الفيفا ينشر «البوستر» الرسمي لبطولة كأس العالم للأندية 2025    إحباط تهريب 380 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر في جازان    مدرب البحرين: أعد بالتأهل لكأس العالم 2026    "الديار العربية" و"NHC" توقّعان اتفاقية تطوير مشروع "صهيل 2" بالرياض    القمر البدر العملاق الأخير    تركي آل الشيخ يعلن القائمة الطويلة للأعمال المنافسة في جائزة القلم الذهبي    قادة الصحة العالمية يجتمعون في المملكة لضمان بقاء "الكنز الثمين" للمضادات الحيوية للأجيال القادمة    جامعة أم القرى تحصد جائزة أفضل تجربة تعليمية على مستوى المملكة    المملكة تواصل توزيع الكفالات الشهرية على فئة الأيتام في الأردن    فريق قوة عطاء التطوعي ينظم مبادرة "خليك صحي" للتوعية بمرض السكري بالشراكة مع فريق الوعي الصحي    وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية فرنسا    الذهب يواجه أسوأ أسبوع في 3 سنوات وسط رهانات على تباطؤ تخفيف "الفائدة"    النفط يتجه لتكبد خسارة أسبوعية مع استمرار ضعف الطلب الصيني    جامعة أمّ القرى تحصل على جائزة تجربة العميل التعليمية السعودية    خطيب المسجد الحرام: من ملك لسانه فقد ملك أمرَه وأحكمَه وضبَطَه    خطيب المسجد النبوي : سنة الله في الخلق أنه لا يغير حال قوم إلا بسبب من أنفسهم    ميقاتي: أولوية حكومة لبنان هي تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701    بيهيتش: تجربة النصر كانت رائعة    صحيفة إسبانية.. هذا ما يمنع ريال مدريد عن ضم لابورت    "الخبر" تستضيف خبراء لحماية الأطفال من العنف.. الأحد    ليس الدماغ فقط.. حتى البنكرياس يتذكر !    البثور.. قد تكون قاتلة    قتل أسرة وحرق منزلها    أمريكا.. اكتشاف حالات جديدة مصابة بعدوى الإشريكية القولونية    أمين الأمم المتحدة يؤكد في (كوب 29) أهمية الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية    إصابات بالاختناق خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي بلدة الخضر جنوب بيت لحم    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    الرياض تستضيف النسخة الرابعة لمنتدى مبادرة السعودية الخضراء    جرائم بلا دماء !    الحكم سلب فرحتنا    الخرائط الذهنية    «قمة الرياض».. إرادة عربية إسلامية لتغيير المشهد الدولي    احتفال أسرتي الصباح والحجاب بزواج خالد    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    «السوق المالية»: تمكين مؤسسات السوق من فتح «الحسابات المجمعة» لعملائها    في أي مرتبة أنتم؟    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنظيم دروسها العلمية بثلاث مُحافظات بالمنطقة    باندورا وعلبة الأمل    6 ساعات من المنافسات على حلبة كورنيش جدة    مدارسنا بين سندان التمكين ومطرقة التميز    عاد هيرفي رينارد    لماذا فاز ترمب؟    علاقات حسن الجوار    الشؤون الإسلامية في منطقة جازان تقيم مبادرة توعوية تثقيفية لبيان خطر الفساد وأهمية حماية النزاهة    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    أمير المدينة يلتقي الأهالي ويتفقد حرس الحدود ويدشن مشروعات طبية بينبع    انطلاق المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات "الوباء الصامت".. في جدة    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    ذلك «الغروي» بملامحه العتيقة رأى الناس بعين قلبه    استعادة التنوع الأحيائي    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 إلى لبنان    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    أفراح النوب والجش    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    مقياس سميث للحسد    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أندريه مسكفين: الانتساب الحرّ إلى حنكة التاريخ
نشر في الحياة يوم 30 - 11 - 2012

يحكى الكثير عن مؤلف كتاب «أندريه مسكفين – مصور الروائع»، ياكف بوتوفسكي، (من إصدارات وزارة الثقافة السورية الأخيرة - 2012) وبترجمة محمد الخيمي. هو نفسه - المؤلف - تحول إلى أسطورة بمحاذاة موضوعه أندريه مسكفين. ويعزى هذا الأمر عادة وفي الأصل إلى قدرة بوتوفسكي وحذقه في معرفته السينماتوغرافيا من داخلها وليس كما يعرفها كثر من خلال «الدوران الفظ» من حولها. فإضافة إلى تبحره في وسائط النقد الفني باللغة الروسية ومعرفته أسرارها كان بوتوفسكي ضليعاً في تقنيات السينما نفسها، وملماً بعمل فنيي الإضاءة والمخابر والمؤلّفين ومهندسي الصوت. وهو كان يستطيع أن يتبنى أي شكل من أشكال المبادئ اللغوية الرئيسة ويفككه ويستوعبه قبل أن يحيله إلى مفهوم حول الصياغة الفنية والنقدية التي يمكن أن تقلل من «هيبة» عمله.
يروي محرر الكتاب بيتر باغروف أن أرشيف ياكف بوتوفسكي المنزلي مع بطاقات الفهرسة واللقاءات المسجلة تشكل – ربما – أفضل مكتبة في روسيا عن السينما. حتى إنه تحوّل إلى أسطورة شعبية تفيد بأنه يمكنه تأليف الكثير من الكتب من دون الاضطرار إلى الخروج من المنزل. ولكن بوتوفسكي غادر المنزل في الطريق إلى مسكفين ولم يعد إليه قبل الانتهاء من كتابه الموسوعي عنه، هو الذي كان يعتبر (1901 – 1961) واحداً من أمهر المصورين السينمائيين في العالم، وله يعود الفضل في إغناء المكتبة السينمائية العالمية بروائع الأفلام الروسية مثل («المعطف» – «فجر فوق نيمان» – «إيفان الرهيب» (الجزء الأول) – «السيدة صاحبة الكلب» – و «دون كيشوت»). صحيح أن بوتوفسكي قيّم أعمال مصورين آخرين، ولكنه كرّس عمل حياته لأندريه مسكفين فقط، وكان يؤمن بأن طريقه من «الرومانسية النقدية» إلى محاولات انسجام الفنان مع التكنولوجيا، يمر عبر هذا المصور بالتحديد لما عرف عنه من مهارة في إدارة الكاميرا، والسيطرة على تعقيداتها، وعوالمها الخفية بما ضمن بالفعل إنتاج الكثير من الروائع التي أثرت وأثّرت في مسيرة الفن السابع ككل.
أندريه مسكفين ينتمي إلى الجيل الأكبر سناً من صنّاع السينما السوفياتية الذين اخترقوا «حصون» هذه السينما من دون شهادات معاهد السينما، ومن دون أن يمتلك أدنى خبرة. ومع ذلك يمكن اليوم الإشارة من بعد الانتهاء من قراءة هذا الكتاب الضخم (485 صفحة من القطع الكبير) إلى أن مسكفين ينتمي إلى ذلك الجيل إلذي رفع من مقدار هذه السينما على المستوى العالمي، أو كما وصف سيرغي أيزنشتاين عمله من خلال التشديد على «شعور الشباب وثراء إبداعية عصر النهضة، حتى أنه قد يعد واحداً من الذين اقتسموا فيما بينهم أقنعة عمالقة الماضي».
وقد تربطه مثلاً بعوالم ليوناردو دافينشي، قواسم فنية خاصة فضلاً عن بعض السمات المشتركة مع بعض هؤلاء الذين تنتمي إليهم المواهب الفنية، وليسوا هم من ينتمون إليها، وكأن عقل العالم المحلل يباهي هنا بالتفريط بمثل هذا الفن من دون أن يفرط بصنّاعه، لأن واحداً مثل أندريه مسكفين كان يوجد بالشغل فيه، وهو المولود من أحدث تقنيات تلك المرحلة الذهبية التي عاشتها هذه السينما، ما يعني أن مصور الروائع كان ينتمي كلية بقدراته ومواهبه إلى مكانة مميزة تضع الفنان والعالم على مسافة واحدة، وتمنحه ذلك القناع العملاق من المستقبل.
لقد كان أندريه مسكفين - وفق بوتوفسكي – يعرف كيف ينفذ إلى جوهر الفيلم ليس من خلال العدسة والإضاءة فقط. كان يتغلغل في مسامات السيناريو الأدبي، ويفني ذاته في محاولة الوصول إلى أعماق مؤلف الفيلم أكثر من أي شيء ثانٍ. ومثله مثل الفنانين الكبار، كان يدرك أن التقنيات مسألة يمكن الوصول إليها بسهولة، أما العقبة الأكبر التي كانت تحتاج إلى كل تأنٍّ، فتكمن بالتأكيد في عملية الوصول إلى فرادة كل شخص كان يعمل معه، لأنه كان يدرك، ببصيرة نفاذة، أنه يوجد لدى كل شخص شاعرية مختلفة عما لدى الآخرين، وإن كان يعرف في داخله أن نيكولاي غوغول صاحب هذه الفكرة كان يشير في الوقت ذاته إلى تبادل الصداقات المشتركة، وهي وحدها التي يمكنها إتاحة الفرصة لكي يرى الفنان الجميع بوضوح، ومن كل الجوانب. وهذا ربما ما كان يفعله المصور مسكفين في حياته الشخصية حين لم يكن يقترب من الكاميرا.
يمكن القول إن التاريخ عادة يضع كل شيء في مكانه الصحيح في شكل عام، وعندما سيطبق هذا على الأيام الخوالي، سيمكن التأكد من صحته حين يقيم دور أندريه مسكفين في وثبة السينما السوفياتية على رغم «أفول» من كان مسبباً لها، إلا أن تقويم دور الفنان هنا سيكشف عن ثروة طائلة في فن التصوير السينمائي يمكن أن تتموضع في مكانها الصحيح بالانتساب إلى حنكة التاريخ حتى لو غدر بالمسبب، إلا أن أندريه مسكفين الذي استولى على قناع من أقنعة العمالقة يمكنه أن يحمي نفسه من غدر الأفول وطوفانه ومسبباته. على بوابة فيلم «بابل الجديدة» الذي صوره مسكفين عام 1928 سيكتب نقلاً عن يوري تينيانوف إن «الزمن يتخمر في الدماء باستمرار، ولكل مرحلة نوع من التخمر خاص بها».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.