربة من دراسات محايدة لتقويم أدائها، وعرقلة إسعاف النساء بسبب «متسلطين»، وفتاوى مثيرة للجدل من أطراف لا يقدّرون وزناً لحياة النساء، واتهامات لنظام «ساهر» بأنه نظام جباية وليس حماية. واتهم عضو الشورى الدكتور خضر القرشي في مداخلته على تقرير هيئة سوق المال للعام الحالي، جهات حكومية بالتهرب من دراسات محايدة لتقويم أدائها، لأنها «تخفي شيئاً»، موجهاً حديثه إلى هيئة سوق المال: «الناس تريد أن تطمئن لعدم تكرار إخفاقات 2006»، مضيفاً: «الجهات تطلب من وزارة المالية 50 و60 مليوناً من أجل الدراسة، وتعلق بأن أمورها سليمة، في الأمر شيء، ولا أريد أن أفصح أكثر». فيما طالبت العضوتان هدى الحليسي والدكتورة حنان الأحمدي بعقوبات صارمة لمن منع فرق الإسعاف بتعنت من مباشرة حالات إسعافية عدة في مجمعات نسائية، نتجت منها وفاة فتيات، وقالت الأحمدي: «يجب وضع حد للتهاون الذي يتعامل به البعض ممن لا يقيمون حرمة وقيمة لحياة النساء»، فيما استغربت الحليسي «أننا في القرن ال21 وما زلنا نناقش السماح بدخول فرق الإسعاف للمجمعات النسائية». وقدمت الأحمدي توصية لوضع لائحة إجرائية للتعامل مع الحالات الإسعافية النسائية، وذلك بالتنسيق مع الجهات الشرعية والتنفيذية المختصة، بهدف منح الفرق الإسعافية الصلاحية التامة للقيام بمهامها، ومعاقبة كل من يقوم بعرقلتها، مطالبة بإيجاد أنظمة صارمة وعقوبات مشددة لكل مسؤول ومتسلط يعرقل جهود فرق الإسعاف بحجج واهية. وطالبت الأحمدي بحسم الموقف الشرعي، ووضع حد للفتاوى المثيرة للجدل حيال مباشرة الرجال للحالات الإسعافية النسائية، ونقل المصابات في سيارات الإسعاف وتعيين المسعفات، إذ لا يزال موقف الهيئة غامضاً حيال تعيينهن، على رغم وجود قرارات سابقة للمجلس توصي بتعيين مسعفات. ولم تختلف انتقادات الأعضاء لهيئة الهلال الأحمر كثيراً عن العام الماضي، إذ تكررت المعوقات ذاتها في تقرير «الهيئة» للعام الحالي، ومنها ضعف التعاون والتنسيق مع بعض الجهات الحكومية، وعدم توافر أراض كافية لإقامة مراكز إسعافية جديدة، وقلة الكوادر البشرية، وعد أعضاء قلة الدعم المالي من معوقات عمل الهلال الأحمر، ما تسبب في نقص عدد السائقين والمستخدمين من 185 إلى 109، وعدد سيارات الإسعاف 157 سيارة مقارنة بالعام الماضي. وفي سياق مختلف، شن العضوان الدكتورة نورة العدوان والدكتور عبدالله الفيفي هجوماً لاذعاً على نظام «ساهر»، بوصفه «نظام جباية وليس حماية». وأوضحت العدوان أن أنظمة الرصد في الدول المتقدمة تحذر بعلامة تنبيه لخفض السرعة لقائد المركبة لوجود أجهزة التصوير والرصد قبل وصول المركبة بوقت كاف، ما يساعد في الصدقية والثقة تجاه الأجهزة الأمنية. فيما شكك الفيفي في حقيقة أن نظام ساهر قلل نسبة الحوادث، مطالباً بإعادة النظر جذرياً في تطوير النظام، ليشمل تطوير التقنيات المتقدمة في مجال النقل الذكي، وإيجاد بيئة مرورية آمنة، ورفع كفاءة شبكة الطرق وإعطائها الموثوقية، وكل هذه الأهداف لا تتحقق مع النظام القائم حالياً. وبعد ذلك، وافق المجلس على ملاءمة دراسة مقترح للواء المهندس ناصر الشيباني يدعو إلى التأكد من جودة الوسائل الإلكترونية المستخدمة لإدارة المرور وضبط حركة السيارات واحتمال الأخطاء في الأجهزة الإلكترونية المتعددة الاستخدام في ضبط الإشارات الضوئية والإلكترونية وغرف العمليات. من جهة ثانية، طالب مجلس الشورى هيئة السوق المالية باتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة بالتحكم في المخاطر التي قد تؤثر في استقرار السوق المالية، وضمان عدم تكرار ما حدث عام 1427ه/ 2006. وطالب الهيئة بأن تعيد النظر في أوضاع شركات الوساطة المالية، بما يؤدي إلى ضمان المنافسة العادلة، واستمرار عمل تلك الشركات، وعدم منافستها من الشركات المملوكة للبنوك التجارية. كما تبنى المجلس بالأغلبية توصية تدعو لإجراء دراسة تقويمية من جهة محايدة لهيئة السوق المالية، وأثر أنشطتها في أداء سوق رأس المال ومدى تحقيقها لأهدافها الأساسية. الجفري: «نظام التحرش» سُحب لانتهاء وقت الجلسة عزا نائب رئيس مجلس الشورى الدكتور محمد الجفري سحب نظام «التحرش» من جدول أعمال المجلس إلى انتهاء وقت الجلسة حين عرضه، وصدور توجيهات للمجلس بضمه إلى نظام آخر. فيما طالب العضو الدكتور إبراهيم أبو عباة بألا يعرض أي موضوع على مجلس الشورى للتصويت أو لمجرد المناقشة إذا كان متعارضاً مع فتوى لهيئة كبار العلماء. وعلمت «الحياة» أن الجفري في جلسة الشورى أمس (الإثنين) أثناء نقاش الشأن العام قال: «إن الاستفسارات الواردة عن نظام التحرش كثيرة»، منوهاً بتاريخ إعداد المقترح وإحالته وعرضه على جدول أعمال المجلس وتفاصيل سحبه، مضيفاً: «التوجيهات الصادرة للمجلس كانت بخصوص حالات الابتزاز التي تباشرها الهيئة، لذلك أحيل نظام التحرش والابتزاز إلى النظام اللائحي للاتجار بالأشخاص». وفي الجلسة ذاتها، خيّم الحزن على أعضاء المجلس أثناء نقاش الشأن العام بإعلان وفاة العضو الدكتور علي الثويني، قبل أن ترتفع وتيرة النقاش بعد أن طالبت الدكتورة دلال الحربي أحد مقدمي مقترح «نظام التحرش» الثمانية بالشفافية عن مصير النظام، ولم تكن إجابة المجلس بالنسبة لها شافية. بدوره، نفى أمين المجلس الدكتور محمد العمر ما أشارت له الحربي من خطابات المعارضين للنظام (تحتفظ «الحياة» بصورة منها)، واعتبر عضو تحدث ل«الحياة» (فضل عدم ذكر اسمه) أن ضم التحرش إلى الاتجار بالأشخاص التفاف على النظام، ويختلف عن مقترح الهيئة المعروف ب«الابتزاز» ونظام «الاتجار بالأشخاص» الصادر قبل ستة أعوام من المجلس. وأكد العضو أن نظام التحرش يختلف كلياً من كل النواحي عن النظامين السابقين، وأن إجراء المجلس يعني قفل الباب على مناقشة نظام التحرش لأمد غير معلوم، لافتاً إلى أن نظام الاتجار بالأشخاص لم يفعل منذ إنشائه حتى يضم له نظام آخر.