قاومت بريطانيا أمس الأحد، ضغوطاً للإنضمام الى الولاياتالمتحدة في الإعلان عن توجيه ضربات جوية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" على رغم قيام الجماعة المتشددة بقطع رأس موظف الإغاثة البريطاني ديفيد هينز وتهديدها بقتل بريطاني آخر. وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون بعدما ترأس إجتماعاً للجنة حكومية معنية بالتعامل مع الحالات الطارئة في لندن إن حكومته تحارب تنظيم "الدولة الإسلامية" على جبهات عدة، إلا أنها لا تعتزم توجيه ضربات جوية في الوقت الراهن. وقال كاميرون وهو يصف نهجاً يجمع بين الضغط الديبلوماسي ودعم التحرك الأميركي ومساعدة الحكومة العراقية والسلطات المحلية الكردية "مع تكثيف هذه الاستراتيجية فنحن على إستعداد لاتخاذ أي خطوات ضرورية للتعامل مع هذا الخطر حفاظاً على سلامة بلدنا". وأضاف "يتعين علينا أن نصد تدريجياً ونفكك الدولة الإسلامية كي نقضي عليها في النهاية وعلى أهدافها. سننجز ذلك على نحو هادئ ومدروس لكن بعزم من فولاذ". وكانت بريطانيا سارعت بالإنضمام لتحرك الولاياتالمتحدة عسكرياً في أفغانستانوالعراق إلا أن الرأي العام الذي يبغض الحرب ورفض البرلمان البريطاني توجيه ضربات جوية لسورية العام الماضي والحساسيات المتعلقة بالإستفتاء الخاص باستقلال إسكتلندا يوم الخميس القادم كلها عوامل تؤكد تحفظ كاميرون هذه المرة. وندد عدد من زعماء الدول بينهم الرئيس الأميركي باراك أوباما والمستشارة الألمانية أنغيلا مركل والرئيس الإيطالي جورجيو نابوليتانو ومكتب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بمقتل هينز وقدموا تعازيهم. وقال أوباما في بيان الأحد "الولاياتالمتحدة تقف الليلة بجانب صديقنا الوفي وحليفنا بكل مشاعر الحزن والتصميم". ولم يعلن كاميرون عن أي خطط لانعقاد البرلمان -وهو في عطلة- حتى ينال تفويضاً منه بشن ضربات جوية على "الدولة الإسلامية" فيما تقول شخصيات على دراية بطريقة تفكيره إنه ليست لديه أي خطط فورية في هذا الشأن. وكانت أحدث محاولة له لنيل تأييد من البرلمان البريطاني لتوجيه ضربات جوية على سورية العام الماضي قد باءت بالفشل ولم تحظ بتأييد النواب. ويعني مقطع الفيديو الذي نشره مقاتلو تنظيم "الدولة الإسلامية" الذين يقاتلون في العراق وسورية أن كاميرون، الذي يحاول أيضاً إقناع إسكتلندا برفض الإستقلال في استفتاء سيجرى يوم الخميس، يخضع لضغوط من أجل إتخاذ موقف أكثر صرامة ضد "الدولة الإسلامية". وقال إنه لا يستبعد أي خيارات لتقويض "الدولة الإسلامية" باستثناء إرسال قوات برية، لكنه يواجه نداءات متزايدة من بعض النواب في حزبه المحافظين ومن قادة عسكريين سابقين للإنضمام إلى الولاياتالمتحدة في تنفيذ ضربات جوية. لكن موضوع إسكتلندا يحظى بأولوية محلية بالنسبة إلى كاميرون وهو يدرك أن الكثير من الإسكتلنديين عادة ما يكونون أكثر تشككاً في التحركات العسكرية البريطانية في الخارج وأن اقتراح ضربات جوية الآن من شأنه أن ينفرهم قبل تصويت يوم الخميس. ووصف كاميرون إعدام هينز وهو إسكتلندي عمره 44 عاماً بأنها جريمة وحشية وقاسية وأشاد بالرجل بوصفه "بطلاً بريطانيا". وقال في بيان "هذه جريمة قتل خسيسة ومروعة لموظف إغاثة بريء. أنه عمل من أعمال الشر المحض. سنفعل كل ما في وسعنا لضبط هؤلاء القتلة وضمان أن يمثلوا أمام العدالة مهما طال الزمن". وأضاف "إنهم ليسوا مسلمين إنهم وحوش". وقالت وزارة الخارجية البريطانية إن "كل المؤشرات" تدل على أن مقطع الفيديو حقيقي. ولم تستطع "رويترز" التحقق على الفور من صحة الفيديو لكنه بدا متسقاً مع مقطعين سابقين نشرهما التنظيم وأظهرا إعدام الصحفيين الأميركيين جيمس فولي وستيفن سوتلوف خلال الشهر المنصرم. ويبدو أن الشخص الذي من المفترض أنه أعدم هينز هو نفسه الشخص الذي ظهر في مقطعي الفيديو مع فولي وسوتلوف. والرجل الذي تطلق عليه وسائل الإعلام الغربية إسم "جون الجهادي" يتحدث بلكنة بريطانية فيما يبدو. وفي نهاية مقطع الفيديو، نفسه يظهر رهينة آخر عرف بإسم آلن هيننغ. وقال الرجل الملثم إن هيننغ سيقتل أيضاً إذا مضى كامرون قدماً في دعم الحرب ضد "الدولة الإسلامية". وقال مصدر أمني بريطاني طلب عدم نشر إسمه إن التحقيق يجري في وقائع القتل وإن مسؤولين كباراً في المخابرات يحضرون إجتماع لجنة التعامل مع الحالات الطارئة التي يراسها كاميرون. ورفض المصدر الخوض في تفاصيل بشأن إن كانت التحقيقات أحرزت أي تقدم. ضربات جوية وحتى الآن قصرت بريطانيا دورها على تقديم المساعدات الإنسانية وتنفيذ عمليات إستطلاع وتسليح القوات الكردية التي تقاتل "الدولة الإسلامية" كما وعدت بتدريب القوات في العراق. وعلى الصعيد العسكري تؤيد لندن الضربات الجوية الأميركية بينما تبقي خياراتها مفتوحة. وقال القائد السابق للجيش البريطاني سير ريتشارد دانيت الأحد، إن عمليات الإعدام التي تنفذها "الدولة الإسلامية" ينبغي ألا تردع الحكومة عن اتخاذ تحرك عسكري ضد المتشددين. وقال لسكاي نيوز "إذا لم نوجه وندمر مقاتلي +الدولة الإسلامية+ الجهاديين هؤلاء فإن نفوذهم سيتنامى وستزداد ثقتهم وستكبر المشكلة". ونعى شقيق ديفيد مايك هينز الأحد شقيقه قائلاً إن ديفيد اختار العمل الإنساني لكنه قتل بدم بارد. وقال في بيان نشرته وزارة الخارجية البريطانية "كان ولا يزال يحظى بحب كل أسرته وسنفتقده بشدة". وذكر أن شقيقه -وهو إسكتلندي ولد عام 1970 - ترك وراءه إبنتين من زواجين. وقال رئيس الحكومة الإسكتلندية لتلفزيون "بي بي سي" أليكس سالموند، إن جريمة قتل هينز هي "عمل همجي تعجز الكلمات عن وصفه". وقال "ينبغي أن نتذكر أن السيد هينز كان في المنطقة بصفته موظف إغاثة يساعد السكان المحليين. قتله سيقابل بالإدانة من كل الناس الذين يحملون ذرة من إنسانية". وخلال مقابلة مع "بي بي سي" قبل تصويت يوم الخميس بشأن إستقلال إسكتلندا عن المملكة المتحدة قال سالموند رداً على سؤال عما إذا كانت إسكتلندا مستعدة -في حال إستقلالها- لأن تقوم بعمل عسكري ضد "الدولة الإسلامية" إن أي رد ينبغي أن يتم تحت مظلة الأممالمتحدة. وأَضاف "لا يمكن أن تكون إستراتيجيتك هي الإذعان للإرهاب. هناك ضرورة ملحة لأن نعود للعمل الجماعي تحت مظلة الأممالمتحدة". ووصف سالموند غزو العراق عام 2003 بأنه غير مشروع لأنه تم بدون موافقة من الأممالمتحدة.