قدر لعدد من أبناء المهاجرين اللبنانيين إلى كندا أن يتعلموا في مدارسها وجامعاتها، ويندمجوا بثقافتها، ويواكبوا متطلبات سوق العمل، ويؤسسوا مشاريع وشركات تجارية رابحة، ويصبحوا وهم في ريعان الشباب رجال أعمال بارزين. الى هذه الشريحة ينتمي محمد حسن الحاج ( كندي لبناني- 31 عاماً - من مواليد الوردانية) الذي وفد إلى كندا عام 1994 وأكمل دراسته الابتدائية والثانوية وسنتين من تخصصه في الهندسة الكهربائية. منذ طفولته نشأ الحاج في بيئة زراعية. وكان يبدي ميلاً فطرياً للعمل الزراعي. وما لبثت هذه الفكرة أن ترسخت لاحقاً في عقله ووجدانه، وربما كانت سببا لانقطاعه عن علومه الجامعية والبحث عن مشروع زراعي يجسد طموحاته وآماله المنشودة. ولتحقيق هذا الهدف قام بوضع العديد من الدراسات والأبحاث والتصاميم لإنشاء نموذج لحدائق الخضر على احد سطوح ابنية مونتريال، آخذاً في الاعتبار مجمل التحديات التقنية والتكنولوجية، بما فيها تقلبات الطقس في كيبك والتكلفة الباهظة للتدفئة والنقل والتعليب وغيرها من المشاكل الفنية والبيئية واللوجستية. وعلى مدى ثلاث سنوات، لم تنقطع جولاته عن الكشف على سطوح الابنية الكبيرة في قلب مونتريال، إلى أن اكتملت لديه صورة كاملة عن إقامة مشروع للحدائق الخضراء انتهى العمل به عام 1911 وبدأ قطافه الأول بعد أربعة أشهر من العام نفسه. أطلق الحاج على مشروعه اسم «لوفا» Lufa، وهو مستوحى -كما يقول ل «الحياة»- من نبتة « الليفة» التي تنتشر زراعتها في العديد من القرى اللبنانية ويتدلى منها الليف الطويل المستخدم للاستحمام او للتجارة. مشروع واعد بلغت مساحة المشروع حوالى 3 آلاف متر مربع، وتكاليفه مليوني دولار. وهو مقسم إلى أحواض طويلة بعضها مخصص للمزروعات الدافئة وبعضها الآخر للمزروعات الباردة. وجميعها ترتوي بنظام «الزراعة بالماء»، او ما يسمى «تكنولوجيا هيدروفونيك»، اي عملية خلط السماد بالماء وتوزيع الري أوتوماتيكياً عبر شبكة من الأنابيب على جميع المزروعات، ما يعني أن سطح البناء يبقى نظيفاً لا يلوثه ماء أو تراب او سماد. ويغطى المشروع ببيوت بلاستيكية شفافة تسمح بدخول النور وأشعة الشمس، وتتدلى من جوانبها ستائر عازلة للحرارة او البرودة. كما يفرض حظر كامل على استخدام المبيدات الكيماوية السامة، ويعتمد في حماية المزروعات على البكتيريا أو الحشرات المفيدة، كحشرة الدسعوقة التي تتغذى على حشرة «المنة» البيضاء وعلى النحل للتلقيح. وتمتاز المزرعة بأنها صديقة البيئة، وأقل استهلاكاً للطاقة والمياه، وخضرها طازجة (تقطف بشكل يومي) وصحية وتحتفظ بكامل مكوناتها الغذائية. وتوزع على المستهلكين بواسطة سلال تتراوح أسعارها بين 20 و40 دولاراً، ويتم شراؤها عبر موقع الشركة على الانترنت (lufa.com )، إما باشتراكات أسبوعية أو شهرية. ويجري إيصالها إلى الأماكن التي يحددها المستهلكون. ويعمل فيها 30 موظفاً، بين فنيين ومزارعين وموضبين وموزعين، وتشرف على أعمالها اربع فرق متخصصة بالتغذية والإنتاج وخدمة العملاء والتوزيع. ويشير الحاج إلى أن المشروع مجهز بكامله بنظام تحكم ومراقبة إلكترونيين من بعد، بغية التأكد من حسن سير العمل ومواكبة كل ما يجري فيه من أي مكان في العالم. وكشف عن بناء مشاريع عدة جديدة، منها واحد يجري العمل به حالياً في مونتريال، ويفوق 5 اضعاف المزرعة الحالية، ومنها في بعض المقاطعات الكندية وفي مدينة بوسطن الاميركية (ولاية ماساتشوستس). يشار إلى أن مزرعة الحاج استأثرت باهتمام وسائل الإعلام الكندية والأميركية، وأفردت لها مساحات واسعة وبعناوين جذابة، مثل: «جنائن خضراء معلقة في سماء مونتريال» و»السطوح تنبت خضراً» و «محمد الحاج يغير نظامنا الغذائي» و «شاب لبناني ينشئ اول دفيئة في العالم في مدينة مونتريال».