أكد خبراء أن قطاع البتروكيماويات الأكثر أهمية في منطقة الخليج، سيسجل قفزة نوعية في السنوات المقبلة، بعدما بوشر تنفيذ عدد من المشاريع الضخمة في المنطقة تتجاوز قيمتها 600 بليون دولار. وفي مقدم دول المنطقة المملكة العربية السعودية التي تحظى بحصة الأسد من خلال مشاريع «صدارة» و «بترورابغ 2» و «مصفاة جازان»، وتنفذها شركة «ارامكو» و «سابك» السعوديتان باستثمارات تتجاوز 200 بليون دولار. يُضاف إلى ذلك التوسع الكبير في القدرة الإنتاجية واعتماد استراتيجية النمو، من خلال الاستحواذ على أصول في الأسواق الرئيسة. وأشار الخبراء، في المنتدى السنوي للاتحاد الخليجي للبتروكيماويات (جيبكا) الذي افتتح أعماله في دبي أمس، أن القطاع في المنطقة «نما بنسبة 13.5 في المئة العام الماضي». واعتبروا أن هذه النسبة هي الأعلى في القطاع على مستوى العالم، خصوصاً أن الطاقات الإنتاجية في دول الخليج بلغت 121 مليون طن سنوياً، شكلت حصة المملكة منها نحو 67 في المئة». وتوقعوا أن «تصل إلى 126 مليون طن نهاية السنة». ورجحوا أن ترسم المشاريع قيد التنفيذ في المنطقة، والتي توصف ب «الاستراتيجية»، «خريطة هذه الصناعة لخمسة عقود، على رغم مرور القطاع بفترة صعبة في النصف الأول من السنة». وكان الطلب أقل من التوقعات نتيجة تراجع الاقتصاد الصيني والأزمة المالية التي تشهدها أوروبا، والتي أفضت إلى تراجع الطلب على البتروكيماويات هذه السنة، وإلى انخفاض أسعارها قياساً إلى مستويات عام 2011. وعلى رغم الاستثمارات الضخمة التي تضخها دول الخليج في القطاع، أكد المشاركون في المنتدى الذي حمل عنوان «تعزيز التنافسية في عالم سريع التغير»، أن «التحديات كبيرة أمام القطاع، تحديداً في مجال تطوير تقنيات إنتاج الغاز الصخري في الولاياتالمتحدة، التي وفّرت إمدادات ضخمة من الغاز، وأدت إلى تراجع في أسعاره وهي تقل حالياً عن 3 دولارات للوحدة، بعدما كانت تتجاوز 10 دولارات». ولم يخفِ منتجو البتروكيماويات المشاركون في المنتدى، الذي حضره أكثر من 1600 شخص، توافدوا من دول مجلس التعاون الخليجي وأوروبا والولاياتالمتحدة والبرازيل وتايلند، مخاوفهم من مستوى المعروض من البتروكيماويات في المنطقة، الذي يمكن أن يقلّص هوامش ربح المؤسسات المنتجة. كما أن اكتشاف كميات كبيرة من الغاز في الولاياتالمتحدة، ربما يخفّض تنافسية الشركات الخليجية المنتجة أكثر من 1.4 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي. وتوقع الأمين العام للاتحاد الخليجي للبتروكيماويات عبد الوهاب السعدون، أن «يؤثر الركود الاقتصادي العالمي سلباً على منتجي البتروكيماويات المحليين والعالميين، بفعل انخفاض العائدات، إضافة إلى تبني دول كثيرة في العالم سياسات تحمي صناعاتها الوطنية من خلال فرض رسوم جمركية وغيرها على المنتجات البتروكيماوية الخليجية». لكن الشركات المنتجة في دول الخليج تراهن على انتقال الثقل الاقتصادي من الغرب إلى الشرق في تعزيز تنافسيتها، إذ شدد السعدون، على أن انتقال ميزان القوة الاقتصادية الدولية إلى دول الشرق «دفع بمنتجي البتروكيماويات في منطقة الخليج إلى استكشاف الفرص المتاحة لزيادة طاقاتهم الإنتاجية وتنويع قاعدة منتجاتهم، بما يضمن زيادة العائدات الاقتصادية لهذا القطاع ومساهمته في الاقتصاد». وتحدث رئيس جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في السعودية تشون فونغ شيه، عن النمو الاقتصادي الذي تسجله منطقة شرق آسيا وتشمل اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة والصين. وأكد قدرة القطاع في المنطقة عموماً وفي السعودية خصوصاً، على «الحفاظ على تنافسيته، من خلال ضخامة الموارد البشرية المحلية المتاحة في المملكة التي يبلغ عدد سكانها 27 مليوناً، يشكل الشباب 70 في المئة منهم». وأفادت دراسة للاتحاد الخليجي للبتروكيماويات، صدرت على هامش المنتدى، بأن نسبة الصادرات إلى الإنتاج «تراجعت من 81 في المئة عام 2010، إلى 79 في المئة عام 2011، على رغم الزيادة الملموسة في الإنتاج». واعتبرت أنها «مؤشر إيجابي يعكس النمو المطرد في الاستهلاك المحلي نتيجة التوسع في الصناعات التحويلية في المملكة ودول المنطقة، وهو من السياسات التي تبنتها دول المجلس لخلق مزيد من فرص العمل لليد العاملة الوطنية». وعلى هامش المنتدى، أصدر الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات كتابه الإحصائي الأول بعنوان «صناعة البتروكيماويات الخليجية - حقائق وأرقام»، والذي أظهر أن «مساهمة البتروكيماويات من ضمن القطاع الصناعي في الناتج المحلي في دول المجلس بلغت نحو 17 في المئة نهاية عام 2011، وبلغت قيمة صادراتها 44.7 بليون دولار، بنمو 33 في المئة قياساً إلى مستوى عام 2010. وشكلت قيمة الصادرات البتروكيماوية الخليجية 43 في المئة من القيمة الإجمالية للصادرات غير النفطية عام 2011».