لا تزال معايير التكريم لدى وزارة الثقافة غامضة وغير واضحة، ولا يبدو أنها تستند إلى أسس صارمة، إنما إلى أهواء وعلاقات، بحسب عدد من المثقفين تحدثوا إلى «الحياة» فمثلاً هذا العام تم اختيار شاعرة بصرف النظر عن اسمها، لتكريمها في مؤتمر وزارة الثقافة والإعلام في دول الخليج الذي أقيم في الرياض، وفي العام الماضي تم اختيار روائية، أيضاً بصرف النظر عن اسمها، فإذا قلنا إن ذلك يصب في خانة تكريم المرأة الكاتبة، لكن ليس لعامين متتالين، وفق بعض الآراء، في حين أن هناك شاعرات مرموقات يستحققن التكريم، كما يقول عدد آخر من المتابعين للمشهد الثقافي مثل فوزية أبوخالد وخديجة العمري وسواهما. أيضاً لماذا لم يتم تكريم شعراء كبار عمراً وتجربة، مثل محمد العلي أو غيره؟ لكن في ما يبدو أن لوزارة الثقافة رؤية خاصة للتكريم، أو أنها تعمل بمبدأ القريب من العين قريب من القلب، كما يذكر مثقفون في هذا الاستطلاع. هنا عدد من الكتّاب أدلوا بشهاداتهم حول قضية التكريم والمعايير الغامضة: الخليوي: لا توجد معايير دقيقة مسألة التكريم عند وزارة الثقافة والإعلام لا تحكمها معايير دقيقة في كثير من الأحيان، فبعض من كرمتهم الوزارة ليسوا أهم أو أغزر إنتاجاً وإبداعاً ممن تجاهلتهم، ومشكلة وزارة الثقافة والإعلام أنها لا تتابع حركة المشهد الثقافي بشكل جيد، وليست لديها قاعدة بيانات مكتملة عن سير وأعمال الأدباء والمثقفين السعوديين، ما ترك باب المجاملات والعلاقات الشخصية في موضوع «التكريم» وغيره مفتوحاً على مصراعيه. تحتاج وزارة الثقافة والإعلام إلى لجان متخصصة في مجالات الثقافة، والفكر، والأدب، تشرف على مختلف أنشطتها الثقافية داخلياً وخارجياً، وتكون لأعضاء اللجان صلاحيات موسعة بعيداً عن تعقيدات «البيروقراطية». العارف: أضابير الوزارة المشكلة – في نظري – أن الكثير من أعمال الوزارة الموجهة للمثقفين مثل المشاركات الخارجية أو الاستضافة الداخلية أو الجوائز التكريمية، لا توجد لها معايير واضحة ومعروفة للجميع، أقصد أنها قد تكون موجودة في أضابير الوزارة، ولكنها غير معلنة للمثقفين، حتى يكون المثقف على بينة بما يحصل في الوزارة. ولعلي لا أتهم الوزارة ورجالها المعنيين بأمر الثقافة، فكلهم نحسبهم أمناء وخبراء وفضلاء، ولكن المسألة الإعلانية والتعريفية بهذه المناشط وضوابطها قد تغيب عليهم، أو لم يصنعوا لها ما يبعد هذه التهم عنهم! وطالما كرمت أشجان هندي ورجاء عالم، فإنهما من الأسماء الفاعلة في المشهد الثقافي السعودي والعربي، وتستحقان الفوز والتكريم، ومثلهما كثيرات، وفوزية أبو خالد إحداهن. وفي الجانب الذكوري القائمة تطول. أما بالنسبة للشعراء الكبار تجربة وعمراً وعدم تكريمهم، فهذا مدعاة للتساؤل، ولكن الوزارة كرمت البعض منهم بجوائز الدولة التقديرية، ووضع أسمائهم على ممرات معارض الكتب، وأقترح هنا للخروج من هذا المأزق، إعداد دليل متكامل بآليات التكريم والمشاركات. الفضيل: استفهامات حول الاختيار بداية ليس من السهل نفي وجود معايير معينة لدى وزارة الثقافة في اختيار شخصياتها المكرمة، لكن وفي الوقت نفسه، فإن عدم وضوح مضامين وآليات تلك المعايير لدينا كشريحة مثقفة يفرض طرح الكثير من الاستفهامات حول طبيعة الاختيار وأسبابه، وفي تصوري فإن من تم اختيارهم للسنة الحالية لنيل جائزة وزراء الثقافة بمجلس التعاون الخليجي يستحقون التكريم جملة، لجهدم العلمي والفني والأدبي غير المجهول، لكن وطالما أريد أن يفتح هذا الباب، فإنني أرجو من وزارة الثقافة أن تتمثل الشفافية وتعلن معاييرها، حتى لا تكون في نطاق الاتهام بالمحاباة والشللية المقيتة، التي لا أستطيع أن أنفي وجودها وتأثيرها في ردهات بعض المكاتب، حتى إنها شكلت وتشكل حتى اليوم جانباً كبيراً في طبيعة صنع القرار، وفي اختيار الضيوف لكثير من الملتقيات الداخلية والخارجية. وتلك رسالة أهمس بها لضمير وزيرنا الأديب الشاعر الدكتور عبدالعزيز خوجة الصقاعي: العجز عن تكريم المبدعين الحقيقيين إن التكريم كقيمة إنسانية يأتي في مقدم القيم التي تساعد في العطاء والاستمرار في طريق الإبداع والتميز. إن التكريم يؤسس لقيم إنسانية وثقافية واجتماعية لها دلالاتها التي تنعكس على المكرم إيجابياً، وتظهر منجزة وتساعد في الاهتمام به، ولكن في ظل إهمال الوزارة للمثقفين وعدم الاهتمام بهم، لا أعتقد أن التكريم سيخرج عما تقوم به من تهميش للمثقفين، فبالقدر الذي يكون فيه التكريم فاعلاً ومؤثراً إيجابياً يكون أيضا ذاً تأثير سلبي عندما يحصل عليه من ليس أهل للتكريم. ولعلنا في العالم العربي أقل الناس اهتماماً بمعنى التكريم الحقيقي في ظل هذه المحسوبيات التي نعيشها، وهذه العلاقات التي نحتكم إليها أكثر من احتكامنا للعدل والخير والحق، إذ بات المكرمون في العالم العربي الأكثر قرباً ممن يملك حق التكريم، وليس الأجدر والأفضل والأحق، ولهذا أصبحت كل جوائزنا لا تعطي المعنى الحقيقي للتكريم، بقدر ما تعبر عن رأي القائمين عليها. ووزارة الثقافة والإعلام لدينا لم تشذ عن ذلك عبر تاريخها الطويل من المشاركات والمناسبات، التي يكون فيها تمثيل الوطن تكريماً باختياراتها المعروفة لحاملي الحقائب وأصحاب العلاقات والمصالح، وهناك الكثير من البراهين على عجزها عن تكريم المثقفين والمبدعين، من خلال برامجها أو مناشطها، إذ نجد فئة معينة تدير هذه البرامج وتستقطب لها من يدينون لهم بالشكر والعرفان. وكذلك فعلت في التكريم في السنتين الأخيرتين لاختيارها للمكرمين ولم تبتعد عن المتوقع، فشاعر كالثبيتي عاش بيننا ولم يكرم، على رغم أنه علامة فارقة ومتفردة يحق لنا أن نضعها في مصاف الشعراء الكبار في تاريخ العربية، بينما يكرم من لم يقل شعراً بعد ويشارك من لم يكتب قصيدة بعد، ويتم الاختيار للمكرمين وفق رؤية مناطقية أو لحساب فئة معينة أو تيار معين.