تتخذ محاولة إحياء اتحاد كتّاب إفريقيا وآسيا أهمية استثنائية في الوقت الراهن، الذي تحتاج فيه الشعوب والأمم التي تجمعها قواسم مشتركة (إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية) إلى «جبهة ثقافية إنسانية عريضة». إعادة إحياء هذا الاتحاد ذي السمعة الطيبة تاريخياً قبل أن يتجمّد ومن ثم «تُختطَف» نسخته الأصلية وتُجيَّر لتكريم «طغاة ومستبدّين» في انحرافةٍ واضحة عن مساره بعد وفاة أمينه العام لطفي الخولي (1999)، دعت إليها منظمة تضامن الشعوب الإفريقية- الآسيوية، التي شكّلت هيئة لهذه الغاية يرأسها رئيس المنظمة حلمي الحديدي. ويُعقَد مؤتمر دولي في القاهرة من 8 إلى 10 كانون الأول (ديسمبر) الجاري بمشاركة أكثر من 35 جهة إفريقية وآسيوية، يتم فيه انتخاب الرئيس وهيئة المكتب، وضمّ كتّاب أميركا اللاتينية، وإقرار الدستور واللائحة التنفيذية للاتحاد، والاتفاق على الصيغة التنظيمية، وإقرار لائحة العضوية ومعاييرها، إضافة إلى إقرار المكان الذي ستستقر فيه قيادة الاتحاد وإصدار مطبوعاته (مثل «اللوتس»)، والذي بات في حكم المؤكد أنه سيكون القاهرة. ويأمل الحديدي بإيجاد مناخ من التضامن والتبادل الثقافي بين دول الجنوب كلها، في ظل غياب الروابط بين الكيانات الصغيرة في زمن العولمة، القائم على التكتلات، وتحديداً العالم العربي بعد اندلاع «ربيعه». كان هذا الاتحاد لعب دوراً ثقافياً كبيراً في خمسينات القرن الماضي وستيناته، ويشار في ذلك إلى يوسف السباعي الذي كان سكرتيراً له في مرحلةٍ تبلور فيها مفهوما «عدم الانحياز» و «الحياد الإيجابي». وجاء التأسيس بمبادرة من الهند عام 1956، على هامش ندوة ثقافية أقيمت هناك لكتّاب آسيا حضرها ممثلو 17 بلداً آسيوياً، وذلك بُعيد العدوان الثلاثي على مصر الذي دفعَت نتائجُه باتجاه نشوء حركة عدم الانحياز، وتعزيز التضامن الآسيوي- الأفريقي. وقدمت الشاعرة الأوزبيكية «زولفيا» اقتراحاً باسم الوفد السوفياتي باستضافة مؤتمر تأسيسي لكتّاب القارتين يُعقد في طشقند. وشارك في تأسيس الاتحاد أعضاءُ من الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب الذي انطلقت فكرته عام 1954 وتأسس عام 1956. واتخذ المؤتمر من العاصمة الأنغولية مقراً له حتى عام 1964 قبل أن ينتقل إلى القاهرة. وبعد «كامب ديفيد» ومقتل يوسف السباعي في نيقوسيا (1978) تواصلت المناقشات لاختيار مقر جديد للاتحاد، ورُشّحت دمشق وأديس إبابا، لكن انهيار الاتحاد السوفياتي أدى إلى توقّف الاتحاد قبل وفاة لطفي الخولي الأمين العام الأخير له. اما لجنة الإعداد للمؤتمر المرتقب في القاهرة فتضم: حلمي الحديدي، محمد سلماوي، محمد السيد عيد، عماد أبو غازي، سلطان أبو علي، يوسف القعيد، شوقي جلال، عبدالمجيد أبو زيد، وصلاح فضل.