تصاعدت حدة التوتر الاجتماعي في تونس، أمس، بعد يوم من مواجهات وقعت في العاصمة بين مؤيدين لحركة النهضة الإسلامية الحاكمة وبين أعضاء في نقابات عمّالية. ورفع زعيم «النهضة» الشيخ راشد الغنوشي من سقف التوتر باتهامه الاتحاد العام التونسي للشغل بقيادة التحركات والاحتجاجات في البلاد من أجل إسقاط الحكومة الشرعية. واعتبر الغنوشي، في ندوة صحافية، أن قيادات اتحاد الشغل، أكبر منظمة عمّالية في البلاد، تخدم أجندات أحزاب اليسار «الفاشلة في الانتخابات»، وقال إنها تراهن على إسقاط الحكومة التي يرأسها الأمين العام ل «النهضة» حمّادي الجبالي. وحمّل الغنوشي مسؤولية ما حصل من أحداث عنف خلال الأيام الماضية في سليانة، 120 كلم جنوب غربي العاصمة، إلى الاتحاد للشغل، قائلاً «إن الاتحاد منظمة راديكالية يسارية متطرفة تدفع بحركة النهضة في مواجهات ليست في مصلحة البلاد». واضاف ان المواجهات التي حصلت أول من أمس وأوقعت إصابات في معقل النقابيين في العاصمة، تسببت فيها ميليشيات نقابية مسلحة بالهراوات والغاز، مطالباً بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة تحدد من المسؤول عن المواجهات. وفي السياق نفسه، استغرب زعيم الإسلاميين في تونس دعوة اتحاد الشغل إلى إضرابات عامة في مختلف محافظات البلاد بالتزامن مع توقيعه اتفاق الزيادة في الأجور مع الحكومة، مفسّراً بأن ذلك يؤكد أن النقابة الأولى في البلاد أصبحت تمارس السياسة وتدفع البلاد نحو الفوضى وإفشال المسار الديموقراطي. وكانت وسائل إعلام تونسية نقلت خبراً مفاده بان الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي رفض مساء الثلثاء مكالمة هاتفية من رئيس الحكومة الموقتة الأمين العام ل «النهضة» حمادي الجبالي بعد الاعتداء على مقرّ الاتحاد في ساحة محمد علي بتونس العاصمة. ودانت رئاسة الجمهورية عبر بلاغ نشرته على موقعها الرسمي الأحداث الخطيرة التي حصلت مساء أول من أمس أمام مقر الاتحاد العام التونسي للشغل وما شهدته من «استفزاز غير مسؤول» بخاصة في ضوء الوضع الحساس الذي تمرّ به البلاد. من جهة أخرى، أعلنت الكتلة الديموقراطية المعارضة (ثاني أكبر كتلة في المجلس التأسيسي) مقاطعتها لأعمال المجلس الوطني التأسيسي لمدة ثلاثة أيام. وصرّح النائب إياد الدهماني ل «الحياة» بأن المقاطعة سببها الاحتجاج على «التواطؤ» الذي يحصل إزاء رابطات حماية الثورة المقربة من حركة النهضة وللمطالبة بحلها باعتبار أنها تتورط في العنف والهجوم على الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني. لكن النائب عامر العريض اتهم المعارضة بأنها تسعى إلى تعطيل عمل المجلس، وقال في تصريح إلى «الحياة» إن المعارضة تريد تأخير موعد الانتخابات لأنها ليست جاهزة وتخشى أن تكون قد خسرت جزءاً من قاعدتها الشعبية، بحسب قوله. وأشارت وكالة «فرانس برس» إلى أن الاتحاد العام التونسي للشغل اجتمع أمس لاتخاذ قرار في شأن الرد على الهجوم الذي تعرض له مقرّه في العاصمة على أيدي موالين للإسلاميين الحاكمين. ولم ينتظر الفرعان الإقليميان لاتحاد الشغل في سيدي بوزيد (وسط غرب) مهد الثورة، وقفصة (جنوب) منطقة «الحوض المنجمي»، قرار الاتحاد في تونس وطالبا بإقرار إضراب من 24 ساعة اعتباراً من اليوم الخميس. كما طالب مناصرون للنقابة بإعلان اضراب وطني عام. وإضافة إلى التظاهرات الاجتماعية، تكثّفت الهجمات التي تنسب إلى مجموعات سلفية في الشهور الأخيرة في تونس التي تستعد لاحياء الذكرى السنوية الثانية لبدء الثورة ضد نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في 17 كانون الأول (ديسمبر).