انتهت كندا أخيراً من بناء أول مركز تربوي يعتمد في تصميمه على الشروط العلمية لمراعاة البيئة، كما يرتكز على الطاقة المتجددة واستضافته مقاطعة كيبك الفرنكوفونية. ووصفه رئيسه كلود غوتييه قائلاً: «إنه يجسد للمرة الأولى في كندا نموذج التنمية المستدامة بأبعادها التربوية والاجتماعية والصحية والعلمية والبيئية والصناعية». وزُوّد المشروع بعشرة ألواح شمسية عملاقة لتوليد الطاقة النظيفة واستخدامها في الإنارة والتدفئة. ورُكّبت هذه الألواح على سارية ضخمة تدور حول محورين لمتابعة حركة الشمس، لأن الطاقة التي تولدها الألواح تصل إلى ذروتها حين تكون الشمس في وضع عمودي معها. وتتكرر هذه العملية يومياً في شكل تلقائي. وكذلك زُوّد المركز بنظام حراري - جيولوجي يستخرج الطاقة من تحت الأرض على عمق 122 متراً. كما جُهّز المركز بمولدات كهربائية تعمل بنظام يحمل اسم «إيولين» المصنوع من مواد مقاومة للتغيرات المناخية، بحيث تعمل الموّلدات من دون ضجيج ولا اهتزازات وباستهلاك مقدار قليل من الوقود. وتعمل بكوابح أوتوماتيكية على إيقاف عمل المولّدات حين إصابتها بعطل كهربائي، ثم تعود إلى العمل في شكل تلقائي. وخُصّصت سطوح المركز لزراعة النباتات والخضار بطريقة بيولوجية، بمعنى أنها لا تستعمل الأسمدة الكيماوية إذ تروى بمياه الأمطار التي تُجمع أيضاً في بئر ارتوازية حفرت خصيصاً لهذه الغاية. وتنقى هذه المياه في مختبرات علمية قبل استعمالها، لتخليصها من الأملاح والمعادن والبكتيريا والكالسيوم وغيرها. وفي الداخل تتصل أجهزة المركز بشبكة إلكترونية متخصصة، تظهر التفاصيل المتعلقة بتصاميمها وأقسامها وخرائطها بغية مراقبتها والتأكد من سلامة عملها ووظائفها. كما يتصل المركز بجهاز أمان إلكتروني يعمل من بُعد على مدار الساعة، إضافة إلى أنظمة الإنذار المُبكر المتصلة مباشرة بمراكز الشرطة والإطفاء والإسعاف تحسباً لأي طارئ. وإضافة الى ذلك، ثبتت في محيط المركز كاميرات مراقبة لرصد وتسجيل أية تحركات غير عادية أو مشبوهة قد تشكل مصدر تهديد أمني، أو خطراً على السلامة العامة للمركز ومحتوياته. وصُنعت التجهيزات الداخلية للبناء من المواد الصديقة للبيئة كالأخشاب التي تمتص الحرارة والرطوبة. وزوّد بعوازل للصوت، لخفض التلوث الصوتي، مصنوعة من الزجاج والبلاستيك المقوى وغيرها. وصممت باحاته الخارجية وفق نماذج هندسية بيئية وجمالية عالية المستوى. وكُسيت الملاعب جميعها بالأعشاب الخضر. وتفصل بينها ممرات للمشاة مغروسة بأنواع معينة من الأشجار الدائمة الاخضرار. وإلى جوارها مقاعد خشبية واسمنتية لاستراحة الطلاب أو المعلمين أو الزائرين. وأُحيط المركز بحديقة واسعة تعتبر مثالاً مصغراً عن «الحديقة النباتية العالمية» في مونتريال، بمعنى أنها تحتوي أحواضاً من الزهور والورود والأعشاب والشجيرات النادرة والمتعددة الألوان. وتحاذي حديقة المركز مساحات مخصصة للزراعات الشتوية البيولوجية تحت مظلات من البلاستيك. وتكتمل الصورة الإيكولوجية للمركز بالكافيتيريا التي تحظر تناول المأكولات المشبعة بالزيوت والدهون، وكذلك المشروبات الغازية. كما تستعمل أوان مصنوعة من الكرتون أو البلاستيك الصحي، القابل لإعادة التدوير في المركز ذاته. ووصف غوتييه هذه المواصفات البيئية للمشروع قائلاً: «يمثّل المركز صرحاً علمياً وواجهة بيئية وبناء إيكولوجياً مثالياً، إضافة الى كونه معلماً سياحياً كندياً أول من نوعه على المستوى العالمي». يذكر ان دخول الباحات الخارجية والملاعب يقتصر على المشاة والدراجات الهوائية والسيارات التي تعمل بالطاقة النظيفة علماً ان بعض الشركات الكندية المنتجة للسيارات العاملة على الكهرباء باشرت بتقديم تسهيلات كبرى للعاملين في المركز وإعطائهم قروضاً مالية بفائدة مخفضة كخطوة تشجيعية لحماية البيئة والحفاظ على سلامتها. واختصر غوتييه الغاية من المشروع بعبارة مقتضبة، قائلاً: «انه إنجاز لجيل الحاضر والمستقبل، ونموذج لجامعة القرن الحادي والعشرين».