في ظل معاناة عدد من الصحف الورقية من تعديات صحف إلكترونية على منتجها الإخباري، من خلال إعادة بثه للجمهور من دون الإشارة إلى مصدره الأصلي، تبرز أهمية تحرك الصحف المتضررة إلى ملاحقة المتعدين بحسب الأنظمة المعمول بها في المملكة، بغية ضبط الأمر ومراقبته، وصولاً إلى القضاء عليه، وهو ما ذهب إليه مسؤولون وإعلاميون تحدثوا إلى «الحياة» في هذا الشأن. وأوضح وكيل وزارة الثقافة والإعلام المساعد للإعلام الداخلي الدكتور عبد العزيز العقيل أن ما ينشر في الصحف الورقية خاضع لنظام حماية حقوق المؤلف ولائحته التنفيذية، مشيراً إلى «حق الصحف الورقية في مقاضاة نظيرتها الإلكترونية، إذ ما تعدت على محتواها». وقال ل«الحياة»: «المادة 25 تخضع الأعمال الصحافية لنظام حماية حقوق المؤلف واللائحة التنفيذية الخاصة به، وبإمكان المتضرر رفع دعوى على مَنْ يتعدى على حقوقه، ومن ثم تنظر اللجنة المعنية في تفاصيلها، وفي حال توافرت فيها الأدلة والقرائن وثبتت صحتها، فستطبق العقوبات وفق نظام الحقوق». وطالب العقيل الصحف الإلكترونية التي لم تحصل على تراخيص رسمية، ب «تصحيح أوضاعها». لافتاً إلى أن الكثير من هذه الصحف حصلت على ترخيص رسمي، بعدما توافرت فيها الشروط المطلوبة. فيما اعتبر رئيس تحرير صحيفة الاقتصادية السعودية سلمان الدوسري، أن «الإعلام الإلكتروني يعيش فوضى برعاية رسمية من وزارة الإعلام»، محملاً في الوقت نفسه، هيئة الصحافيين مسؤولية متابعة الأمر ومعالجته أيضاً. وقال ل «الحياة»: «الأمر تجاوز نقل الأخبار، إذ إن بعض الصحف الإلكترونية ترسل رسائل جوال مدفوعة الثمن من مشتركين، تتضمن أخباراً خاصة بصحيفة الاقتصادية و»الحياة» وغيرهما، من دون الإشارة إلى المصدر، ما يعني أنهم يبيعون ويتربحون مما لا يملكونه في الأصل». وأضاف: «للأسف وزارة الإعلام تفرغت لحماية حقوق شركات عالمية، وهو أمر مقدر، ولكنها تقاعست عن حماية حقوق الصحف السعودية، خصوصاً أن غالبية الصحف الإلكترونية تعتمد في منتجها على الصحف الورقية»، مشدداً على «أهمية تحرك هيئة الصحافيين، وعدم ترك المسألة من دون رقيب، في ظل ما تتكبده الصحف الورقية من خسائر معنوية ومادية جراء هذه السرقات». وأوضح الدوسري: «لو تم تطبيق الأنظمة الموجودة في الدول الأخرى، لأغلقت غالبية الصحف الإلكترونية في اليوم التالي، إذ لا تستطيع تحمل تكاليف إنتاج المحتوى كما تفعل الصحف الورقية»، لافتاً إلى أن «وزارة الإعلام ترخص لصحف إلكترونية، لكنها لا تراقب اقتباساتها غير المشروعة، فبعض هذه الصحف، وإن ذكرت المصدر في السطر الرابع أو ما قبل الأخير، فهي تسرق عيني عينك». وبدوره، طالب رئيس تحرير صحيفة الشرق السعودية قينان الغامدي، ب«تطبيق القواعد المهنية حتى يكون هناك احترام للآخر، سواء من الصحف الإلكترونية أم حتى الصحف الورقية». وقال ل «الحياة»: «نحن في الشرق إذا اكتشفنا صحافياً أخذ من مواقع إلكترونية أو صحف ورقية زميلة، من دون أن يبلغنا أو ينسب لها ذلك في الصحيفة، فإنه يعرض نفسه لعقوبات قاسية جداً تصل إلى الفصل». وتابع: «هناك زملاء وزميلات يعملون في الصحف الورقية، وفي الوقت نفسه يتعاونون مع الصحف الإلكترونية، وهو ما يعزز من تسرب المحتوى أو اقتباسه من بعض الصحف، لذا آمل أن يكون هناك تعاون بين الجميع، للقضاء على هذه الظاهرة». ودعا الغامدي وزارة الثقافة والإعلام ب«سرعة البت في أية دعوى يمكن أن تتقدم بها أي صحيفة في هذا السياق، إضافة إلى أهمية تطبيق الصحف الورقية للقواعد المهنية». من جهته، أكد الأمين العام لهيئة الصحافيين السعوديين الدكتور عبدالله الجحلان، تشكيل الهيئة لجنة تنظر في هذه المسألة، وذلك على خلفية شكاوى تقدمت بها بعض الصحف الورقية. وقال ل»الحياة»: «ستقوم اللجنة بوضع بعض الضوابط التي تفعل الأنظمة الموجودة، خصوصاً أن نظام الحماية الفكرية رصد بعض الممارسات الخاطئة». وأضاف: «بعض الصحافيين لهم تعاون مع بعض الصحف الإلكترونية، ويمدونها ببعض الأخبار التي سترد في الغد، وفقاً لشكاوى وردتنا من صحف ورقية، لكن الأمر يحتاج إلى البحث في الجوانب كافة، لحفظ حقوق الصحيفة الورقية والصحيفة الإلكترونية من التعدي عليها من الجانبين». وتابع: «إن كان هناك تجنٍ من صحيفة إلكترونية على صحيفة ورقية أو العكس، يجب أن يكون هناك رد فعل ممن وقعت عليه الجناية، ويرفع لوزارة الثقافة والإعلام وفق التنظيم الذي ستضعه اللجنة المشكلة من هيئة الصحافيين»، مشيراً إلى أن «الهيئة ستتواصل مع الوزارة في تفعيل آلية متابعة الأمر، مع ضرورة أن يتقدم المتضرر بدعوى تثبت تضرره، فهو الأقرب والأقدر على اكتشاف التعدي إن وقع». الصحف الإلكترونية تُتهم مجدداً بالاستيلاء على محتوى الصحف الورقية.