في اقل من 24 ساعة، اسقط ابو عمر مروحية وطائرة حربية تابعتين للقوات النظامية السورية مستخدماً صاروخي ارض- جو من نوع «اس أ 16»، في خطوة يرى المحللون انها قد تبدل في مسار النزاع السوري. وروى هذا المقاتل في كتيبة «أحرار دارة عزة» التابعة للجيش السوري الحر كيف اسقط مروحية الثلثاء الماضي وطائرة مقاتلة من طراز «ميغ 23» الاربعاء، في المنطقة المحيطة بكتيبة الشيخ سليمان للدفاع الجوي في ريف حلب الغربي، وهي قاعدة للقوات النظامية يحاصرها المقاتلون. وأكدت مصادر عدة في الكتائب المقاتلة في المنطقة شهادة ابو عمر، منهم «ابو عبدالرحمن» قائد الكتيبة التي ينضوي تحت لوائها، وهو احد القادة الثلاثة الرئيسيين الذين يقودون المعارك في دارة عزة. ويقول ابو عمر من مقره في دارة عزة (30 كلم الى شمال غربي حلب): «كنا على علم بوصول مروحية الثلثاء الى قاعدة الشيخ سليمان». ويضيف: «وفق معلوماتنا، كانت المروحية قادمة الى القاعدة لتزويدها بالمؤن، ونقل عمداء وضباط كبار الى حلب. نصبنا لها كميناً، وأطلقت الصاروخ بعيد اقلاعها مجدداً من مقر الكتيبة». ويتابع الشاب ذو الوجه الدائري واللحية الداكنة والبالغ من العمر 27 عاماً: «كنا نعلم ان النظام سيبحث عن الانتقام في اليوم التالي (الاربعاء) بإرسال طائراته المقاتلة لقصف المنطقة. لذا نصبنا كميناً جديداً». يقول: «وصلت الميغ الساعة 10 صباحاً وكانت بمفردها» وسط اجواء صافية وسماء زرقاء، وعبرت «مرة اولى لإلقاء قذائفها التي ادت الى تضرر خمسة منازل. اطلقت الصاروخ حين كانت الطائرة تهمّ بالارتفاع مجدداً، وأصبتها». وأسقطت المروحية والطائرة بصاروخي ارض- جو من طراز «اس أ 16-غيمليت» السوفياتي الصنع، على ما يؤكد ابو عمر الذي يدعم قوله هذا بصورة يقول انها التقطت صباح الاربعاء قبل اصابة المقاتلة، ويبدو فيها مرتدياً نظارتين سوداوين ويحمل صاروخاً على الكتف. ويوضح ابو عمر ان المقاتلين المعارضين حصلوا على الصاروخين من الفوج 46 الذي سيطروا عليه قبل نحو اسبوعين، وهو قاعدة كبيرة للقوات النظامية في شمال غربي سورية. ويشير الى ان المقاتلين «يملكون ما يكفي (من الصواريخ المضادة للطيران) لإسقاط كل طائرات الجيش السوري (النظامي)». ويضيف: «بتنا مستعدين على مدار الساعة. سنفرض بأنفسنا منطقة حظر طيران من دون اي مساعدة من الدول الغربية». ومنذ ذلك الحين، لم يسجل تحليق او قصف لأي طائرة مروحية او مقاتلة في المنطقة المحيطة بكتيبة الشيخ سليمان. ويرى محللون ان تمكن المقاتلين المعارضين من اسقاط طائرات حربية ومروحية باستخدام صواريخ ارض- جو، يشكل نقطة تحول في النزاع ضد نظام الرئيس بشار الاسد الذي يعتمد على التفوق الجوي لقواته. وأشارت مصادر متعددة في اوساط المقاتلين المعارضين الى ان هؤلاء حصلوا على الصواريخ المضادة للطائرات بعد سيطرتهم على الفوج 46. بينما قال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبدالرحمن ان «الثوار تلقوا اخيراً عشرات الصواريخ من طراز ارض- جو» من دون ان يحدد نوعها. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» الاميركية عن مسؤولين استخباراتيين غربيين وشرق اوسطيين قولهم ان المقاتلين باتوا يملكون اربعين صاروخاً مضاداً للطائرات تسلموها حديثاً من قطر. وطور صاروخ «اس أ 16-غيمليت» خلال الثمانينات من القرن الماضي، ويبلغ مداه الاقصى خمسة آلاف متر، وحدود فعاليته على ارتفاع ثلاثة آلاف و500 متر. ويطلق من على كتف حامله، ويتمتع بنظام توجيه بصري وبالاشعة ما دون الحمراء. ويؤكد ابو عمر ان مقاتلين آخرين يتدربون حالياً على سبل استخدام هذه الصواريخ. ويضيف طالب الجغرافيا السابق هذا الذي بات يعد بطلاً وسط رفاق السلاح، ان «المنطقة المحددة حيث تنشر فيها الصواريخ تبقى سرية، وحتى انا لا اعرفها». يتابع: «ما يمكنني قوله هو ان هذه الصواريخ في مكان آمن تحت سيطرة الجيش الحر». يضيف: «لا داعي لأن يقلق الغربيون من وصول هذه الصواريخ الى الايدي الخطأ. لن يتمكن فصيل آخر من شرائها او الحصول عليها بالقوة». وتفرض سبع من كتائب المقاتلين المعارضين، بعضها ذات توجه اسلامي، حصاراً على كتيبة الشيخ سليمان، علماً أن عدداً من هؤلاء المقاتلين هم من الأجانب.