تزداد المساعي في الولاياتالمتحدة لتأخير بدء الصفوف صباحاً في المرحلتين التكميلية والثانوية، اذ غالباً ما يشعر المراهقون بالنعاس ما يؤثر سلباً على صحتهم. هذا النقاش المتكرر منذ حوالي عشرين عاماً، عاد الى الواجهة أخيراً مع نشر جمعية أطباء الأطفال الأميركيين تحذيراً في عدد أيلول (سبتمبر) من مجلة "بيدياتريكس". وقال الأطباء "المراهقون الأميركيون ينقصهم النوم والأمر عائد الى أن الصفوف تبدأ باكراً"، محذرين من المخاطر الناجمة عن ذلك، ومنها عدم التركيز والإدمان والاكتئاب والبدانة. وجاء في التقرير "دعوهم ينامون!" مع توصية بتأخير بدء الدروس الى الثامنة والنصف على أقل تقدير في المرحلتين التكميلية والثانوية. وفي الواقع يبدأ المراهقون الأميركيون يومهم باكراً. وتُفيد إحصاءات نشرتها جمعية "ستارت سكول لايتر" التي تعمل من أجل تأخير موعد بدء الدروس صباحاً، بأن أقل من 15 في المائة من المدارس الثانوية الأميركية تبدأ صفوفها عند الساعة الثامنة و النصف أو بعدها. وثمة مدرسة تقريباً من كل عشر مدارس تبدأ الدروس فيها قبل السابعة والنصف صباحاً، وواحدة من كل ثلاث بين السابعة والنصف والثامنة و43 في المائة بين الثامنة والنصف تقريباً" . وتقول هيذر ماكينتوش التي تقيم في أنابوليس (ميريلاند شرق الولاياتالمتحدة) لوكالة "فرانس برس" "ولداي يجب أن يكونا في المدرسة عند الساعة 07:17 بالتحديد، هذا يعني أن الحافلة المدرسية تمر أمام منزلنا عند الساعة 06:30، لذا علينا أن نستيقظ بين الساعة 05:45 والساعة السادسة". وتضيف ماكينتوش المسؤولة في "ستارت سكول لايتر" أن الأمور كانت جيدة بالنسبة لابنها ويل (14 عاما) "خلال الأسبوع الأول بسبب حماسة العودة الى المدرسة"، لكن الأمور بدأت تسوء بعد ذلك. ويعتبر أطباء الأطفال الأميركيون أن المراهق يجب أن ينام بين ثماني ساعات ونصف الساعة وتسع ساعات ونصف الساعة ليلاً، خصوصاً وأن سن البلوغ يؤدي الى تغيير في وتيرة النوم "ما يجعل من الصعب الخلود الى النوم قبل الساعة 23:00". وهم يرون أن "87 في المائة من المراهقين الأميركيين لا ينامون مدة كافية، والمطالبة بتأخير موعد بدء الدروس خطوة تندرج في إطار الصحة العامة". وكانت أوسع دراسة نشرت حول هذا الموضوع في شباط (فبراير) 2014 من قبل جامعة "مينيسوتا"، وأظهرت أن تلاميذ المدارس التي تبدأ دروسها عند الساعة الثامنة والنصف والذين بإمكانهم تاليا أن يناموا ثماني ساعات على الأقل، "هم في صحة أفضل وأقل اكتئابا ويستهلكون كميات أقل من القهوة والكحول والسجائر". ومن أصل تسعة آلاف طالب وثماني مدارس ثانوية وثلاث ولايات شملتها الدراسة، أشار التقرير أيضا الى تراجع في نسبة التغيب والتأخر، بالإضافة إلى انخفاض في حوادث السير وعلامات أفضل في الامتحانات. وتقول كريستن اموندسون المديرة العامة للجمعية الوطنية للجان التربوية الرسمية المكلفة تحديد أنظمة المدارس، وهي من صلاحيات السلطات المحلية في الولاياتالمتحدة، "انه نزاع بين العلوم والرياضيات". وتوضح "الجميع يتفق على أن المراهقين لا ينامون ما يكفي من الساعات وغالباً ما يحضرون الى الصفوف متعبين جداً. من جهة أخرى، هناك موازنة وهنا يأتي دور الرياضيات وتحاول المدارس ان تستفيد من كل دولار ينفق خارج قاعة الصفوف الى أبعد حد"، مشددة في هذا السياق على الكلفة العالية جداً للحافلات المدرسية. وتشير أيضا الى النشاطات خارج إطار المدرسة، مثل ممارسة رياضة كرة القدم الأميركية لمدة ثلاث ساعات والمشاركة في الجوقة الموسيقية وغيرها "وهي نشاطات مهمة ومتأصلة في الثقافة الأميركية". لكن فكرة تأخير بدء الصفوف بدأت تشق طريقها. ففي العام الماضي، عملت 80 مقاطعة من أصل 15 ألفاً في البلاد، في هذا الاتجاه. وثمة مقاطعات أخرى تدرس المشروع. وأعرب وزير التربية ارني دونكان الذي لا سلطة قرار له في هذا الإطار، عن دعمه مراراً "لإجراءات معقولة". أما التلميذ ويل، فلا يزال مضطراً الى الاستيقاظ باكراً "أكون متعباً عادة في الحصة الأولى، فأحاول أن أنام لخمس دقائق كما يفعل زملائي في الصف من وقت الى آخر".