شهدت محافظة سليانةالتونسية، أمس، مواجهات دامية بين المتظاهرين وقوات الأمن لليوم الخامس على التوالي، وامتدت المواجهات إلى مناطق أخرى تابعة للمحافظة، فيما تحاول الشرطة إعادة الهدوء إلى المحافظة التي اندلع فيها ما يشبه انتفاضة شعبية عارمة. ودخلت مدرعات عسكرية إلى «سليانة» ليل أمس الأول لفرض النظام، وأطلقت القنابل الدخانية في المنازل وعلى الأسطح ووسط حشود المتظاهرين. وكانت التظاهرات في «سليانة» بدأت بتجمع نحو عشرة آلاف شخص أمام مقر الاتحاد الجهوي للشغل في المحافظة استجابة لدعوة إضراب عام أطلقها الاتحاد. ورفع المتظاهرون شعارات منددة بالحكومة وبحركة النهضة الإسلامية التي تقودها، مطالبين بطرد المحافظ أحمد الزين المحجوبي ل»تعامله بتكبر مع الأهالي ولعدم تقديمه خدمات»، حسب المشاركين في الاحتجاجات التي تطورت إلى مصادمات مع الأمن، الذي استخدم بدوره القنابل المسيلة للدموع وطلقات الرش. ووفق آخر حصيلة طبية، بلغ عدد الجرحى جراء المصادمات مائتي جريح كلهم من المدنيين، فيما قال وفد الحزب الجمهوري المعارض الذي زار المحافظة، إن عدد الجرحى ارتفع إلى 300 بينهم ثمانون حالة أصيبت بالعمى. وأفادت مصادر طبية في المستشفى الجهوي في سليانة أن المستشفى لم يعد قادراً على استيعاب العدد المتزايد للجرحى، لذا تم تحويل ما يقرب من 15 حالة وُصِفَت بالخطيرة إلى مستشفيات العاصمة. من جانبه، اتهم وزير الداخلية التونسي علي العريض، من وصفهم بالأطراف الحزبية والنقابية بالوقوف وراء أحداث العنف في «سليانة». وقال العريض، في تصريح على القناة الرسمية التونسية، إن وزارة الداخلية لديها قائمة بأسماء المتهمين، وخص بالذكر الناطق الرسمي باسم حركة الوطنيين الديمقراطيين شكري بلعيد، حيث اتهمه بالتحريض على العنف والعمل على إرباك عمل الحكومة مركزياً وجهوياً، على حد تعبير العريض. وفيما يتعلق باستعمال طلقات الرش، أوضح وزير الداخلية أن قوات الأمن استخدمت هذا النوع من الطلقات عوضاً عن الرصاص الحي، وبيّن أن الرش لا يمثل خطراً حقيقياً إلا إذا بلغ مدى استعماله عشرين متراً «عندها يؤلم ويخلف أضراراً»، حسب تأكيده. وفيما يبدو أنه تحدٍ من الحكومة التونسية، قال رئيس الوزراء حمادي الجبالي، إن أحداث سليانة بدأت «بسبب خلاف بين شخصين في المحافظة تحول إلى إضراب عام فعصيان»، وأضاف في تصريحٍ إذاعي «محافظ سليانة سيبقى في منصبه وسيتنحى عندما أفعل أنا ذلك». في المقابل، وجَّه الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية، أبرز قوى المعارضة التونسية، حمة الهمامي، انتقادات شديدة للحكومة، قائلاً إن الوضع الحالي ينبئ ببناء ديكتاتورية جديدة بدلاً عن الحرية والديمقراطية. وحمّل الهمامي، في ندوة صحفية في العاصمة تونس أمس الأول، ما يقع في «سليانة» لحركة النهضة «بعد أن رفضت كتلتها في المجلس التأسيسي التهدئة مع المحتجين»، حسب قوله.