يعبر الزائر لسجن «الحائر» ممراً مكيفاً إلى صالة الاستقبال التي قسمت إلى غرفتين إحداهما مخصصة للرجال والأخرى للنساء، وتتم إجراءات التفتيش، ومن ثم التنسيق مع الحافلات التي تقل الزائرين إلى مبنى قريب مخصص للزيارات، فيما يوفر للزوار المعوقين كراسٍ متحركة أمام البوابة الخارجية، في حين تخصص سيارة لنقل كبار السن إلى داخل السجن. وتشكل الزيارات الاستثنائية 50 في المئة من الزيارات للموقوفين التي تقوم عليها إدارة السجن، بعد النظر في طلبات الطرفين الاستثنائية (الموقوف أو أسرته)، سواء أكان اجتماعياً أم صحياً. فيما يرفض عدد من الموقوفين استقبال أسرته في السجن، لأسباب نفسية عائدة للموقوف، ما يثير القلق لدى أسرته، خصوصاً أن هناك من يستغل مثل هذه المعلومة لدى أسرة الموقوف، ويعمل على ترويج إشاعات تهدف إلى تأجيج الفتن. وعلمت «الحياة» أن أحد الموقوفين يمثل حالياً أمام المحكمة الجزائية المتخصصة بتهمة الارتباط بتنظيم «القاعدة»، وترتيب دخول أعضاء التنظيم إلى المملكة بطرق غير مشروعة، استجاب بعد أكثر من خمسة أعوام لإجراء اتصال هاتفي فقط مع والدته التي تقطن في منطقة الباحة (جنوب غربي المملكة)، بعد أن امتنع عن استقبالها في السجن أكثر من مرة، كونه هو الشخص الوحيد المتبقي لديها بعد وفاة زوجها، لا سيما أن إشاعات روجت لوفاة ابنها الموقوف داخل السجن خلال الشهر الماضي. وتوفر إدارة السجن (الحائر) عدداً من الغرف الخاصة التي تضم آرائك ووجبات ومشروبات تقدم لذوي الموقوفين، إضافة إلى مصلى و28 غرفة، يتمتع السجين فيها ب«الخلوة الشرعية» مع زوجته داخل السجن، إذ يستقبل السجين زوجته في الغرفة التي تعمل إدارة السجن على تنظيفها بشكل يومي واستبدال أغطية السرير، كون هذه الغرف يستخدمها الموقوفون بشكل يومي خلال وقت الزيارة، وعمدت إدارة السجن إدخال بعض الديكورات داخل الغرفة وتشكيل حيطان الغرف بألوان مختلفة. ويشكل عدد الموقوفين في سجن (الحائر) خلال جولة «الحياة» نحو 789 موقوفاً، منهم متهمون بقضايا المخدرات وصادرة بحقهم أحكام قصاص، وتم إلحاقهم بالسجن، ولكن في عنابر مختلفة. وتحرص إدارة السجن على عدم دمجهم مع بعض، كما أن هناك عنابر جماعية وأخرى شخصية. وفي سؤال حول مدى القدرة الاستيعابية لمبنى السجن، وما إذا كان من الممكن إقامة 30 ألف سجين داخله، أجاب أحد مسؤولي السجن الذي رافق «الحياة» خلال جولتها: «العدد الإجمالي 789 موقوفاً في سجن الحائر، ومن زاد عن هذا الرقم أو ذكر أنهم بالآلاف يريد استغلال ملف الموقوفين لأهداف أخرى معروفة للجميع، فالعدد الإجمالي للسجناء في جميع سجون المباحث الخمسة هو 2709، منهم 2112 موقوفاً سعودياً و597 من جنسيات مختلفة، وهناك امرأة واحدة فقط، وأن هذه الأعداد تشمل سجناء المباحث الإدارية». ولوحظ حرص إدارة السجن على العناية بالنظافة داخل السجن، خصوصاً العنابر الشخصية التي تتكون من قطعة (زل) ومفرش أرضي، ودورة مياه، وبرادة مياه للشرب وتلفزيون ثبت في أعلى الغرفة ونافذتين يسمح من خلالها دخول أشعة الشمس، ويستطيع للنزيل التحكم في درجة البرودة للمكيف أو الإنارة داخل العنبر. فيما يخصص رجال الأمن المسؤولون عن أجنحة العنابر يومياً 25 دقيقة للموقوفين، كلٌّ على حده للخروج إلى منطقة التشميس، إذ يتعرض الموقوف إلى أشعة الشمس من دون الاختلاط بزملائه، خصوصاً أن هناك مواقع كثيرة ل«التشمس» تشمل العنابر الشخصية والجماعية. وحرصت إدارة السجن على إقامة مكاتب حقوقية وقانونية دائمة داخل السجون الخمسة في المملكة، إذ شاهدت «الحياة» مكاتب كل من هيئة التحقيق والادعاء العام، وهيئة حقوق الإنسان، والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، يستقبل العاملون فيها شكاوى الموقوفين، ويعملون على التأكد من صحتها، من خلال مباشرتهم للحالات من دون الحصول على إذن رسمي، كون أن مكاتبهم في المبنى المجاور لأجنحة الموقوفين الجماعية والشخصية، فيما نفذ موظفون في هيئة الرقابة والتحقيق الشهر الماضي جولة ميدانية «مفاجئة» بعد صلاة الفجر مباشرة. ويستقبل العاملون في هيئة حقوق الإنسان، والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، طلبات من الموقوفين في غرفة خاصة خالية من الرقابة، حتى يسمع عضو الهيئة أو الجمعية من الموقوف طلباته. وتوفر إدارة السجن طلبات الموقوفين التي تشمل غالبيتها مجموعة من الكتب، إذ يتم الاتصال في دار نشر يتم التعاون معها بشكل مستمر من أجل توفير الكتب للموقوفين، إلا أن بعضهم يشتكي من عدم توفيرها، ويظن أن ذلك ليس إلا مجرد عقاب في تأخير أو عدم توفير الكتاب له، والصحيح أن عدداً من الموقوفين لا يوفقون في كتابة عنوان الكتاب بشكل دائم أو اسم مؤلف الكتاب.